الصحفيون والأطباء والقضاة في المملكة يتصدرون قائمة المصابين بالقلق والتوتر الإيجابي بنسبة تقدر ب 75 % مقارنة بالمهن الأخرى في التعليم والطيران والأعمال الحرة ورجال الأمن، حيث شكل أصحابها 25 % في نسبة القلق والتوتر اليومي.. الحقيقة كشفها ل «عكاظ» خبير الطب النفسي الدكتور محمد الحامد وعزا أسباب تصدر الصحفيين والأطباء والقضاة قائمة القلق الإيجابي إلى طبيعة المهنة وضغوطها النفسية، حيث يلاحظ أن مهنة الصحافة تتطلب المواجهة والاصطدام مع الآخرين بجانب التعرض للمخاطر في التغطيات الميدانية. القضاة كما يقول الحامد يواجهون مهمة البت في قضايا حساسة مرتبطة بأفراد المجتمع، والأطباء بطبيعة مهنهم يواجهون ويتعايشون مع حالات مرضية خصوصا أطباء الباطنة والجراحين، حيث يعملون على تحديد مصير إنسان مريض أو مصاب. وأشار خبير الطب النفسي إلى أن هناك فرقا بين القلق الطبيعي المرغوب كقلق أيام الامتحانات أو إنجاز مهمة، وبين القلق المرضي الذي يحتاج إلى تدخل الأطباء النفسيين ويستوجب العلاج الدوائي. موضحا أن القلق النفسي العام يعرف على أنه التوتر وانشغال البال لأحداث عديدة في أغلب اليوم أو بشكل متواصل على مدى أيام، وقد يكون مصحوبا بأعراض جسدية كآلام العضلات والشعور بعدم الطمأنينة، وعدم الاستقرار وضعف التركيز واضطراب النوم والشعور بالاعياء، وكل هذه الأحاسيس والمشاعر كثيرا ما تؤثر على حياة المريض الأسرية والاجتماعية والعملية وغالبا ما تصيب الأعمار الأولى من الشباب لكنه يحدث لجميع الأعمار. الحامد أكّد أن حياة التمدن والتقنيات والتطور في شتى مجالات الحياة، أسهمت في زيادة إصابات القلق والتوتر في المجتمع، داعيا إلى وضع برامج توعوية مقننة تهدف إلى تعريف المجتمع بمضاعفات هذه الأمراض وما يترتب عليها من انعكاسات على صحة الإنسان، فالفرد أيضا يتحمل 75 في المئة من مسؤولية زحف الأمراض المكتسبة بعدم تقيده ببرامج التوعية واستهتاره بالمضاعفات المترتبة بسبب غياب الوعي الصحي. وألمح إلى أن اضطرابات النوم تشكل أهم افرازات الأمراض النفسية وتمثل 40 % من الحالات، حيث أن الشخص المصاب بأي عارض نفسي حتى لو كان «قلق» طبيعي فإنه يشكو من اضطراب النوم، إذ يشكل الحرمان المزمن للنوم أهم الاضطرابات السلوكية والاجتماعية في المجتمعات المدنية، ويلاحظ انتشار هذه المشكلة الاجتماعية في المملكة وغيرها من المجتمعات العربية بسبب حالة القلق التي يعيشها الفرد نتيجة انشغاله الدائم مع معطيات الحياة، ناصحا الأشخاص الذين يعانون من أي عوارض نفسية بعدم إهمال مراجعة الطبيب لتشخيص الحالة وتحديد العلاج. وخلص الحامد إلى القول: إن نقص الوعي بالأمراض النفسية غير الإيجابية بجانب الخجل المرتبط بهذه الأمراض شكل أهم العوائق المؤدية إلى عدم التشخيص الصحيح وحرمان المريض من الحصول على العلاج المناسب، مؤكدا أن هناك العديد من المرضى يتجاهلون نصائح الأطباء في استخدام العلاج وهو ما يمثل مشكلة أخرى، ومن هنا فإن تفعيل البرامج النفسية وتكثيف الوعي بأهمية التشخيص يحد من انتشار الأمراض النفسية ويوفر العلاج للمرضى.