بدت علامات الرضا على وجه سيسيليا مالمستروم، مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية، بعد أن قدمت في بروكسل مشروع قانون يهدف إلى تسهيل إجراءات الحصول على تأشيرة الدخول لدول منطقة شينغن، وذلك بحسب التقرير التالي من "DW العربية": عللت مالستروم مشروع القانون الجديد بقولها: "ما لا يقل عن ستة ملايين ونصف المليون في شتى أنحاء العالم لا يحصلون على تأشيرة شينغن، وذلك بسبب طول أمد الإجراءات المعمول بها حاليا ولغلاء رسومها. وبالتالي فقد حان الوقت للقيام بتغييرات". وأضافت قائلة: "كل سنة تحول الإجراءات الحالية دون حصول الكثيرين من السياح المحتملين على فرصة زيارة أوروبا. وهذا لا يشكل مشكلة بالنسبة لأولئك الذين ينتظرون الحصول على تأشيرة فقط، وإنما ينطوي أيضا على خسائر كبيرة للاقتصاد الأوروبي. نحن لا نقدر المنافع التي يمكن أن تعود علينا من وراء هؤلاء الزوار". مواقف متابينة من مشروع القانون الجديد --------------------------------------- ويتضمن مشروع القانون الجديد عددا من التسهيلات على غرار تخفيض المدة التي تستغرقها السلطات للموافقة أو رفض طلب التأشيرة من 15 يوما إلى عشرة أيام فقط. أما بالنسبة للذين يسافرون كثيرا، فمن المفترض أن تمنحهم التسهيلات الجديدة فرصة الحصول على تأشيرة دخول دول منطقة شينغن لثلاث سنوات كاملة. كما ستتاح فرصة تقديم طلبات التأشيرة عبر الانترنت أيضاً. وبالإضافة إلى ذلك، تتضمن التسهيلات الجديدة مستقبلا إمكانية الحصول على تأشيرة سفر لفترة قصيرة في المراكز الحدودية. بيد أن هذه النقطة بالذات أثارت انتقادات البعض على غرار نائبة الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ مونيكا هولماير، التي قالت في حديث مع DW: "أعتقد أن دول الاتحاد الأوروبي لن توافق على هذه النقطة بالذات، خاصة وأنها تتضمن إجراءات متساهلة جدا، حيث أنه لم يعد يتعين على طالب التأشيرة تقديم كل الأوراق الضرورية بنسخها الأصلية وإنما نسخاً مصورة منها فقط. كما أنه لم يعد إلزاميا حضوره شخصيا لتقديم طلب التأشيرة". وما يثير قلق مونيكا هولماير أيضا أنه في مشروع القانون الجديد "لم يعد إلزاميا تقديم ضمانات من طرف طالب التأشيرة على أنه قادر على تمويل إقامته في إحدى دول منطقة شينغن ذاتيا". وتعرب النائبة الأوروبية المحافظة بذلك عن مخاوفها من سوء استخدام هذه النقطة بالذات بشكل يسمح بتزوير الوثائق الشخصية أو أن يحصل شخص ما على تأشيرة رغم أنه يشكل خطرا على الأمن العام، أو أن يأتي أشخاص فقط للحصول على المساعدات الاجتماعية. وتشير النائبة الألمانية أيضاً إلى أن هذه النقطة قد تفتح الأبواب على مصراعيها أمام أولئك اللذين يريدون المجيء للعيش في دول الاتحاد الأوروبي بطريقة غير شرعية، معتبرة أن هذه التسهيلات لن تدعم السياحة وإنما الجريمة. بالمقابل، ترى سكا كيلر، نائبة عن حزب الخضر في البرلمان الأوروبي الموضوع من منظور آخر، إذ تؤكد أن هذه التسهيلات إنما هي مخصصة للسياح ولرجال الأعمال فقط. وتقول في حديث لDW: "هذه التسهيلات مهمة للغاية، فالإجراءات الحالية معقدة ومجهدة إلى درجة أنها تشكل تحديا كبيرا لأولئك الذين يريدون المجيء إلى أوروبا للسياحة أو لزيارة أقاربهم وعائلاتهم وأصدقائهم. أنا أشيد بهذه التسهيلات وأرحب جدا بكل خطوة من شأنها أن تزيل بعضا من العراقيل للحصول على تأشيرة الدخول". حوافز لاستقدام السياح ورجال الأعمال ------------------------------- وتعلق المفوضية الأوروبية آمالا كبيرة في أن تساهم التسهيلات التي يتضمنها مشروع القانون الجديد في تحفيز قطاع السياحة، حيث تتوقع أن تحقق الفنادق والنزل والمطاعم وغيرها من المؤسسات السياحية أرباحا إضافية تقدر ب130 مليار يور وخلق أكثر من مليون و300 ألف فرصة عمل إضافية. وتؤكد سكا كيلر على ضرورة أن تجلب التعديلات الجديدة "فائدة للناس الذين يريدون القدوم إلى الاتحاد الأوروبي والذين يتعين عليهم تجاوز عقبات جمة". ومن بين الحوافز التي يقدمها مشروع القانون الجديد إمكانية الحصول على تأشيرة لمدة سنة كاملة للزوار الذين يريدون القيام بسفرة شاملة في دول منطقة شينغن، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لا يحق له الإقامة في دولة واحدة أكثر من تسعين يوما في غضون نصف سنة. كما "أن التأمين الصحي الإجباري للمواطنين القادمين من دول خارج الاتحاد الأوروبي والذي يشكل إجراءا مكلفا وشاقا، فسيتم إلغاؤه"، حسبما تقول كيلر. وفي حال تمت المصادقة على هذه التعديلات فسيتم تنقيذها في 22 دولة تشكل منطقة شينغن باستثناء بريطانيا. ويذكر أن اسم شينغن يعود إلى بلدة صغيرة في لوكسومبروغ اتفق فيها ممثلون عن ألمانيا وفرنسا وبلجيكا بالإضافة إلى هولندا ولوكسمبورغ عام 1985 على إلغاء الحواجز والمراقبة الحدودية فيما بينهم. واليوم أصبحت منطقة شينغن تضم دول الاتحاد الأوروبي – باستثناء بريطانيا – بالإضافة إلى دول أوروبية أخرى لا تتمتع بالعضوية في الاتحاد الأوروبي مثل سويسرا وليشتنشاين والنرويج وآيسلاندا. وللحصول حاليا على تأشيرة لدخول منطقة شينغن يتعين تقديم طلبات في سفارات الدول المعنية، حيث تعتبر إجراءات الحصول عليها مكلفة ومعقدة. ويعفى حاليا مواطنو عدد من الدول غير الأوروبية من هذه الإجراءات على غرار الولاياتالمتحدة وكندا وأستراليا والبرازيل والأرجنتين، إذ بإمكانهم دخول منطقة شينغن بدون تأشيرة والإقامة فيها لمدة تسعين يوما. ومن المرتقب أن يصادق البرلمان الأوروبي على مشروع القانون الذس يشمل التعديلات الجديدة في الخريف المقبل. ويتوقع المراقبون أن نواب الأحزاب الأوروبية المحافظة لن يوافقوا على كل هذه التعديلات وقد يطالبوا بإعادة صياغة البعض منها.