دعا مركز الحوار الكويتي، المفكر المصري الشهير نصر حامد أبو زيد لإلقاء محاضرة عامة، وفي المطار منعت السلطات أبو زيد من دخول البلاد، بعدما تلقت ضغوطاً من التيار الإسلامي في مجلس الأمة. وخلال ساعات تحول قرار منع أبو زيد من دخول الكويت الى قضية في أوساط المثقفين العرب، لكن أحداً من هؤلاء لم يعترض على قرار بعض الدول الغربية منع دخول مفكرين إسلاميين إليها، فضلاً عن أن بعضهم أيد مواقف الحكومات الغربية وصفق لها، على رغم أن دافع القرار في الحالين هو الاختلاف الفكري مع الأشخاص. موقف حامد أبو زيد كان أفضل حالاً من المتحمسين لقرار منعه، فهو قال تعليقاً على القرار: «إن الدولة استعانت بالمثقفين وجندتهم باسم الحرب على الإرهاب، وفي هذه المساندة لم ينتج المثقف معرفة حقيقية بأسباب نشوء الإرهاب، ولم يستطع أن يرى ما تمارسه السلطة السياسية من إرهاب. المثقف يجب أن يكون حارس قيمٍ لا كلب حراسة»... كأن أبو زيد، بقصد أو من دونه، يرد على الذين تعاطفوا مع قرار منعه من دخول الكويت، ويقول لهم ان حرية التعبير ليست ممارسة انتقائية. وإذا كان المثقف الليبرالي يدافع عن حق أبو زيد في التعبير عن رأيه، فعليه أن يمنح المفكرين الإسلاميين الحق ذاته. كل أمة تلعن أختها. هذا هو حالنا في العالم العربي. و الفلاسفة يقولون «الوعي ممارسة»، لكن الليبراليين العرب لا يمارسون وعيهم، ويتمسكون بحرية ناقصة وانتقائية ومشوهة. وإذا كان القرضاوي وصالح الفوزان، وعبدالمجيد الزنداني، يمثلون في نظر الليبرالية - غربية كانت أم عربية - فكراً متطرفاً، فإن نصر حامد أبو زيد يمثل النظرة ذاتها عند المثقفين الإسلاميين. والحرية لا تميز بين الأفكار في الدفاع والحماية. الأكيد أن التعامل مع الفكر بمقاييس الجرائم الجنائية خور حضاري، ونهج خطير ومرفوض، فضلاً عن أن الرفض المتبادل بين الإسلاميين والليبراليين، دليل على ضيق الأفق والارتباك والضحالة. وإذا كانت الحداثة اعتمدت على تحرير العقل من أسر الفهم الديني، فإن الليبرالية العربية في حاجة الى تحرير نفسها من الاستبداد والانتقائية وضيق الأفق. تبقى الإشارة الى أن قرار دولة الكويت ليس بدعة، فالولايات المتحدة كانت تمنع الشيوعيين من دخول أراضيها، لكن البدعة المؤسفة أن بعض الليبراليين في العالم العربي أصبح، على رأي أبو زيد، كلب حراسة.