كشفت مسؤولة دراسات الطاقة في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الخارجية (تشاتهام هاوس)، غلايدا لان، أن هدر الطاقة سيكلف دول مجلس التعاون 50 مليار دولار سنوياً، ويكلف المملكة العربية السعودية وحدها 36 مليار دولار سنوياً، خلال العقد المقبل، وذلك طبقا لتقرير "العربي الجديد"، وفي ما يلي التفاصيل: قالت غلايدا لان، في حديث ل"العربي الجديد": إن دول مجلس التعاون يمكنها توفيرهذه المبالغ إذا طبقت إجراءات ترشيد الطاقة، وأوقف الهدر في استهلاك الكهرباء خلال العقد المقبل. وأضافت الخبيرة، غلايدا لان، أن خفض الاستهلاك وترشيد استخدام الكهرباء بات أمراً ملحاً في السعودية ودول الخليج. وكانت الخبيرة البريطانية قد حذرت في دراسة صدرت قبل عامين من مخاطر الاستخدام الكثيف للنفط في توليد الكهرباء من ناحية الاضرار بالبيئة ومن النواحي الاقتصادية، خاصة في السعودية التي يتصاعد فيها الاستهلاك الداخلي للنفط. وقالت في الدراسة: إذا استمر الاستهلاك بهذا المعدل الكبير في المملكة العربية السعودية، فإنه سيقلل من حجم الصادرات النفطية، وبالتالي من الدخل الذي تحصل عليه المملكة. وقالت خبيرة الطاقة البريطانية ل"العربي الجديد": إن"حساباتنا تظهر أن دول مجلس التعاون الخليجي إذا طبقت إجراءات ترشيد الطاقة وكفاءة الاستخدام، فإنها ستتمكن من توفير 36 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2025، وأن السعودية وحدها تستطيع توفير 36 مليار دولار، وذلك بحساب سعر 80 دولاراً للبرميل، وسعر 20 دولاراً لبرميل الغاز المكافئ لبرميل نفطي. وأضافت أن "أبوظبي ستتمكن، عبر تنفيذ خطة ترشيد التبريد، من توفير ما يعادل طاقة توليد محطتي طاقة نووية" حوالي 4500 جيجاوات ساعة سنوياً". وقالت، غلايدا لان، "من الصعب وضع رقم محدد للوفورات المالية التي تحققها جميع دول الخليج من تطبيق إجراءات ترشيد الطاقة، لأن أسعار الطاقة في دول مجلس التعاون لها تعرفة متباينة للغاز تختلف من دولة الى أخرى". وأشارت في هذا الصدد الى أن أسعار الغاز الطبيعي في كل من الكويت والامارات العربية المتحدة ارتفعت كثيراً لأن هاتين الدولتين تستوردان الغاز المسيل من الخارج لتلبية احتياجات الطاقة. وقالت إن أسعار الغاز سترتفع في المملكة العربية السعودية كذلك، لأنها تتجه الى استغلال مكامن الغاز الصخري، الذي ترتفع كلفته، وكذلك تعمل على استخراج الغاز من الحقول البحرية لتلبية احتياجاتها المستقبلية. ولاحظت خبيرة الطاقة البريطانية، أن ارتفاع أسعار الغاز في الأسواق الدولية لم ينعكس في زيادة تعرفة الكهرباء في دول مجلس التعاون "عدا في دبي". وأضافت "وعليه فإن الميزانيات الحكومية هي التي تخسر وليس المستهلك". وقالت: إن حسابات خسائر عدم ترشيد استهلاك النفط مبنية على الدراسات التي أجرتها على النمط الاستهلاكي في دول مجلس التعاون. وأضافت" إذا لم تطبق دول الخليج بشكل صارم برامج ترشيد استهلاك الطاقة، واستخدام بدائل الطاقة النظيفة، فهنالك كلف صحية ستترتب مستقبلاً على المواطنيين من الصعب تقييمها بالمال". وأضافت، لان: أن رفع كفاءة استخدام الطاقة، في المباني ووحدات التبريد، يجب أن يعطى أولوية في خطط الترشيد، لأنه سيجلب منافع مالية سريعة على صعيد الانفاق. وقالت: إنها لاحظت أن برنامج ترشيد استهلاك الطاقة في السعودية يعمل على رفع كفاءة وحدات التبريد في السوق السعودي الى مستويات تطبيق المعايير الدولية في عام 2015. وأشارت الى أن هذه الخطة بدأ تطبيقها بمصادرة آلاف وحدات التبريد، التي لا تتطابق مع المعايير الدولية. وأشارت الى أن الإجراءات السعودية تعد رسالة واضحة لصناعة وحدات التبريد في السعودية " ألا ترموا منتجاتكم غير الكفؤة في أسواقنا". وأضافت، أن في كل من قطروأبوظبيودبي بدأ تطبيق إجراءات تصميم المباني، بما يتطابق مع خفض استهلاك الطاقة، وأن الاجراءات المطبقة في هذه الدول تعمل على خفض استهلاك الطاقة بمعدل يتراوح بين 30 الى 50 في المباني القائمة وبنسبة 70% للمباني الجديدة. وأكدت الخبيرة البريطانية، أن البيروقراطية تعد أكبر العوائق التي تمنع تطبيق خطط ترشيد الطاقة في الخليج، حيث تجد أن القرارات الجيدة توضع على المكاتب وتظل هناك فترة طويلة، لا لسبب سوى أن الموظف المسؤول لم يوقع على القرارات أو الاوراق. وقالت: سيكون من الجيد أن تلتزم القيادات السياسية أهدافاً متوسطة وطويلة المدى لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتكوين هيئات محددة لتنفيذها. وزادت: إن من الايجابيات في التطبيق أن قطر وضعت أهدافاً حددت فيها معدل استهلاك الفرد من الكهرباء والماء مع استراتيجية واضحة لتحقيقها. وفي إجابتها عن سؤال "العربي الجديد" عما إذا كان من الممكن القضاء على الدعم الحكومي لتعرفة الطاقة يمكن تطبيقه في دول الخليج، قالت الخبيرة، لان: نعم من الممكن. وأضافت، أن وزير النفط بسلطنة عُمان أشار في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي الى المخاطر الحقيقية للدعم الحكومي على اقتصادات المنطقة. وقالت: إن سلطنة عمان، وضعت برنامجاً جعل سعر الكهرباء يعكس الكلفة الحقيقية للطاقة في الجهات الحكومية وللأعمال التجارية، ورفعت حكومة دبي سعر الكهرباء بحوالي 30% منذ عام 2007. ولكنها قالت بالنسبة للدول التي تنتج النفط والغاز الطبيعي في الخليج يجب أن ننظر الى مشكلة الدعم من منظار كلفته للخزينة. وقالت: إن هناك نقاشاً في السعودية والكويت حول المنافع التي سيجلبها رفع سعر الكهرباء. واضافت، أن هناك التزاماً حقيقياً من الهيئات المشرفة على الترشيد في دول الخليج لتطبيق معايير خفض استهلاك الطاقة. وعن البدائل المطروحة لتوليد الطاقة، مثل المفاعل النووية، قالت الخبيرة البريطانية، غلايدا لان: إنها تعتقد أن الطاقة النووية لا تمثل البديل المعقول لدول الخليج. ولكنها قالت: إن هناك فرصة جيدة لاستخدام الطاقة الشمسية، خاصة إذا تقدمت التقنيات وانخفضت الكلفة.