استهلت أمس محاكمة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في قضية الوظائف الوهمية في بلدية باريس، لكنها قد تتوقف سريعا بسبب مشكلة إجرائية أثارها الدفاع عن أحد المتهمين معه. وشيراك (78 عاما)، أول رئيس جمهورية سابق يمثل أمام محكمة، متهم بوقائع ترجع إلى مطلع التسعينيات من القرن الماضي عندما كان رئيسا لبلدية باريس. ومع إعفائه من حضور الجلسة الأولى للمحاكمة، توجه شيراك كعادته كل صباح إلى مكتبه في شارع «دو ليل». ومن المقرر أن يمثل شيراك أمام المحكمة. وقد خصصت مقاعد وثيرة من الجلد الأخضر للمتهمين العشرة الذين يبلغ أكبرهم الثانية والثمانين. وجرى حجب زجاج القاعة لمنع التقاط أي صور مختلسة. إلا أن المحاكمة التي تستغرق شهرا عادة يمكن أن تؤجل إذا استجاب القاضي لطلب المحامي جان أيف لو بورني الموكل عن أحد المتهمين الآخرين في الشق الباريسي للقضية. ويعترض محامي ريمي شاردون المدير السابق لمكتب جاك شيراك في بلدية باريس على قاعدة قانونية منعت توصيف الوقائع ويريد رفع الأمر إلى المجلس الدستوري. ومن ثم قدم طعنا في مسألة دستورية في المقام الأول. وإذا قبلت محكمة جنح باريس هذه المسألة الدستورية الأولية فإن المحاكمة «ستتوقف» وفقا لجان أيف لو بورني إلى أن تقرر محكمة النقض ما إذا كانت ستحيلها إلى المجلس الدستوري أم لا. وسيكون أمام هذه الهيئة القضائية العليا ثلاثة أشهر لاتخاذ هذا القرار. وفي حال رفعت المسألة إلى المجلس الدستوري الذي يشارك فيه جاك شيراك كعضو قانوني، سيكون أمام هذا المجلس أيضا ثلاثة أشهر للبت في الأمر. ولقضية الوظائف الوهمية في بلدية باريس شقان: الأول رفعت الدعوى فيه في باريس ويشمل 21 وظيفة متهم فيها تسعة أشخاص بينهم ميشال روسان المدير السابق لمكتب رئيس البلدية، مارك بلوديل السكرتير العام السابق لاتحاد القوى العاملة، وفرنسوا دوبريه شقيق رئيس المجلس الدستوري جان لو دوبريه. والملف الثاني رفع في ضاحية نانتير الباريسية ويشمل سبع وظائف. وقد أدين الآن جوبيه وزير الخارجية الحالي في 2004 في هذه الملف في حين كان شيراك يتمتع أنذاك بالحصانة الرئاسية. وفي اليوم الأول من المحاكمة سيقوم مدعي عام باريس جان كلود ماران، في تحرك غير معتاد، بشرح السبب الذي طلبت من أجله النيابة العامة الحكم بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى عام 2009. وسيكون المجني عليه الرئيسي، أي بلدية باريس، غائبا مع تخلي البلدية عن الادعاء بالحق المدني إثر اتفاق تعويض عقد في سبتمبر (أيلول) 2010 مع حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية ومع جاك شيراك. واتخذت جمعية مكافحة الفساد في فرنسا (انتيكور) وعدة أفراد صفة الادعاء بالحق المدني إلا أنه يتوقع أن ينازع محامو شيراك في وجودهم. ويواجه شيراك عقوبة السجن عشر سنوات وغرامة بمبلغ 150 ألف يورو في التهم المنسوبة إليه وهي «اختلاس أموال عامة» و «استغلال الثقة» و «استغلال منصبه في تحقيق مصالح شخصية». واستنادا إلى استطلاع للرأي، يرى 56 في المائة من الفرنسيين أنه يجب أن يحاكم كأي مواطن عادي، في حين اعتبر 70 في المائة «أنه من الطبيعي أن يحاكم» وفقا لاستطلاع آخر. ويرى وزير العدل السابق روبير بادنتير أن المحاكمة «أمر لا مفر منه». وفي حين يرى الاتهام أن الوظائف المعنية خدمت مصالح شيراك السياسية ومصالح حزب التجمع من أجل الجمهورية دون أن تفيد البلدية، يصر الرئيس السابق على أن هذه التوظيفات كانت «قانونية» و «في مصلحة بلدية باريس». وتم اعتماد 87 وسيلة إعلامية لتغطية الجلسة من بينها 27 أجنبية، كما جرى تخصيص نحو 20 مقعدا للجمهور.