كشف وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى عن بدء خدمة التقاضي المرئي في محافظة جدة الأسبوع المقبل، وهي أداة للربط عن بُعد بين المحاكم والسجون كما ستبدأ في المناطق الأخرى قريبًا. وقال ل»المدينة»عقب تدشين خدمة التقاضي المرئي عن بُعد للربط بين المحاكم والسجون في سجن الملز بالرياض أمس: «بداية انطلاق من هنا -مدينة الرياض- سجن الملز، وهذا الإنجاز له ضمانات عديدة منها أن المحاكمة القضائية المرئية عن بُعد من اختيار السجين، إمّا أن يوافق عليها أو يرفضها، وأن لا تكون في قضايا الإتلاف. وقال العيسى إن كثيرًا من السجناء يسعد أن تكون محاكمته عن بُعد، موضحًا أن من حق القاضي طلب إحضار السجين إلى المحكمة، وذكر أن خدمة التقاضي المرئي عن بُعد لا تلغي علانية المحاكمة، فستكون بمشهد من القاضي والمحامي والمدّعي، فعدالتنا كتاب مفتوح يطلع عليها الجميع. إنجاز القضايا --------------- وقال وزير العدل: «هذا اليوم يعتبر من أيام العدالة الناجزة والتي تعتبر من العلامات الفارقة، في تحقق مطلب طموح ألا وهو المحاكمة عن بُعد، وخدمة التقاضي المرئي عن بُعد للربط بين المحاكم والسجون، تستهدف إنجاز القضايا وإجراءاتها عن بُعد بيسر ومرونة واختصار الوقت والجهد وتقليص حجم التكاليف المادية». وأوضح العيسى أن المجلس الأعلى للقضاء أقر إجازة تقنية المحاكمات عن بُعْدٍ، وفي ضوئه أكملت وزارة العدل متطلبات إطلاق هذه الخدمة والتي تُمثل تحولًا نوعيًّا وتاريخيًّا على مستوى المنافسة العالمية في «سرعة» أداء العدالة بكافة ضماناتها الشرعية والنظامية، ولاسيما تخفيف الأعباء على السجناء من جهةٍ، وحسم قضاياهم بشكل مرن وعاجل من جهةٍ أخرى، وكذا تخفيف الأعباء على الجهات الأمنية في حراساتها وتنقلاتها، فضلًا عن القضاء على إشكالية ترحيل العديد من الجلسات القضائية المحددة سلفًا بسبب عدم تهيؤ إحضار السجناء لأي من المسوغات الشرعية والنظامية الخاصة أو العامة. وأشار إلى أن هذا المنجز يأتي في إطار تطوير آلية العمل العدلي ضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء، مؤكدًا أنه وبحسب قرار المجلس سالف الذكر فإن للقاضي السلطة التقديرية في طلب أطراف الدعوى عند قيام المقتضي الشرعي، موضحًا أن قرار المجلس استثني قضايا الإتلافات. واشترط التحقق من هوية المتصل والمتصل عليه عن طريق البصمة الإلكترونية وأن يكون الاتصال حيًّا صوتًا وصورة، وفيما يحتاج للترجمة اشترط القرار أن يكون المترجم من قائمة المعتمدين من وزارة العدل، وأن يتم كافة ما ذكر بإشراف مباشر من القاضي أو القضاة ناظري القضية للتحقق من صحة وسلامة الاتصال. من جانب أخر أوضح مدير مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء المهندس ماجد العدوان أن التقاضي المرئي يتم من خلال عقد جلسات المحاكمات والإنهاءات القضائية عبر الدوائر التلفزيونية لافتًا إلى امتداد نطاق استخدام التقاضي المرئي في كافة القطاعات العدلية الأخرى، حيث يجري العمل حاليا على خطة مستقبلية لتوسيع نطاق تجربة التقاضي المرئي، لتشمل مجالات عدلية أوسع. وأشار العدوان إلى أن خدمة التقاضي المرئي المتاحة حاليًّا ستخدم أكثر المنتجات العدلية سواءً كانت من المحاكم أو القطاعات الأخرى ويمكن الترافع في كافة أنواع التقاضي عبر الدوائر التلفزيونية سواء كان في القضايا الجنائية أو الحقوقية أو في الانهاءات الثبوتية. وأكد تحقيق خدمة التقاضي المرئي للعديد من النتائج الفاعلة التي تستهدف العدل عبرها تطوير مستوى الخدمات العدلية، محددًا عددًا من تلك النتائج، بدءًا بسرعة إنجاز القضايا وتقليل مدة مواعيد الجلسات وتحقيق مفهوم المحكمة الإلكترونية التي تسعى الكثير من دول العالم إلى تحقيقه. تقلل أعداد القضاة ------------------- وبيّن أن التقاضي المرئي سيسهم بشكل ملموس في تخفيف الأعباء المالية على الوزارة والمواطنين حيث يقلل من الحاجة إلى سفر أطراف الدعوى بين المدن، وقال «مع خدمة التقاضي المرئي عن بُعد سيتاح إقامة الدعوى بين طرفين أحدهما في الرياض والآخر في جدة، ممّا يُسهم في تقليل الحاجة إلى طلب أطراف الدعوى أمام القضاء، ويترتب على ذلك سرعة إنجاز القضايا التي يؤدّي تقليلها إلى تقليل الحاجة إلى الأعداد الكبيرة من القضاة وأعوان القضاة، فضلاً عن إسهام التقاضي المرئي في التقليل من الحاجة للحراسات الأمنية عبر محاكمة السجناء في أماكن سجنهم. وفيما يتعلق بنوعية القضايا التي سيلاحظ دور التقاضي المرئي في تقليص إنجازها، أفاد العدوان أنها ستشمل كافة القضايا الحقوقية والجنائية والإنهائية إلاّ ما استثني في قرار المجلس الأعلى للقضاء من قضايا ينشأ منها الحكم على المدّعى عليه بما يوجب الحد كالرجم والقتل وقطع اليد وغيرها. وحدد العدوان تلك القضايا التي تتطلب وجود الشهود والمزكين، وكذلك في حالة غياب أحد أطراف الدعوى وتلك القضايا التي تكون أحد أطرافها امرأة تضطرها الظروف للانتقال من مدينة إلى أخرى. وعلق العدوان بقوله: «هذه أحد أهم أسباب كثرة عقد الجلسات أثناء المحاكمات ممّا يعني بالضرورة إطالة أمد التقاضي وهذه الأسباب وغيرها تؤدّي إلى إشكالات من الناحية المالية والاجتماعية والأمنية»، مشيرًا إلى معالجة التقنية الحاسوبية لهذه السلبيات عبر تطبيقاتها المتعددة، مستشهدا بخدمة التقاضي المرئي باعتباره أهمها فيما تستهدف العدل تغطية شبكة التقاضي المرئي لكافة محاكمها في كل المدن والمحافظات وتفعيلها خلال الأشهر الستة المقبلة، في جميع محاكم المملكة التي تتوفر بها خدمة الاتصال بواسطة شركات الاتصالات. عدّ العدوان السجناء والموقوفين والنساء وذوي الدخل المحدود أكثر المستفيدين من خدمة التقاضي المرئي، وقال «انتقال السجين من السجن أحد أهم الأسباب المؤدّية إلى تأخير محاكمات السجناء، كما أن هذا النوع من التقاضي يقضي على الحاجة لانتقال العسكريين من السجون إلى المحاكم كما يتيح تطبيق النظام للمرأة سرعة إنجاز ما يخصها من القضايا كالنفقة والحضانة والزيارة والخلع وفسخ النكاح وغيرها وهي في مقر إقامتها، حيث كانت المخاطبات بين المحاكم لطلب المدعى عليه تأخذ الكثير من الوقت ممّا ينعكس بالسلب على وضع المرأة من الناحية المالية والاجتماعية، فضلاً عن كون تطبيق هذا النوع من المحاكمات يتيح لذوي الدخل المحدود الاستفادة من هذه التقنية عوضًا عن دفع الأموال لانتقال الشهود والمزكين وغيرهم من مدينة إلى أخرى. شركاء المنظومة العدلية ----------------------- من جانبه قال مساعد وزير الداخلية الفريق سعدي القحطاني أن البنية التحتية كانت من أهم الاسباب في تنفيذ الخدمة، مبيننا ان خدمة التقاضي المرئي عن بعد للربط بين المحاكم والسجون تشير الى التطور الذي وصل اليه المرفق العدلي بالمملكة وهو إحدى المشاريع البناءة بالمملكة التي تخدم السجين، وقال إن وزارة الداخلية والعدل شريكان في المنظومة العدلية.