الحياة الزوجية مسألة حياتية يجب أن يتعامل معها الطرفان بنظرة شمولية وعميقة ولا يجب أن يقتصر أحدهما على النظر إلى التفاصيل حتى تنجح هذه الحياة المشتركة، أما تفاصيلها فيجب أن تعالج بشكل ممنهج لا عشوائي، وتعد الصراحة الوسيلة الأنجع لحل الإشكالات والخلافات عن طريق الحوار، إلا أنها وحدها لا تكفي إذ لا بد من توفر عناصر أخرى لنجاح الحوار الصريح وهي الثقة المتبادلة والتوافق يبن الزوجين في الميول والانسجام في التفكير. وبحسب تحقيق نشرته "العرب" اللندنية، فإن البعض يرى أن علاقات الأسرة تقوم بالضرورة على مبدأ مصارحة الطرفين لبعضهما، وتعد الصراحة الطريق الصواب لتحقيق السعادة الزوجية بعيدا عن التنافر، وترى نهال جاد الحق– متزوجة– أن مبدأ المصارحة هو الأساس الذي تصمد على قاعدته الحياة الزوجية لذا فهي تحترم زوجها جدا لالتزامه بمبدأ الصراحة منذ بداية تعارفهما. غير أن سعاد لها بعض التحفظات حول مسألة الصراحة، حيث تعتقد أن الصراحة الكاملة خاصة في موضوع العلاقات العاطفية قبل الزواج سواء كانت في حياة الرجل أو في حياة المرأة فيها نوع من الغباء، حيث تشير إلى أن الزوج من حقه أن يعلم بكل ما يخص زوجته ولكن فقط منذ بداية العلاقة الزوجية بينهما، هذا ينطبق على الزوج وينطبق على الزوجة، لأن التحدث عن العلاقات العاطفية السابقة من شأنه أن يفتح باب الغيرة، والشك الذي ينغِّص الحياة بين الزوجين وقد يتسبب في إيصالها إلى درجة الفشل، وعليه فمبدأ الصراحة مطلوب ولكن بشروط وضوابط. في حين تقول أماني السعيد، ربة منزل إن الصراحة المطلقة بين الزوجين لا مجال لها في عالمنا اليوم، فعندما تزوجت كانت لا تخفي عنه أي شيء خاص بها أو بعملها، ونتيجة ذلك حدثت مشكلة كبرى نظرا للحديث عن أسرار أهلها معه والتي كانت سببا في مقاطعتهم لسنة كاملة، ومنذ تلك المشكلة قررت أن تحكي له ما يجوز وتخفي ما قد يسبب المشاكل. ويقول محسن رمزي، محاسب إنه اختار زوجته بعد سنوات من البحث عن بنت الحلال واتفقا منذ البداية على المصارحة والأمانة في التعامل إلا أنه يجد نفسه مضطرا في أحيانا كثيرة أن يخفي عليها بعض التفاصيل نظرا لأنها غيورة، كما أنها تحب الإنفاق ببذخ شديد، فهي تريد أن تصرف كل مرتبها ومرتبي ومدخراتنا، وإذا حاولت التفاهم معها سرعان ما تتهمني بالبُخل الشديد، وعدم قدرتها على معاشرتي في ظل هذا البُخل، ولذلك فلقد وجدت أنه لا فائدة من الحديث معها، ولكن يمكن إصلاح ذلك بأن أخفي عليها أي مبلغ مالي قد يأتيني من الخارج، أو يكون زائدا عن مرتبي، وأنا أفعل ذلك لأن لديّ أبناء لابد من أن أوفر لهم بعض المال. في حين يقول أحمد فاروق، موظف أنه يؤمن بأن الصراحة والقناعة من دعائم بناء الأسرة السعيدة المستقرة وأن الطرفين يجب أن يلتزما بهما مهما كانت العواقب، وما لا يتحقق بالمصارحة فإنه يبنى على الغش والخديعة وهو ما لا يرضى به الشرع ولا العُرف، وقد اتفق مع زوجته طوال زواج دام 25 عاما على تلك الصراحة والقناعة، ويؤكد سالم أن هذا المبدأ هو أساس تعامله حتى مع أصدقائه ورؤسائه فلا يلجأ للكذب أبدا أو إخفاء أي معلومات قد تؤثر بالسلب على المحيطين وأولهم أعضاء أسرته. ويرى محمود متولي أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة: إن الصراحة من أفضل الصفات التي يجب أن يتمتع بها الإنسان دون خلاف أو مزايدة، والابتعاد عن الصراحة هو سر انهيار كثير من العلاقات في المجتمع ومن أهمها العلاقة الزوجية، أما بالنسبة لاعتقاد أغلب الأزواج أن إخفاء بعض الأشياء نوع من الذكاء الاجتماعي، فهذا بالطبع غير صحيح، فكيف سيفيد هذا الذكاء إذا اكتشف أحد الزوجين كذب الآخر عليه حول بعض الحقائق، حتى وإن كانت صغيرة أو بسيطة، هذا طبعا سوف يسبب مشكلة كبيرة جدا، وأيضا سيعمل على تشويه صورة هذا الزوج في عيون زوجته والعكس صحيح. ويقول عبدالله العجمي أستاذ علم النفس بجامعة الإسكندرية: إن الصراحة بين الأزواج كما نعلم مطلوبة في كل الأحيان، إلا أنها قد تنتج بعض المشاكل ولكن في الحقيقة لا تكون سببها الصراحة، ويكون سببها الاختيار الخاطئ لشريك الحياة الذي يجب أن نختاره ونعتبره فردا لا يمكننا الانفصال عنه حتى في أبسط الأشياء وأتفهها، وإننا إذا صارحناه بأي شيء وبكل شيء سيفهمنا تماما ويتفهم سلوكنا ويحترم تصرفاتنا، مما قد لا يثير أي مشاكل في الحياة الزوجية، ولذلك فالصراحة شيء يجب أن يطبق وينفذ حتى تكون الحياة الزوجية قائمة على أساس سليم، وقد يكون الكذب والدهاء والتصرفات غير المقبولة حجة أساسها الرغبة في استمرار الحياة الزوجية.