عد العضو في الهيئة الاستشارية في مؤسسة الرئاسة المصرية، الدكتور محمد عصمت سيف الدولة، أن الأزمة الحالية في مصر هي أزمة تنافر وصراع سياسي طبيعية في المراحل التي تلي الخروج من الكبت، مشيراً إلى ضرورة بناء جسور التواصل بين القوى السياسية. ووصف سيف الدولة، في تصريحات خاصة ل «الشرق»، الاشتباكات التي وقعت أمس في ميدان التحرير ب «أسوأ مشهد حدث في مصر منذ الثورة». واشتبكت أمس القوى السياسية المدنية وأنصار جماعة الإخوان المسلمين في ميدان التحرير، قبلة ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس المصري السابق مبارك، حيث تبادل الطرفان إلقاء الحجارة على أثر تحطيم منتمين للإخوان منصة تابعة لحزب التيار الشعبي. لكن المتحدث الرسمي باسم الإخوان، الدكتور محمود غزلان، قال إن الجماعة لم تكن موجودة في ميدان التحرير في تلك الأثناء، فيما قالت هيئة الإسعاف إن 67 مصابا سقطوا في الاشتباكات. وكانت القوى السياسية المختلفة طالبت الرئيس المصري محمد مرسي بإصدار قرار بإبعاد النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، عن موقعه متهمين الأخير بالتسبب في براءة متهمي موقعة الجمل من رموز النظام المصري السابق. واتخذ مرسي قراراً بتعيين عبد المجيد سفيراً لمصر في الفاتيكان وهو ما ترتب عليه غضب شديد من القوى السياسية متهمين مرسي بعدم احترام القانون. وقال سيف الدولة، الذي يشغل منصب مستشار الرئيس للشؤون العربية، «تصدر المشهد الإعلامي مطالبات لإقالة النائب العام لكن بمجرد تعيينه سفيراً في الفاتيكان تغير المشهد ضد الرئيس لأنه ليس من حقه إبعاد النائب العام». ولفت سيف الدولة إلى أن قرار مرسي هو قرار تنفيذي له مؤيدوه وله معارضوه، قائلاً: «من المشروع إذا رأى الرئيس أن قراره دستوري وقانوني أن يتمسك به وإذا لم يجده كذلك أن يتراجع عنه»، لكنه تابع «الأفضل هو تنظيم قنوات صحيحة وصحية للتعبير عن الموافقة أو الرفض بعيداً عن التشابك». وأضاف سيف الدولة، «حالة الجدل والاحتقان السياسي تلك ليس لها علاقة بالوصول لما هو أفضل لكن لها علاقة بالانتماءات السياسية وهو ما يأتي على حساب الدولة نفسها حالياً». وأشار سيف الدولة إلى أن مشاهد الاشتباكات في التحرير هي أسوأ ما حدث في مصر بعد الثورة، قائلاً: «أنا منزعج مما يحدث في التحرير فالاشتباكات بين إخوة في الثورة»، مشيراً إلى عدم معرفته النهائية بإمكانية وجود بلطجية أو الطرف الثالث. ويعتقد سيف الدولة، الباحث المتخصص في الشأن القومي العربي، أن وجود قرارات الرئيس في مرمى الرقابة الشعبية ينهي فترة «القرارات المقدسة» في مصر والتي استمرت لعقود برأيه، معداً «أن ذلك سيؤدي لمنتج نهائي أفضل فيما يتعلق بالقرارات السياسية المهمة». وتقع في مصر اشتباكات لفظية بين القوى السياسية حول قرارات الرئيس أو مشروع صياغة الدستور أو ما يطرأ من قضايا خلافية أخرى، وهو ما يتحول أحيانا لأحداث عنف في الشارع كما حدث أمس في التحرير. ورسم سيف الدولة عبر «الشرق» روشتة علاج للواقع المصري الملتهب، قائلاً: «نحن نحتاج إلى عمل من الوزن الثقيل وصناعة سياسية ثقيلة يقودها قادة التيارات السياسة المختلفة لبناء جهاز عصبي وطني». وتابع، «المهم هو بناء جسور التواصل بين كافة التيارات السياسية المختلفة، وذلك يحدث عبر تقسيم ملفات الوطن لقسمين، الأول ملفات تشمل الثوابت الوطنية والمصلحة القومية مثل الأمن القومي والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر واستقلال القرار المصري. وواصل سيف الدولة قائلاً «أما الملف الثاني هو ملف يتضمن القرارات الخلافية الوقتية»، معداً أن بناء جسور التواصل أولاً سيخفف من حدة الصراع في الملف الثاني.