يقع على كاهل المرأة في رمضان الجهد الأكبر في تحضير وجبتي الإفطار والسحور، ولا يقدم الرجل في هذا الإطار إلا مشاركات خجولة. فقبل ساعة من الإفطار يشهد المطبخ خلال الشهر الفضيل حركة دؤوبة، إذ إن الاستعدادات تكون على قدم وساق لتجهيز مائدة الإفطار التي يغلب عليها التنوّع والتعدد في الأصناف عند كثيرين في المجتمع السعودي، فتشمل المشروبات والأطباق الرئيسة فضلاً عن الحلويات المختلفة، ما يدعو إلى زيادة الأعباء الوظيفية على ربة المنزل، كونها هي المطالبة بتحضير سفرة متنوعة. وعلى رغم التنوع في أصناف الطعام، فإن أسراً تشعر بالملل من أكلات رمضانية في آخر الشهر، ما يدفعها أحياناً إلى البحث عن بدائل في المطاعم أو الاكتفاء بوجبات خفيفة اعتادت عليها قبل الصيام. وتساعد الفتيات أمهاتهن في إعداد الوجبات، إذ يجدنها فرصة لتعلّم الطبخ وابتكار وصفات جديدة، فيما يكتفي إخوتهن بالترقّب تارة، أو بالتردد إلى المطبخ بين ساعة وأخرى في محاولة منهم للاطمئنان إلى أن كل شيء يسير على ما يرام، وأن هناك مائدة شهية تحضّر للإفطار، فيما آخرون يطالبون أخواتهن بتحضير بعض الأصناف، أو الإكثار من أكلات معينة يفضلونها على المائدة. وقالت هند الشريم إنها تعاني كثيراً من الضغط اليومي عند تحضير الطعام في رمضان، خصوصاً أنها من دون عاملة منزلية تساعدها، وتضيف: «زوجي يحب دخول المطبخ أثناء تحضيري للطعام حتى يتأكد بنفسه أن الوجبات توافق رغبته، ثم يدلي بملاحظاته»، مشيرة إلى أنه يفضل المقليات مثل «السمبوسة» التي يحرص على وجودها يومياً، كما أنه لا يبالي إن كان الطعام صحياً أم لا، ما يجعلها تعدّ الطعام بما يتناسب مع ذوقه. كما تراعي ألا تقل قائمة الطعام عن خمسة أصناف كي ترضي جميع أفراد عائلتها. وأوضحت أفنان العتيبي أن اهتمامها بالمطبخ يزداد في شهر رمضان وتعدّ أطباقاً جديدة كل يوم، وقالت: «أبحث في مواقع إلكترونية عن طبخات مبتكرة ولذيذة، وأصنعها بنفسي لأهلي وقريباتي، فيما أخي الأكبر لا يرضى بشيء، فعلى رغم أنه يتناول ما أقدّمه من أصناف، فهو ينتقدني كثيراً ويذمّ بطعامي ما يدفعني إلى التشاجر معه». بينما الحال اختلف مع ثلاثة أخوة شعروا بمعاناة والدتهم وأخواتهم في عملية الطبخ اليومي وتحضير الطعام بأشكال متنوعة، فقرروا مساعدتهن في ذلك. ثم طلبوا من والدتهم عدم دخول المطبخ ومنحها إجازة راحة على أن يتولّوا تحضير وجبة الإفطار، وارتأوا أثناء ذلك تَشَارك صورهم في المطبخ مع أصدقائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وسرعان ما انتشرت في «تويتر»، وبعد دقائق معدودة شهدت تغريدة تصف ما قاموا به تداولاً على نطاق واسع بين أوساط السعوديين، مثيرة إعجابهم وتعليقاتهم عليها لا سيما من النساء اللواتي رغبن في الاقتران برجال على شاكلتهم. وقالت إحداهن في تغريدتها: «مثل هذا مطلوب عاجل»، وعلّقت أخرى: «يكفي أنهم شعروا بمعاناتنا». فيما غردت سيدة: «أتمنى من زوجي أن يعفيني من تحضير وجبة الإفطار غداً». كما تم تداول مبادرة الإخوة عبر تطبيق «واتس آب» باعتبارها خطوة إيجابية تحمل في طياتها المشاركة الوجدانية للمرأة، وتخفيف أعباء الطهو عنها في أيام رمضان والإحساس بمعاناتها اليومية.