سيتعين على الحكومة السعودية خفض إنفاقها بنحو 20.6% في 2015 و47.8% في 2016 إذا ما أرادت تجنب تسجيل عجز في ميزانيتها إثر تراجع أسعار النفط وانخفاض دخل المملكة من مبيعات الخام، بحسب تقديرات شركة جدوى للاستثمار. وقدرت جدوى أن تسجل ميزانية السعودية، فائضا هذا العام بنحو 61 مليار ريال بحسب متوسط سعر خام برنت عند 102 دولار لأن الأسعار كانت عالية في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام. فيما توقعت عجزا العام المقبل بنحو 78 مليار ريال أي ما يعادل 2.7% من الناتج الإجمالي المحلي إذا لم تخفض السعودية إنفاقها من المستوى المتوقع عند 1.01 تريليون ريال، نظرا لأن الإيرادات المتوقعة للحكومة ستكون 934 مليار ريال خلال العام المقبل. وتعتقد جدوى في تقريرها الصادر هذا الأسبوع الذي حصلت «مكة» على نسخة منه أن العجز سيكون أشد في 2016 وقد يصل إلى 164 مليار ريال أو ما يعادل 5.7% من الناتج الإجمالي المحلى لأن الإيرادات النفطية قد تهبط أكثر مع هبوط أسعار النفط. وقال كبير الاقتصاديين ورئيس إدارة الأبحاث في جدوى للاستثمار فهد التركي ل»مكة» إن ميزانية الدولة مرتبطة ارتباطا كبيرا بأسعار النفط حيث تعتمد عليه بنحو 90% وفي حالة ارتفاع تنوع القاعدة الاقتصادية من خلال القطاعات الصناعية الأخرى ستنخفض نسبة الاعتمادية على النفط إضافة إلى التركيز في إدارة الاحتياطيات. وأشار التركي إلى أن استراتيجية الإنفاق لم تتغير منذ 10 أعوام لكن تغير حجم الإنفاق على الأولويات ومن المتوقع أن يكون لتنمية الموارد البشرية نصيب كبير في الميزانية كالتعليم والصحة، إضافة إلى الإسكان والنقل. 95 % احتياطات أجنبية --------------------------- لكن هل الاقتصاد السعودي مهدد إذا ما انخفضت أسعار النفط إلى المستويات التي توقعتها جدوى؟ وهل سيعود الاقتصاد السعودي إلى أيام الثمانينات والتسعينات عندما أدى الهبوط في أسعار النفط إلى تباطؤ الاقتصاد وتفاقم الدين العام؟ تقول جدوى إن هناك العديد من المخاوف لدى القطاع الخاص من العودة إلى تلك الأيام ولكن هذا الأمر لا يبدو صحيحا نظرا للوضع المالي القوي للحكومة في السنوات الأخيرة. وترى أن الوضع القوي للاحتياطيات الأجنبية للسعودية التي تبلغ 95% من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى انخفاض مستوى الدين العام إلى أقل من 2% من الناتج، سيضعان الحكومة السعودية في وضع مريح يتيح لها التأقلم التدريجي مع المستوى الجديد لأسعار النفط المنخفضة، وتفادي إجراء خفض حاد في الصرف في الميزانية يؤدي إلى إعاقة أداء القطاع الخاص. وتتمتع السعودية باحتياطيات مالية ضخمة بعد بلوغ الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد بنهاية أكتوبر 2784 مليار ريال. أما الدين العام للسعودية بنهاية 2013، فلم يتجاوز 75 مليار ريال. 85 دولارا متوسط برنت ----------------------------- وافترضت جدوى لسيناريو ميزانية 2015 أن يبلغ متوسط سعر نفط برنت في العام المقبل 85 دولارا وأن يكون متوسط إنتاج السعودية النفطي عند 9.6 ملايين برميل يوميا. أما في 2016، فتتوقع جدوى أن تنخفض أسعار نفط برنت إلى 83 دولارا في الوقت الذي سينخفض فيه متوسط إنتاج السعودية اليومي إلى 9.4 ملايين برميل. وتتوقع أن تنخفض إيرادات السعودية من بيع النفط الخام بدءا من هذا العام إذ ستصل إلى 1.01 تريليون ريال وستسجل 823 مليار ريال في العام المقبل و717 مليارا في 2016، ما لم ترتفع أسعار النفط. والسعودية أكبر مُصدر للنفط في العالم بنحو 7.6 ملايين برميل يوميا، كما أن إنتاجها من النفط يقترب من 10 ملايين برميل يوميا، وطاقتها الاستيعابية بحدود 12.5 مليون برميل نفط يوميا. ويشكل النفط نحو 90% من إيرادات السعودية. ونما الاقتصاد السعودي بنسبة 3.8% في 2013، ليبلغ الناتج الإجمالي المحلى 1264 مليار ريال، مقابل 1218 مليار ريال في 2012. وأدت تراجعات أسعار النفط إلى تخفيض وكالة التصنيف الائتماني العالمية ستاندرد آند بورز، النظرة المستقبلية للسعودية من «إيجابية» إلى «مستقرة»، إلا أنها أبقت على التصنيف السيادي للدولة عند -AA على المدى الطويل. وقال صندوق النقد الدولي في سبتمبر الماضي، إن آفاق الاقتصاد السعودي لا تزال إيجابية على المدى القريب، متوقعا أن يرتفع معدل النمو ليصل إلى 4.5% خلال عامي 2014 و2015. فيما توقع الصندوق تسجيل المالية العامة عجزا في 2015. وذكر الصندوق حينها، أن التوقعات تشير إلى أن حجم الإنتاج النفطي لن يتغير مستواه كثيرا عن 2013 نظرا لأن النمو القوي المستمر في إنتاج أمريكا الشمالية يكفي لتلبية الزيادة في الطلب العالمي.