تلقف سعوديون مبادرة أهالي القرى الحدودية التركية المسماة «أخوة العائلة» التي تهدف إلى مشاركة كل عائلة تركية في تلك القرى مع عائلة سورية في المخيمات ومشاركتهم المأكل والملبس والمصروف لتفعيلها بشكل أكبر وذلك من خلال تبني إخراج عائلة كاملة من جحيم مخيم «الزعتري» لإسكانهم في مدينة المفرق أو إربد في الأردن والتكفل في مصروفهم الشهري لرخص الإيجارات في تلك المناطق التي تبعد عن العاصمة عمان (60 كيلو متراً شمال شرق). وأوضح المتحدث الإعلامي في الأمن العام الأردني المقدم محمد الخطيب ل»الشرق» أنه لا يوجد ما يمنع السعوديين من كفالة تلك الأسر اللاجئة شريطة إيجاد كفيل أردني موثوق، فالسعوديون يأتون بطيب نية ولا يقومون بتنفيذ الإجراءات الأمنية المتبعة. وأضاف الخطيب أنه ما على السعودي سوى إحضار الكفيل الموثوق والتقدم بطلب إلى وزارة الداخلية الأردنية واتباع المتطلبات النظامية وسيتم استكمال الإجراءات لهم. خروج إحدى العائلات واكبت «الشرق» إخراج إحدى تلك الأسر مع أحد السعوديين الذي طلب الإشارة إلى اسمه بأبي خالد بعد أن استوفى الشروط اللازمة من إحضار كفيل أردني موثوق، وقال إنه تقدم مع الكفيل المطلوب لوزارة الداخلية التي طلبت منه استخراج طوابع لكل فرد من العائلة البالغ عددها عشرة أفراد وقيمة المعاملة لكل فرد تبلغ رسميا 15 دينارا أردنيا «80 ريالا تقريبا» وأخرج العائلة من المخيم ليسكنها في شقة مفروشة مؤقتا قبل نقلها إلى سكن في مدينة أربد شمال عمان. وأوضح أبوخالد أنه يهدف من تلك الخطوة إلى إخراج تلك العائلة للمساهمة في نقلها من معاناة «جحيم الزعتري» والتخفيف من مصابهم إلى أن يفرج الله لهم أمرا، مضيفا أنه لم يرغب في التحدث إلى الصحافة إلا لتشجيع الآخرين على تبني مثل تلك المبادرات فمن قام بزيارة الزعتري يعرف صعوبة أوضاعهم. وتمنى أبوخالد على السلطات الأردنية أن تقيم مكاتب تابعة لها لتنظيم العملية وتسهيلها على السعوديين خصوصا بعد نشوء سوق سوداء من قبل الكفلاء والسماسرة الأردنيين، حيث أصبح بعض الكفلاء الأردنيين يتقاضى مبالغ لقاء كفالتهم الشكلية لتصل إلى آلاف الدنانير الأردنية وهذا ما يشكل صعوبة وعدم مقدرة بعض السعوديين. وأضاف أبوخالد أن من الأمر الجيد انخفاض أسعار العقارات في المدن الشمالية للأردن فيتراوح إيجار المنزل شهريا بين 100 إلى 300 دينار أردني «الدينار 5.32 ريال» وهو مبلغ بمقدور كثير من السعوديين دفعه بالإضافة إلى أن المؤن الشهرية للعائلة المكونة من 10 أشخاص لا تتعدى 150 دينارا. وقال أبوخالد إن قرار مجلس الوزراء الأردني الأخير بتحويل المخيمات إلى هيئة مستقلة مربوطة بالأمن العام دون المرور بالمحافظة مثلما كان سابقا متمنيا أن يسهم ذلك القرار بالتخفيف وحل كثير من المشكلات المترتبة على عملية الكفالة المطلوبة التي تقف عائقا أمام كثير من السعوديين الذين ربما يقعوا ضحية ابتزاز نظير مشاعرهم وطيبتهم. وطالب أبوخالد الجهات الأردنية تفعيل نتائج الباحثين الاجتماعيين في المخيم واطلاعهم على نتائج تلك الأبحاث حتى يتمكنوا من اختيار المناسب فبعض العوائل في الزعتري لهم أقارب في الخليج ويمدونهم بالمساعدة وليسوا بحاجة للكفالة فيما الأكثرية معدمون ويحتاجون إلى وقفة من السعوديين معهم. سوق سوداء من السماسرة وقال سعوديون رفضوا ذكر أسمائهم إن بعض السماسرة والكفلاء الأردنيين أصبحوا يطلبون مبالغ باهظة من السعوديين مقابل الكفالة وإنهاء إجراءات السوريين في المخيم، وطلب بعضهم مبالغ تصل إلى 500 دينار على الفرد الواحد، علما أن قيمة الطابع الواحد 15 دينارا أردنيا فقط بالإضافة إلى ضرورة إسكان تلك العائلة في منازل يملكها الكفلاء بمبالغ أعلى من نظيراتها مستغلين في ذلك عواطف ومشاعر السعوديين الطيبة. وأكد السعوديون أن هناك بعض الأردنيين طيبون ومتعاونون إلا أنهم لا يرغبون بزج أنفسهم في مشكلات هم في غنى عنها فتجدهم يساعدوننا في إنهاء تلك الإجراءات والبحث معنا عن منازل لتلك العائلات دون أن يطلبوا دينارا واحدا متمنين أن يتم افتتاح مكتب خاص لمعالجة تلك الطلبات تسهل على السعوديين الراغبين في تفعيل تلك الأخوة من الوصول إلى الهدف النبيل التي أتينا من أجله دون المرور بالسماسرة ومعضلة الكفلاء. لاجئون ينتظرون وقال سليمان الحوراني أحد اللاجئين في مخيم الزعتري إنه ينتظر مثل غيره ذلك اليوم الذي يخرجون فيه من هذا المخيم من الجوع والبرد في الشتاء وحرارة الصيف وقال ل»الشرق» «مهما حصل تبقى تجربتنا حرقة في القلب فلو عاش إنسان في هذا المخيم ليلة واحدة لعرف معنى المعاناة ففي الليالي الباردة لا تسمع سوى بكاء الأطفال ونحيب النساء وسعال كبار السن. وأضاف الحوراني دخلنا في نفق تخلى عنا الجميع وأصبحنا نعيش على «الصدقة» ولم نعد نأكل من عرق جبيننا ونعلم أن الثمن الذي دفعناه غالٍ إلا أننا نعلم أن الحرية هي التي ستنسينا ما مررنا به.