تمر الثورة المصرية بأكثر أيامها إثارةً للجدل والانقسام، فالقوى السياسية التي صنعتها صارت تقف وجهاً لوجه، والدعاوى لإسقاط الرئيس الذي لم يكمل نصف عام ارتفعت في ميدان التحرير، ورافعوها هذه المرة ليسوا أنصار النظام السابق وإنما شخصيات سياسية ساهمت في صناعة الثورة كمحمد البرادعي وحمدين صباحي إلى جانب شباب الثورة. في المقابل، يبدو الرئيس مصرّاً على تحصين عمل اللجنة التأسيسية للدستور ومجلس الشورى والدخول في معركة مع نادي القضاة المعترض على طريقة إبعاد النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، ويدعم الرئيس في هذه المعركة التيار الإسلامي بشقيه البارزين، الإخوان المسلمين والسلفيين. وبين معارضةٍ متحفزة لإسقاط الإعلان الدستوري الجديد، الذي منح الرئيس صلاحيات واسعة، وموالاة تدعمه شعبياً، يبرز تساؤلٌ مهم في مصر حول موقف الجيش من هذا الصراع، وما إذا كان سيتدخل أم لا، ولمن سينحاز حال تطور الموقف وتحول الأزمة من سياسية إلى أمنية، وهو احتمال يبدو وارداً خصوصاً إذا وُضِعَ في الاعتبار استمرار الاشتباكات بين الأمن ومتظاهرين في وسط القاهرة منذ الإثنين الماضي إلى الآن. وتشير تحركات الجيش خلال الأشهر الماضية إلى رغبته في النأي بنفسه عن ملعب السياسة بعد عامٍ ونصف أدار فيها البلاد فناله من الهجوم والتشكيك الكثير حتى خشي قادته من وقوع تصدعات داخله. لكن المؤسسة العسكرية، وبحسب البرلماني السابق الدكتور محمد السعيد إدريس، قد تُستدعى إلى المشهد مجدداً حال تفاقم أزمة الإعلان الدستوري الجديد ووقوع أعمال عنف واسعة. ويعتقد إدريس، في حديثه ل «الشرق»، أنه من المبكر السؤال عن موقف الجيش «لكن إذا تواصلت الأزمة ووقع عنف بين مؤيدي ومعارضي الرئيس أو بين المعارضين والشرطة فقد يتطلب الأمر نزول الجيش إلى الشارع لحفظ الأمن ومنع تدهور الأوضاع». ويتوقع إدريس أن لا تنحاز القوات المسلحة إلى طرف، مضيفاً «الجيش سيقف على الحياد وسيكون ولاؤه للشعب والوحدة الوطنية ولكنه لن يتحرك ضد الرئيس المنتخب». ويستبعد إدريس، الذي انسحب من أعمال اللجنة الاستشارية المعاونة لجمعية صياغة الدستور، أن يكون «مرسي» تشاور مع الجيش قبل إصداره الإعلان الدستوري الاستثنائي، مرجحاً أن يكون الرئيس اكتفى بدعم التيار السلفي له وتوحدهم مع الإخوان لدعم قراراته، منتقداً هذا التحالف الحالي لأنه، على حد قوله، «يعبر عن رغبة مشتركة في تمرير الدستور رغم أن السلفيين سبق وأن ابتعدوا عن مرسي والإخوان خلال الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة». غير أن الخبير في حركات الإسلام السياسي، الدكتور كمال حبيب، يعتقد أن «مرسي» تباحث مع المؤسسة العسكرية قبل إصداره قراراته باعتبارها إحدى أهم مؤسسات الدولة. ويكشف حبيب ل «الشرق» أنه سأل عدداً من جنرالات الجيش قبل أسابيع عن موقفهم حال تصاعد الخلاف السياسي فأكدوا له أنهم سيقفون مع الشرعية الممثلة في الرئيس المنتخب. ويتابع حبيب «قالوا لي إنهم لا يريدون تورط الجيش في السياسة مجدداً، ولكن إذا تدهور الوضع الأمني قد يضطر الرئيس إلى استدعائهم لحفظ الأمن، وهنا أتوقع أن لا يستخدموا سلاحهم في الضغط على أحد، لا المعارضين ولا الرئاسة».