نقلا عن القبس الكويتيتة : امتزجت علامات الاندهاش بملامح الإرهاق على وجه المفكر المصري الدكتور نصر حامد أبو زيد، بعد عودته إلى مطار القاهرة في الساعات الأولى من فجر أمس، اثر منعه من دخول الكويت وإبقائه في ترانزيت المطار لحين إعادة تسفيره.. وكان في استقباله قيادات أمنية مصرية رفيعة المستوى اصطحبته من باب الطائرة إلى صالة الوصول في دقائق معدودة، مقدمين له تسهيلات الخروج كافة.. «القبس» كانت في انتظار الدكتور المصري فور خروجه، وبدا مندهشاً مما حدث له، وقال «هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها الكويت، وقد وجهت إلي دعوة كريمة لإلقاء محاضرتين عن تطوير الخطاب الديني، ومكانة المرأة في الاسلام، وفوجئت فور وصولي إلى المطار بمن يبلغني بأنني ممنوع من دخول البلاد، وعندما استفسرت عن سبب المنع، قال الموظف المسؤول «انها تعليمات وليس لي علم بها». وأضاف أبو زيد «لم يكن اسمي مدرجاً على قوائم الممنوعين من الدخول، وحصلت على تأشيرة رسمية، ولم يتم إبلاغي بأنني قد أواجه أي مشكلة من أي نوع، وحقيقة فوجئت بما حدث لأنني كنت أعتقد ان الديموقراطية والليبرالية مترسختان في الكويت». وأوضح أبو زيد ان منعه ربما جاء «بسبب خلاف النواب الإسلاميين مع الحكومة التي رضخت لهم، لكن هذا مؤشر مقلق على مفهوم الحريات في البلاد العربية»، مشيراً إلى «ان ما حدث لن يثينه عن مواصلة مشروعه التنويري». أبو زيد الذي، كانت زوجته الدكتورة ابتهال يونس في انتظاره، سارع بالمغادرة عقب تصريحاته ل «القبس»: وقال «لقد أرهقت بشدة من طول الانتظار ولم تراع مكانتي ولا سني.. اتركوني كي أستطيع الراحة بعد هذا اليوم الشاق». وأثار قرار المنع مفاجأة في الأوساط الثقافية المصرية التي أبدت دهشتها من إقدام الكويت على مثل هذه الخطوة، خصوصا ان «الديموقراطية الكويتية» محل فخر في المنطقة العربية، وفق ما أكدوا ل «القبس». رئيس المركز القومي للترجمة الدكتور جابر عصفور قال ل«القبس»: أولا، ان يتدخل اي شخص او اي قوة لمنع مفكر من طرح أفكاره فهذا نوع من الإرهاب، «ارهاب سياسي، او ارهاب فكري، او ارهاب ديني، سمّه ما شئت من مسميات الإرهاب» الذي ينبغي أن يرفضه، ويدينه الأحرار والشرفاء في كل مكان من العالم. ثانيا: حكم الردة الذي صدر ضد الدكتور نصر حامد ابو زيد في عام 1995 والأمر بالتفريق بينه وبين زوجته، تم ايقافه بناء على حكم قضائي من المحكمة ببطلانه. أما الأديب يوسف القعيد، فقد استنكر قرار المنع، قائلا: هذه جريمة يرتكبها الاسلاميون في الكويت ضد رموز الاستنارة، وفرحنا كثيرا عندما قام البرلمان الكويتي بتقديم اول استجواب في الوطن العربي لرئيس الوزراء، ولوزير الدفاع، وكنا نحسد الكويت على ديموقراطيتها، ولكن جاء قرار المنع الذي اعتبره كلاما فارغا، ويعد بمنزلة القاء التراب على الإنجاز الديموقراطي الذي حدث في دولة الكويت. رئيس تحرير جريدة القاهرة الصادرة عن وزارة الثقافة المصرية صلاح عيسى قال ل«القبس»: للأسف الشديد، ان الكويت التي كانت تعتبر واحة الديموقراطية في الخليج، والتي بنيت على أساس واسع للحريات العامة، يتم هدمها اليوم بعد نشاطات الجماعات الاسلامية السلفية المتزمتة، التي صنعت مشكلات كبيرة في الكويت، خاصة بعد فترة الاحتلال، وتمثلت هذه المشكلات في اثارة الضجيج حول بعض الكتب التي تم منعها من العرض في معرض الكتاب، ومنع اقامة بعض الحفلات، والضغط على بعض الصحف الكويتية حتى غيرت اتجاهاتها، بالإضافة للإشكاليات التي تحدث حول سفور المرأة بشكل عام، وسفور المرأة في البرلمان وبعض الإدارات بشكل خاص، الى آخره من مشكلات. وواصل عيسى قائلا: هذا الخبر عن منع الدكتور نصر حامد ابو زيد من دخول الكويت خبر منطقي تماما مع التنامي المتواصل لنفوذ التيار الديني الاسلامي المتشدد في الكويت، وسوف تتعرض حرية التعبير والرأي هناك الى الكثير من المشكلات في الأيام القادمة، مع تنامي هذا التيار.