في فيلم المخرج عاموس جيتاي (أنا عربية) الذي عُرض في مهرجان البندقية هذا الأسبوع يقوم فلسطيني -كانت زوجته الراحلة ضمن اليهود الناجين من معسكر أوشفيتز النازي ثم اعتنقت الإسلام- برحلة مضنية إلى مدن عربية لإيجاد طبيب أسنان بدلا من طبيب في تل أبيب كان يمكنه الوصول إليه في خمس دقائق. وفي فيلم (بيت لحم) الذي أخرجه إسرائيلي وكتب السيناريو فلسطيني يستخدم عميل لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بيت) فتى فلسطينيا كمرشد ويترتب على ذلك عواقب مأساوية.. في الغالب لأنهما أصبحا صديقين حميمين. الفيلمان يعطيان بصيص أمل بما يعرضانه من علاقة قريبة بين فلسطينيين وإسرائيليين.. لكن وراء هذا البصيص يكمن سوء فهم وعداء يعززان الانطباع بوجود فجوة لا يمكن تجاوزها. وينافس فيلم جيتاي (أنا عربية) على جوائز مهرجان البندقية التي ستمنح يوم السبت في حين أن فيلم المخرج يوفال أدلر (بيت لحم) خارج المنافسة. وقال جيتاي الذي اخرج حوالي 80 فيلما من الأفلام الروائية والقصيرة خلال أربعة عقود انه تأثر بقصة امرأة بولندية نجت من معسكر أوشفيتز النازي وكانت تقيم مع زوجها العربي في قرية على مشارف تل أبيب ورأى أن مثل هذا الفيلم يكسر القوالب النمطية ويظهر أهمية التنويع. والفيلم يقع كله في مشهد واحد مدته 81 دقيقة دون مونتاج. تتعقب الكاميرا صحفية إسرائيلية تدعى يائيل -تجسد دورها الممثلة سارة أدلر- وهي تسير في أزقة وتدخل منازل وحديقة قامت باستصلاحها السيدة اليهودية الراحلة التي اعتنقت الإسلام. تقابل الصحفية يوسف زوج السيدة الراحلة الذي يقول إن عائلته تقيم في المنطقة منذ 150 عاما وتتحدث مع أولادها وأقاربها عنها وعن حياتهم. يقول أحدهم إنه على الرغم من أن الفلسطينيين يشكلون العمود الفقري للأعمال اليدوية في إسرائيل فإنهم يتعرضون لمعاملة أسوأ من معاملة المهاجرين الروس الذين وصلوا في الآونة الأخيرة. وقال جيتاي "انها قصة عن اليهود والعرب والفلسطينيين والإسرائيليين وأعتقد أن رؤيتي الشخصية لهذا الشرق الأوسط الشديد الدموية والشديد الوحشية هو أن بامكاننا ترسيخ علاقات أناس من أصول مختلفة ومعتقدات مختلفة حتى وان كانوا لا يتفقون مع بعضهم البعض." وأضاف أن قرار تصوير الفيلم في مشهد واحد دون مونتاج يرمز إلى إمكانية وجود مجتمع غير منقسم في المستقبل. أما فيلم أدلر (بيت لحم) فيقف على النقيض من فيلم (أنا عربية). قال المخرج أدلر انه استوحى المشاهد واللغة من فيلم دانيال داي لويس (سيكون هناك دماء) عن الأيام الأولى من الطفرة النفطية في أمريكا. وأضاف في مقابلة مشتركة مع كاتب السيناريو الصحفي الفلسطيني علي واكد "سأقول لك ما يعجبني في (سيكون هناك دماء). أولا المشاهد الخارجية.. هذه الطبيعة... لذلك صورنا في هذا الموقع الصخري." والشخصيات الرئيسية هي راضي عميل الشين بيت ومرشده المراهق سنفور ونشطاء من كتائب الأقصى وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس). وقال واكد إن الجماعتين الفلسطينيتين وافقتا على تقديم المشورة التقنية بشأن عملياتهما من أجل المساعدة في جعل الفيلم أكثر واقعية "إذ أنهم واثقون من أننا نروي القصة كما هي دون أي أجندة تظهرهم بصورة سيئة أو جيدة." وقال أدلر "كان الأصعب الوصول إلى رجال المخابرات." وقال واكد الذي قام بتغطية الشؤون الفلسطينية لموقع واي نت الإسرائيلي لمدة 11 عاما "أعتقد أن لدينا الكثير من أفلام الصراع. أردنا تصوير زاوية جديدة... وهي أنه لا يوجد أسود وأبيض في هذا الصراع." وأضاف "كان أسهل كثيرا لي أن ... اصور الإسرائيليين على أنهم ضحايا أو الفلسطينيين على أنهم هم فقط الضحايا. فضلنا الخيار الأصعب وهو التركيز على اللون الرمادي."