رغم تأكيد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن الرئيس السوري بشار الأسد ليس له دور في مستقبل سوريا، وأن الطريق الوحيد لحل الأزمة سيكون عبر الحل السياسي بعد رحيل الأسد وإجراء انتخابات بإشراف الأممالمتحدة؛ تتردد بين وقت وآخر أقاويل عن تبديل في الموقف السعودي تجاه النظام السوري، وقبول المملكة بمرحلة انتقالية للأسد، في محاولة للتشويش على الموقف السعودي الذي يضع مصلحة الشعب السوري (لا النظام) فوق كل اعتبار. وخلال الأيام الماضية، انبرت صحف محسوبة على نظام بشار للحديث عن لقاء وصفته ب"اللقاء المعجزة"، زعمت أنه تم على الأراضي السعودية، وبالتحديد في مدينة جدة"، بين مسؤولين سعوديين من جانب وبين وفد سوري برئاسة علي مملوك أحد أبرز القادة الأمنيين في نظام بشار؛ وذلك بحضور مسؤولين استخباراتيين روس. تأكيد عقد اللقاء بعد نفيه -------------------------------- ورغم أنه لا يوجد ما يؤكد صحة هذا اللقاء المزعوم، فإن صحيفة الحياة بدورها أفادت -نقلًا عن مصادر سعودية وصفتها بالمطلعة- بأن اللقاء قد تم، وأكدت المصادر للصحيفة أن "المملكة لم تتخلَّ ولن تتخلى عن الشعب السوري، وأنها ربطت مصير الأسد (خلال اللقاء) بعملية سياسية في سورية شرطها الأول انسحاب إيران والميليشيات الشيعية التابعة لها و(حزب الله) مقابل وقف دعم المعارضة، ليبقى الحل سوريًّا – سوريًّا؛ ما يمهد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بإشراف الأممالمتحدة". وأضافت المصادر أن اللقاء الذي سُمِّي ب"اللقاء المعجزة"، جاء على خلفية التردد الروسي في وضع حد لممارسات النظام السوري. وعزز ذلك، الانطباع السائد لديهم بأن دعم السعودية للمعارضة السورية هو ما يؤجج الإرهاب على رغم ما تم تقديمه من أدلة، وأنه مع الشعور السعودي بأن الروس على قناعة بأن الرياض تعوق الحل السياسي من خلال دعم المعارضة. وأكدت المملكة أنها على استعداد لفعل أي شيء لوقف نزيف الدم السوري، وطلبت من موسكو تقديم أي مبادرة تضمن حلًّا بديلًا عن جنيف. وأكدت المصادر أن الروس لم يقدموا إجابة، ولعلهم لم يتوقعوا أو يستعدوا لمثل هذا الطرح، كما قالت المصادر ذاتها. والتقطت السعودية الفرصة، وقدمت رؤية لإحلال السلام الذي يرضى به السوريون، وتعرية الأسد أمام الروس إثر اقتراحهم الجلوس مع أركان نظامه، وفقًا ل"الحياة". وذكرت المصادر أنه "تم بالفعل الترتيب لعقد لقاء بوساطة روسية، ووصل مملوك إلى جدة يرافقه مسؤولان رفيعا المستوى؛ أحدهما في الاستخبارات السورية، والآخر في وزارة الخارجية، بعدما نسقت السعودية مع حلفائها، وهو ما كان يجهله الأسد؛ إذ حاول الحصول على إذن لطائرة مملوك عبر إحدى سفاراته في الخليج لرغبته في تسريب الخبر. وعرضت السعودية رؤيتها للحل التي تشترط وقف دعم المعارضة مقابل إخراج عناصر حزب الله وإيران والميليشيات الشيعية المحسوبة عليها ليكون الحل سوريًّا – سوريًّا. وأكدت المصادر أن "السعودية لم تطلب من النظام الابتعاد عن إيران ثمنًا للتقارب مع الأسد"، مضيفةً: "ليس صحيحًا ما ذكر من أن أساس مشكلة السعوديين مع بشار الأسد هو تحالفه مع إيران"، معتبرةً أن علاقة سوريابإيران ليست وليدة اليوم، ولم تكن -لذلك- أي إشكالات مع النظام هناك"، وشددت على أن مملوك طلب "فرصة للتفكير" في ختام اللقاء فيما يتعلق بكيفية التعامل مع حزب الله. وسخرت المصادر من الأنباء التي تحدثت عن تحالف رباعي يضم السعودية والأسد وتركيا والأردن لمحاربة الإرهاب، وعلى رأسه "داعش"، وقالت: "لم يطرح أي من ذلك"، وهو ما ذهب إليه أيضًا الكاتب الشهير جمال خاشقجي، عندما قال ساخرًا: " ولو صبرنا طويلًا لانضمت إيران والحشد الشعبي العراقي إلى هذا (التحالف المستحيل)". ونفى "خاشقجي" انعقاد مثل هذا اللقاء من أساسه، في مقاله، السبت (8 أغسطس 2015)، بصحيفة "الحياة"، مشيرًا إلى أن "الموقف السعودي تعرض للتشويش خلال الأسبوع الماضي، بين تسريب أن الاستخبارات الروسية رتبت لاجتماع بين مسؤولين سعوديين وسوريين بارزين للمرة الأولى منذ حلت القطيعة بين البلدين نهاية 2011، فبنى عليها محللون سيناريوات فحواها أن المملكة ستتخلى عن الشعب السوري في معركته من أجل الحرية، إلى قائل إنها بصدد عقد صفقة مع إيران بوساطة روسية وقبول أمريكي مقتضاها "سوريا مقابل اليمن". وأكد خاشقجي أن السفير السعودي في القاهرة أحمد القطان نفى كل ذلك، في تصريحات لرؤساء تحرير الصحف المصرية، لكن التصريحات المهمة هذه تاهت وسط كثير من التصريحات غير المهمة. وقال خاشقجي: "مرة أخرى انهار هذا المشروع أو (التسريب) بتسريب آخر، وفي ليلة الاجتماع نفسها نسبته صحيفة (العرب) القطرية إلى مصادر داخل اجتماع الدوحة فحواه أن دول الخليج - وعلى رأسها السعودية- رفضت مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الداعية إلى تشكيل حلف إقليمي يجمع دول الخليج وتركيا مع نظام الأسد في مواجهة المجموعات المتشددة، وعلى رأسها تنظيم الدولة". وبالعودة إلى صحيفة الحياة، فإن المصادر السعودية قالت: إن "الأسد يشعر بالحنق لعلمه بتفاصيل المفاوضات مع حليفيه روسياوإيران، بل يشعر بالرعب الآن؛ لكون المفاوضات وصلت إلى حد التساؤل عمن سيقبل استضافته"، وشددت على أن "القصة ليست مع الإيرانيين وحدهم، بل إن الروس أيضًا باتوا يناقشون مرحلة ما بعد الأسد". ولفتت المصادر إلى أن الوفد الروسي الذي حضر اللقاء مع مملوك لم يرافقه على الطائرة نفسها، بل وصل في طائرة أخرى ليكون شاهدًا، لا طرفًا ضامنًا للأسد الذي يعي أن سحب موسكو رعاياها من سوريا أمر جاد، فضلًا على الموقف الروسي من القرار الدولي رقم 2216 الخاص باليمن.