حفل "الإعلان الدستوري" الذي أصدره الرئيس المصري محمد مرسي، بجدل كبير في الصحافة السعودية حول مدى موضوعية التغطيات، في ظل "انتقادات" شديدة اللهجة لقيادة الإخوان المسلمين في مصر، في وقت لم تبتعد فيه تلك التغطيات عن الصراع المحلي مع تيار الإخوان في السعودية. وقد تباينت آراء عدد من المحللين السياسيين، الذين تحدثوا إلى الجزيرة نت، حيث يرى بعضهم أنه "لا يمكن فصل التوجه الإعلامي عن السياسي". وكان هناك رأي مخالف استند في الأساس إلى عدم قبوله أن ما يحصل في الخطاب الإعلامي المحلي هو مرآة عاكسة لتوجه القيادة السياسية السعودية، التي دعمت مصر الثورة بمليارات الدولارات لمساندتها في المرحلة القادمة، وليست هناك تصفية سياسية من الحكومة السعودية، للقادة الإسلاميين الجدد في القاهرة. وفي هذا الصدد يقول الباحث السياسي فهد الفهيم للجزيرة نت التابع لشبكة الجزيرة القطرية "إن إشكالية تغطية الصحافة المحلية لأزمة مصر الأخيرة، هي نتاج تراكمات سياسية أفرزتها ثلاثة عوامل رئيسية، منها عدم تشجيع الرياض للثورات العربية، وبخاصة في تونس ومصر" وتشدد قيادة المملكة تجاه الإخوان المسلمين، إلى جانب قلق الساسة من انعكاس تلك الثورات على الخليج، معتبرين أن ما حصل في الكويت مؤخرا، مؤشر على ذلك. في المقابل قال الكاتب السياسي جمال خاشقجي "ما أنا متأكد منه أن موقف الحكومة السعودية لا تمثله وسائل الإعلام المحلية، وأملك الأدلة على ذلك، منها الدعم السعودي الكبير لمصر بعد الثورة بالمليارات من الدولارات، كما أن أول زيارة للرئيس مرسي عقب فوزه بمنصبه كانت للسعودية". وأشار إلى أن ذلك يعني تحديدًا أن الرياض تدعم الاستقرار المصري في المنطقة حتى ولو كان الساسة الجدد فيه من التيار الإسلامي. أما الخبير الإعلامي الدكتور مالك الأحمد، فقد وصف ما يحدث في الإعلام السعودي بأنه "تنفس لموقف الدولة السياسي، ولأسباب منهجية، لا موضوعية، لكون الرئيس ينتمي للإخوان"، مضيفا أن" موقف الرياض ينسحب على الموقف الخليجي عموما، باستثناء قطر". ويعد فريق من الباحثين الإعلاميين السعوديين حاليا دراسة "تحليل مضمون" حيال توجهات الصحافة المحلية تجاه أزمة الإعلان الدستوري. ويقول مشرف الفريق البحثي سالم عبد الجبار، إن النتائج الأولية من المواد المبحوثة تؤكد انحيازا يصل إلى 78% من مسار التغطية ضد قرار الرئيس مرسي. وأضاف عبد الجبار أن الانحياز جاء على مستوى الصور المنشورة، التي ركزت على إصابات مؤيدي المعارضة وتصدرها للصفحات الأولى، مع إغفال لصور المصابين من مؤيدي القرار. واستشهد عبد الجبار بصورة كبيرة نشرتها اليوم الجمعة صحيفة عكاظ السعودية، علقت عليها بقولها "الأمن المصري يحمي متظاهرا تعرض للضرب على يد مؤيدي مرسي أمام قصر الاتحادية". وفيما يتعلق بالتقارير الإخبارية، أوضح عبد الجبار أن بناءها المعلوماتي ارتكز بالأساس على تصريحات قادة المعارضة المناوئين لقرار "الإعلان الدستوري"، مع إظهار أن الأزمة السياسية الحالية هي بين الإخوان والشعب المصري، مع العلم بوجود أطراف سياسية أخرى من شرائح المجتمع تؤيد القرار. وعن تشكيل المقالات الصحافية، قال عبد الجبار إنها تجاوزت نقد "القرار" إلى خانة السخط السياسي على "الإخوان"، وتحكمهم بمقاليد الأمور ووصفهم ب"بالابتزاز السياسي". وفي هذا السياق، قال خاشقجي إن صانع القرار لا يتدخل في مسار التغطية الإعلامية عبر فرض إجراءات تمس حرية الرأي والتعبير"، وأكد أنه من حق الجميع أن يبدي رؤيته في طريقة علاج المسألة بأسلوب سياسي ناضج. وأضاف "شخصيا أرى أن الرئيس مرسي لم يحسن إدارة الصراع"، إلا أنه أشار بعد ذلك إلى هبوط عدد من كتّاب الرأي في خطابهم الإعلامي إلى مستوى الشتم. وقال إن الهجوم على الإعلان الدستوري لا ينفصل عن حالة الصراع مع التيار الإخواني المحلي.