«طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    خطيب المسجد الحرام: ما نجده في وسائل التواصل الاجتماعي مِمَّا يُفسد العلاقات ويقطع حِبَال الوُدِّ    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    إطلالة على الزمن القديم    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    فعل لا رد فعل    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    ترمب المنتصر الكبير    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    ندوة "حماية حقوق الطفل" تحت رعاية أمير الجوف    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفارق بيني وابن بطوطة أنه «مزواج».. رحالة العصر محمد بن ناصر العبودي في حوار معه
نشر في أنباؤكم يوم 18 - 04 - 2009


عكاظ 21/4/2009م
الفارق بيني وابن بطوطة أنه «مزواج».. رحالة العصر محمد بن ناصر العبودي ل «عكاظ»:
لم أكن قوميا ومازلت مقاوما وفضوليا وبقيت بأمر الملك
كل ما لذ وطاب من أنواع العلم والحديث والتاريخ والترحال تجدها في سيرة هذا العالم الذي طوى العالم طيا على مدى أربعة عقود، لكي يكون سفيرا غير عادي لهذه البلاد حتى أطلق عليه الناس (ابن بطوطة) عصره .. محمد بن ناصر العبودي رجل مثقل بهموم المسلمين في جميع أنحاء العالم من واقع التجربة والمشاهدة التي لم تتهيأ لغيره حتى من رؤساء الدول ومسؤوليها .. حاورته بعد أن أهداني مشكورا 67 كتابا من إنتاجه الغزير الذي جاوز الثلاثمائة وخمسين إصدارا، مشترطا علي قراءتها وتصفحها ليكون هذا الحوار فاستجبت لطلبه، لكن اكتشفت بعد لقائي معه بأنني كمن أخذ إبرة من بحر، وليعذرني القراء فالمساحة لا تفي بهذا الرجل ومخزونه الثري والنادر ورؤيته الثاقبة للأمور، وصراحته في طرح ما يراه دون خوف من أحد. قال صراحة بأنه مع الحوار مع أصحاب المذاهب المختلفة وخصوصا الشيعة، وأشار إلى ورع القضاة في فترة سابقة .. واعترف بأن فضوله الدائم وراء نجاحه كرحالة وكاتب .. ولم يتردد في الاعتراف برغبته في التعدد لولا انشغاله بالسفر وأنه باق في الرابطة إلى ما شاء الله بقرار من الملك فهد .. وفي ثنايا الحوار غيض من فيض:
• بداية، هل كنت ستقوم بهذه الجولات على مدى أربعين عاما، لتصبح رحالة هذا العصر لو لم تكن في الرابطة؟
في الحقيقة كانت لدي محبة للسفر، ولذلك حرص والدي أن يأخذني معه إلى الأماكن القريبة من مدينة بريدة لاهتمامه بي، لأنني الابن الوحيد الذي عاش بعد وفاة عدد من إخوتي الذين سبقوني، خصوصا أنني ولدت والوالد كبير في السن نسبيا، وكان يحب الترحال وهو رجل إخباري، وكنت أشعر بمتعة عظيمة للسفر معه، وأشعر أنها أماكن بعيدة لأنني لم أتعود على السفر بعد، أما موضوع الترحال والسفر، فهذا أمر هيأه الله لي فكنت في هذا المجال أربعين سنة حتى الآن، في ميدان التعاون مع الإخوة المسلمين والاتصال بهم والترحال إليهم في بلادهم وزيارة القرى والأماكن النائية التي يعيش فيها المسلمون، ويسر الله لي إشباع هذه الرغبة عن طريق القيام بالواجب، فكنت إذا سافرت أفكر في أداء مهمتي العملية، والثانية أنني كنت حريصا على أن اكتب عن المسلمين الذين أرحل إليهم إلى بقية المسلمين في العالم .
• الشيخ محمد السبيل يحفظه الله قال انه جاء للمعهد العلمي في بريدة مدرسا وأنت كنت مديرا للمعهد فكم عمرك الحقيقي؟
أنا افتتحت المعهد العلمي عام 1373ه وكان عمري ثلاثا وعشرين سنة، والحقيقة لم يكن لدي حفيظة نفوس، لأنه لا توجد وثائق للنفوس في ذلك الوقت.
• ولماذا كانت مرحلة انتقالكم للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة مفصلية في حياتكم العملية؟
لأنني انتقلت من المجال الضيق داخليا إلى المجال الرحب لخدمة جميع المسلمين في العالم خارجيا .
• متى بدأت تشعر أن لديك الرغبة في الكتابة؟
من طبيعتي الفضول، والفضولي هو الذي يعمل عملا لو تركه لما قال له الناس لم تركته وألفت كتبا لو تركتها، لما قال لي أحد لماذا لم تكتب أو تؤلف، لكن حب الاستطلاع تولد لدي عندما كنت طالبا بكتاب الشيخ محمد بن صالح الوهيبي في بريدة عام 1356ه، وكان يحضر لنا معه كتاب ( جواهر الأدب) للسيد الهاشمي، فكان يأخذ منه فقرات ويمليها علينا ثم يشرحها، فأعجبني الكتاب وطلبت منه أن يعيرني إياه يوم الجمعة، لدراستنا من السبت إلى الخميس، فأخذته معي إلى البيت وأخذت أقلده ثم ألفت كتابا فيه خرافات أطفال، هو أول ما كتبت في حياتي وكان عمري أحد عشر عاما.
• وهل استمر معك حب الفضول في الرحلات؟
بدون شك، فطبيعة عملي تستدعي مني أن أعمل ذلك، لأن المناطق التي أذهب إليها في جميع أنحاء العالم، يحضر فيها مسلمون من مناطق خلاف المدينة التي أذهب إليها فيدعونني لزيارتهم والاطلاع على أحوالهم وهذا أمر يسعدني، ويدخل في إطار واجبي فتجدني أتمدد في هذه الرحلة حتى أوفي الجميع حقهم، ولأكتب عنهم تقارير للجهات التي كنت أعمل بها بدءا من الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة في بادئ الأمر، ثم الأمانة العامة للدعوة الإسلامية التي مكثت فيها أمينا عاما لمدة ثماني سنوات ونصف في الرياض، ثم رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، وهذا هو الفرق بيني وكثير من الناس ممن يذهبون لإنهاء المهمة فقط .
• متى كانت أولى رحلاتك؟
بدأت هذا الأمر مع بداية أول رحلة لي عام 1384ه إلى أفريقيا وكانت في آخر عهد الملك سعود، عندما كنت أمينا عاما للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وكان الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله آنذاك نائبا لرئيس الجامعة الشيخ محمد بن إبراهيم يرحمه الله، وقد استمرت الرحلة مائة وسبعة عشر يوما، وعندما عدنا كان الملك فيصل قد تولى مقاليد الحكم .
• رحلة طويلة؟
لو عرفت أن الرحلة التي بعدها عام 1386ه استمرت خمسة أشهر وعشرين يوما، لهان عليك السؤال والذي كان يرافقني استنكر عليه مستقبلوه، عندما عاد لوجود شيب في رأسه، فأخبرهم بأن ذلك من هول ما شاهد في أفريقيا وقد تجولنا في ثلاثة عشر بلدا .
• كنتم تنسقون مع السفارات السعودية في كل خطواتكم؟
من الغريب أنه لم يكن للمملكة في ذلك الوقت سفارة في تلك المناطق التي ذهبنا اليها، وهي وسط وشمال وجنوب أفريقيا، عدا سفارة واحدة في العاصمة الصومالية (مقديشو).
• هل أحسستم بالخوف؟
رفيقي في الرحلة عبدالله الباحوث يرحمه الله، كان خائفا، لأنه في ذلك الوقت كانت أفريقيا متوترة، ومعنا أموال للمسلمين فقال لي: لو اعتدى علينا أحد لا يعرف أهلنا حتى مكان قبورنا يا شيخ، فقلت له : لا تخف والحافظ الله.
• كم جوازا استخدمت طوال فترة ترحالك في هذه العقود الأربعة؟
لم يسألني أحد هذا السؤال من قبل، ولكني والله لا أتصور عددها ولم أعدها حتى الآن، ففي الفترات الأولى كنت أصدر جوازا في أقل من سنة، ثم استبدله بآخر وعندما أمر على المطارات كانوا يقولون لي: العالم كله في جوازك من كثرة الأختام، وفي بعض الأسفار كنت أزور خمسة عشر بلدا دفعة واحدة.
• طبعا جوازك دبلوماسي؟
لم أستعمل جوازا عاديا مطلقا، لأن الملك فيصل أمر بصرف جواز خاص لي ولم يكن جوازا دبلوماسيا عندما سافرت عام 1390ه لتمثيل المملكة في الاجتماع الأول للجمعيات الإسلامية في أمريكا الجنوبية، بأمر من جلالته، ثم منحت جوازا دبلوماسيا عام 1394ه ولا يزال يجدد بآخر كلما امتلأ إلى الآن .
• ألم تسافر للاستمتاع في حياتك؟
لم أسافر للاستمتاع ولا رحلة واحدة، فكل رحلاتي طيلة السنوات الأربعين الماضية كانت لأداء الواجب .
• لماذا لا تسافر مع العائلة؟
نظرا لوجود أبناء في عائلتي فقد أوكلت إلى زوجتي أم ناصر حفظها الله هذه المسؤولية لأنني لا أسافر إلا للعمل، وقد قالت لي مرة أو مرتين لماذا لا تأخذنا معك؟ فأخذت من أجلهم إجازة لمدة شهر، وسافرت معها إلى المغرب وبعض الأماكن الأخرى وكان معي ابنتان صغيرتان ذلك الوقت .
• ما وجه الشبه بينك وابن بطوطة؟
هذا تشبيه مع الفارق لأن ابن بطوطة يرحمه الله عاش في ظروف تختلف فالعالم الإسلامي في القرن الثامن الهجري، كان يعيش حالة عجيبة من التضامن بين أفراده، فإذا جاء الغريب كطالب علم فإنه يجد مكانا لإقامته بعضها يسمى (الخانقاه) وكان الأمراء يوقفون أوقافا لطلبة العلم الغرباء فلا يحتاج أن يكون معه مال، ويجد حتى من يغسل له ثيابه بالصابون إذا اتسخت، وهذا مما قاله ياقوت الرومي، وهناك شيء آخر أن ابن بطوطة كان رجلا مزواجا، فكلما جاء إلى بلد اشترى له جارية شابة جميلة، وقد ذكر هذا الإعجاب بالجواري المعارسيات من (معارستا)، وهي ولاية من ولايات الهند وعاصمتها بومباي، والفارق أيضا في الصبر فقد كان يسير في الصحراء والبحار لأشهر وأيام، فيما نحن الآن طويت لنا الأرض طيا بفضل الله تعالى، فهي بين أيدينا والتحديات كانت موجودة من الكفار لكن لم تكن توجد دول كثيرة في تلك الفترة كما هي الآن، فوجود دول غربية كثيرة هذه الأيام أدى لمعاكسة طلبة العلم، والتحدي ليس من الدول فقط بل حتى من المؤسسات النصرانية واليهودية .
• هل تعرضت لهذه المواقف في سفرك؟
كل شخص يتعرض لها، ولكن المسألة تختلف تأثيرا وتأثرا، ففي موضوع العرقلة أنا أقاوم ولا أستسلم بسهولة، فيما يخص عملي و لا أذهب إلى بلد إلا بعد أن أنسق مع الإخوة المسلمين فيه، فإن أردت الذهاب إلى البراجواي فإنني أجمع معلوماتي من الإخوة في البرازيل، فيكتبون لإخوانهم في البراجواي، بأن فلانا سيأتي إليكم فتكون المسألة واضحة.. وأنا معي جواز دبلوماسي سعودي، فيعتبر عدم التعاون معه ليس بادرة طيبة بين الحكومات والمملكة، وهم لا يقولون لنا هذا علنا، ولكن تشعر بأن الأمور أصبحت صعبة أكثر من السابق ولكن التحديات موجودة، إلا أنها تزول إذا كانت هناك قوانين واضحة يتم تطبيقها في كل بلد.
• ولكنني أعرف أنك تعرضت للسجن أكثر من مرة؟
حدث هذا في جزر فيجي، وهي في آخر الشرق في قلب المحيط الهادي الجنوبي، حيث تتساوى هناك كل المسافات، فإن قالوا لك من الشرق أو الغرب فكلها مسافة واحدة، وعندما وصلت إلى المطار اعتقلوني وكنت مسافرا لوحدي، بسبب أن حكومة استراليا صادرت شحنة أسلحة مرسلة من دولة عربية إلى جزر فيجي، وفي ذلك الوقت كان هناك خلاف بين السكان الأصليين وبين المهاجرين الهنود وحدث انقلاب عسكري، فظن المسؤولون الاستراليون أن لي دخلا بالموضوع، فبقيت يومين ونصفا محبوسا في المطار، ثم سمحوا لي بالمغادرة بعد ذلك ولم أكمل عملي، لكنني كنت قد زرت هذه الجزر من قبل وألفت فيها كتابا.
• ألم تتعب وتسأم من السفر وأنت في منتصف عقد التسعين من العمر؟
ورد في الحديث الذي رواه الترمذي أن السفر قطعة من عذاب، وبعض الظرفاء قال كنت أظن أن السفر قطعة من عذاب، فإذا العذاب قطعة من السفر، لكن الإنسان ان كان له هدف لا يسأم وهذا يهون عليه متاعب السفر وفي بعض الأسفار، كنت أبقى ليوم كامل دون أن أجد مكانا لقضاء الحاجة فأتحمل على نفسي وأحيانا لا يوجد طعام، وإن وجد فهو ملوث وهذا يحدث أحيانا وليس دائما.
• لماذا لا تأخذ معك طعاما معلبا مثلا كإجراء احتياطي؟
أنا لا أحب الطعام المعلب، كما أنني لا آكل وحدي في السفر.
• كم مرة تعرضت للسرقة والنصب عليك في أسفارك؟
من حفظ الله لي والحمد لله أنني لم أتعرض للسرقة إلا مرة واحدة فقط في حادثة طريفة في مدينة (موزامبورا) عاصمة بوروندي، وكنت قد وصلت لمطارها برفقة رئيس المحاسبة في الجامعة الإسلامية عبدالله الباخوت، وكنا نتحدث أنا وإياه عند استلام العفش فقال لي هذه حقيبتي، وتلك لك، وانتظرنا أن يأتي بها الحمالون، ولكن هذا لم يحدث، واكتشفنا أن حقيبتي غير موجودة، وكان بها لباسي العربي وأشيائي الخاصة، فانزعجت كثيرا وكان من عادتي ان ارتدي الثوب العربي في الصلوات او الاجتماعات الرسمية، وان كنت ارتدي الزي الأجنبي في السفر، تجنبا للفت النظر وعندما لم تصل حقيبتي، سافرنا بعد يومين إلى نيروبي، فجاءتني برقية من رئيس الجمعية الإسلامية في بوروندي بأنهم وجدوا الحقيبة وكان السارق من موظفي المطار، وقد تم القبض عليه بعد أن وجد مبلغ 150 ريالا سعوديا في أحد جيوب ثوبي، فذهب يسأل أناسا من المسلمين عن قيمتها ولمعرفتهم بموضوع حقيبتي، أبلغوا الشرطة وبعد التحقيق معه اعترف بسرقتها وأعادها لهم، واستلمتها في كينيا.
• بلاد لا تمل من زيارتها؟
أي بلد لي فيه شغل لا أمل منه، لكن لو أضفت إليه عبارة بعد انقضاء المهمة فهي البرازيل التي ألفت فيها اثني عشر كتابا، فشعبها متسامح لكونهم كلهم غرباء .
• وما البلد الذي لم تزره حتى الآن؟
زرت كل دول قارات أفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية وكل جزر البحر الكاريبي وكل دول آسيا إلا ما ندر منها، وأقرب ما يكون جيراننا في دولة قطر فأنا لم أزرها إلى الآن لأنه لم يكن هناك مناسبة في عملي لأزورها.
• هل تعلمت لغات عالمية، أو لهجات خاصة؟
لا أعرف إلا الانجليزية، ولا أزعم أنني أعرفها كلها، ولكن أعرف ما ذكره أبو العيناء اليماني للخليفة العباسي المتوكل عندما سأله: ما تحسن؟ فقال : أفهم وأفهم، وهناك لغات مثل البرتغالية والاسبانية والسواحلية واستخدمها للتعاملات العامة في السفر.
• أدب الرحلات هل يدرس؟
الأدب لا يؤخذ مثل الفقه على يد شيخ، وإنما هو موهبة من الله وطبيعة استطلاع يجعلها الله في الإنسان ثم معاناة.
• لماذا لم تكمل حتى الآن معجم أهالي القصيم الذي بدأته منذ فترة طويلة؟
كثير من أهل القصيم يسألونني هذا السؤال، والسبب في تأخري عن إصداره أنني كتبت كتاب (معجم بلاد القصيم) في ستة مجلدات، واشتمل على جميع المدن والقرى والوديان والجبال، والأماكن التي لها أسماء خاصة في القصيم، وقد وجدت أن كثيرا من قرى القصيم أسستها أسر معينة، وعلي أن أتكلم عن هذه الأسر المؤسسة ليس من جهة النسب لأنه محدود، وإنما من جهة معرفة الأسر وتشعباتها والبارزين فيها وتاريخهم، وهذا الأمر هو الذي جعلني أؤجل كتاب معجم الأهالي خصوصا مع انتقال عملي إلى الخارج وبداية كتابتي عن الرحلات واللغويات، وعندما بدأ سفري يقل في الفترة الأخيرة، التفت إليه فوجدت أن معجم أسر بريدة يصل إلى اثنين وعشرين مجلدا، ففصلت أسر بريدة عن معاجم بقية القصيم، وسيصدر قريبا معجم شمال القصيم وسيتبعه معاجم عن الشرق والشمال والغرب.
• تقصد الأسر المتحضرة في القصيم؟
هذا كتاب حمد الجاسر، وهو مأخوذ من فكرتي واستعان فيه بتسع إصدارات كنت قد أعددتها في هذا الشأن لأصدرها في كتاب، ولكنه أقنعني لكتابته عن أنساب الأسر المتحضرة عدا الأسر القصيمية التي لم يكن يملك بشأنها معلومات كافية فأعطيتها إياه، وقد أشار إليها في مقدمة كتابه وهو صديق عزيز ولنا ذكريات كثيرة سويا.
• هل تحتاج للتفرغ لتقوم بهذه الأعمال الكتابية الهامة؟
إذا قست المستقبل على الماضي فأنا لا أحتاج إلى التفرغ، وقد وصل عدد كتبي 374 كتابا وبعضها في مجلدات كثيرة تصل إلى ستمائة صفحة وكل هذه كتبتها، وأنا غير متفرغ للكتابة، ولكن الحقيقة أن كل من يعمل عملا فكريا لابد أن يكون فكره متفرغا، وليس المقصود من التفرغ أن يهتم فقط بهذا العمل، فهذا لا يمكن بسبب الاهتمامات الأسرية في الداخل والاهتمامات العملية الخاصة بالعالم الإسلامي في الخارج، لأنني أكتب في وقت لا يستطيع غيري أن يكتب فيه كثيرا والمشكلة أن خطي رديء ولكنني أحب أن أكتب كثيرا.
• طالما لديك صفة الفضول، فلم لم تتعلم الكتابة على الحاسب وتريح نفسك؟
لا تصلح له أصابعي وأحب أن أكتب بيدي دائما.
• الكتابة هل تورث، في ظل وجود ابنك طارق كاتبا في صحيفة الرياض وابنتيك شريفة وفاطمة أيضا؟
الاستعداد للكتابة ربما يكون وراثيا، ولذلك ابنتي شريفة أصبحت مؤلفة وطبعت ثمانية كتب حتى الآن، وهي أديبة ومثلت الأديبات السعوديات في دمشق عندما كانت عاصمة للثقافة العربية.
• انتقدت الخطوط السعودية عدة مرات في كتبك التي أصدرتها، فهل لازالت على نفس التصور؟
عندما بدأت السفر لم تكن الخطوط السعودية تصل إلى هذه الأماكن البعيدة في أمريكا الجنوبية وأفريقيا إلا عدن والصومال، كما أنني سافرت على الطائرات السعودية قبل أن تصبح الخطوط السعودية مؤسسة، من الرياض إلى الظهران وسافرت على طائرة ملكية لأن ابن عمي محمد الذيب كان قائدا للحرس الملكي، لكن الخطوط السعودية الآن تعتبر من أرقى خطوط الطيران وأحسنها معاملة وان كانت لاتصل إلى كل الأماكن التي ذهبنا إليها حتى الآن كمنطقة الجنوب الأفريقي مثل ناميبيا والكونجو، وكذلك روسيا أيضا.
• في كتابك عن هولندا كتبت أربع صفحات تفصل فيها ما يحدث في سوق البغاء هناك.. ألم تنتقد على هذا الأمر؟
ذكر الشيء السيئ للتحذير والتنفير منه أمر مطلوب، والله سبحانه وتعالى حقق في الكفار (قالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله)، فأنا أولا لم أذهب لهذا الغرض أصلا وليس عندي مانع من الذهاب لأنني أرى وأسجل ولا أمارس الفحش، وإنما أرى في الشارع، وقد اختار أن يطلعني على هذا الموضوع الأخ عبد الله الأهدل يرحمه الله، وكان رئيسا للمركز الإسلامي في بلجيكا، وكنا ذاهبين إلى هولندا لانجاز بعض الأمور فقال لي أريد أن اريك درجة تدني المدنية الغربية، فدخلنا مع شارع ليس مغلقا يدخل معه الصغير والكبير، فرأيت ما رأيت وكتبت لأن بعض الشباب العربي، وقعوا في حبائل هذا الشارع بما فيه من أمراض وأخطار، فأحببت أن أساعد في حل هذه المشكلة بالكتابة عنها، و كتبت عن البغاء في فرنسا فقال لي أحد الإخوة إن الذي يقرأ موضوعك لو كانت لديه رغبة لذهب، والبعض قال إن العبودي يكتب عن النساء ولا يكتب عن عبادة القبور ويقصد كتابي (مدغشقر بلاد المسلمين الضائعين) فقلت له إن هذه البلاد ليس فيها قبور يتبرك بها الناس، لأن الناس خرجوا عن أصل الإسلام وانقطعت صلتهم بالمسلمين فهم بلا دين.
• بعض الشعوب الإسلامية تنظر للقادمين من بلاد الحرمين على أنهم مباركون فيزوجونهم ببناتهم .. هل مررت بهذه المواقف؟
عرضوه علي كثيرا لكنهم يعرفون أنني لا أستقر في سفري، فأنا أتنقل بمجرد انتهاء عملي من مكان إلى آخر، وقد جاءني في مالي رجل معروف هناك اسمه الشيخ أيوب، وقال إن لدينا مشايخ يعقدون للرجل على فتاة فإذا أراد أن يسافر ويطلقها لتعود إلى أهلها فلا مانع، ودون أي مشاكل وهو أمر متعارف عليه عندنا فأخبرته بأن لا حاجة لي في ذلك، والحال كذلك حدث معي في قازاخستان، وقالوا لي: عندنا بنات جميلات ونحن نضمن لك أنك إذا أردت تركها أن لا يحصل شيء، فقط تعطيها بعض المال فأخبرتهم بأنني رجل متزوج ومن أنصار التوحيد.
• زواج شبيه بالمتعة؟
لا، هناك فرق كبير بينهما، فالمتعة غير الاستمتاع لكونها قضية فقهية يستعملها الشيعة بأن يأتي الرجل العاقد، فيقول أريد أن أتزوج هذه المرأة لمدة معينة فيتوافقا ويحرر بينهما العقد على هذا الأساس، لكن هذا الزواج بنية الطلاق فيه خلاف بين أهل السنة والمفروض أنه لا بأس به لأنه لا يوجد أحد يريد الزواج بامرأة إلى يوم القيامة، خاصة إذا كانت امرأة ثانية فمن يذهب لأمريكا أو أوروبا منتدبا لعمل لسنتين أو ثلاثا، ولا يستطيع أن يأخذ زوجته معه، فينوي أنه إذا أخذ فتاة في الغربة لا يتركها إلا عندما يموت أمر صعب، ولكنه لا يشترط ولا يحدد، ولا يذكر شيئا محددا في العقد، أما بينه وبين الله أنه إذا انتهى عمله يطلقها فهذا موضوع ثان.
• المعروف أنك من أنصار التوحيد وهذا من الأمور التي تسعد (أم ناصر) مع أن التعدد منتشر في القصيم.. فهل حرمك الترحال من ذلك؟
ربما كان انشغالي بالكتب والسفر سبب في ذلك فعلا،، ولك أن تعجب أن والد زوجتي معه أربع زوجات ووالدي توفي عن اثنتين أمي وواحدة قبلها، كما ان ابن خالي متزوج من ثلاث.
• كتبت عن القضاء فقلت إن القضاة في بداية تأسيس الدولة، كانوا غاية في الورع .. ماذا كنت تقصد؟
هذا صحيح فالقضاة في القديم كانوا في غاية الورع، حتى أنه لا يمكن أن يخطر في بال أحد حتى من يكرهون القاضي أنه يحابي أحدا على حساب الآخر، لأن اختيارهم كان مبنيا على ورعهم فلا يختار إلا من أهل الدين والورع وقيام الليل وصيام النهار، ومن المعروف في عهدنا أنه لم تكن هناك كليات تعلم الناس لدرجة أن مدرسة دار التوحيد عندما افتتحت لأول مرة في الطائف عام 1364ه وكانت مدرسة داخلية، اختير لها الطلاب بالقوة وادخلوا فيها مكرهين ولكن بعد نهاية العام الدراسي عاد كل الطلاب إلى المدرسة، لأنهم وجدوا التعليم والطعام والخيرات، وكان يتم اختيار القضاة بناءً على طلب من الملك عبد العزيز لمن يقضي في المنطقة، مثلا الشيخ عمر بن سليم يرحمه الله طلب منه أكثر من مرة أن يعين القضاة والقضاء، ومن ثم فإن الناس يطمئنون ويسلم الحاكم من الإزعاج، فكان القاضي يختار من طلبة العلم الذين لهم نشاط ومعرفة وتربوا تربية إسلامية،أما القضاة في الزمن الأخير فأنا لم أتكلم فيهم لا نفيا ولا إثباتا لأنه ليس من حقي أن أتكلم في هذا الأمر، وإنما أردت أن أذكر أمورا تاريخية عاصرتها وشاهدتها.
• قيل بأنك الأكفأ لتكون أمينا عاما لرابطة العالم الإسلامي، ولكن هناك أسبابا وقفت حيال ذلك؟
لا أقول ذلك وربما يحسن أن يسأل الناس عن ذلك.
• هل صحيح أن من هذه الأسباب إعجابك بالقومية العربية في الستينات؟
هذا غير صحيح، فأنا لم أعجب بالقومية ولا بالناصرية قط، إلا عندما كان عبد الناصر يؤمم قناة السويس، وكانت المملكة تساعده، وكما فعلنا مع صدام حسين ولكن هؤلاء الحكام المتقلبون لا يبقون على مبدأ.
• ما وضع الرابطة الآن، وهناك من يرى تراجع دورها وأهميتها؟
كانت الرابطة إلى السنوات الأخيرة تنمو نموا جيدا، إذا قارنتها بأول ميزانية أيام محمد سرور الصبان يرحمه الله وكانت مليوني ريال فقط، ولم يكن يتسلم منها راتبا، بل على العكس فقد كان يتبرع لها، ثم جاء بعده محمد صالح قزاز، ولم يكن يأخذ هو الآخر منها راتبا قط، بل كان يترع لها لدرجة أنه يدفع من جيبه الخاص قيمة تذاكر السفر للمهام العملية الخاصة بها، أما الآن فميزانيتها مائة مليون ريال سنويا، إضافة إلى عشرين مليونا ميزانية المجلس العالمي للمساجد، لكن الشيء الذي يلاحظ في السنوات الأخيرة، تشديد بعض الدول ورفضها مساعدة الجمعيات الإسلامية، فالرابطة الآن ليس بإمكانها أن تحول ما تريد تحويله عن طريق البنوك، خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر، وهي تشكل عامل ضغط على أعمالها بدون شك.
• لماذا لم تتقاعد من العمل في الرابطة رغم بلوغك السادسة والثمانين من العمر؟
أنا متقاعد منذ سنوات، ولكن صدر بشأني أمر ملكي من الملك فهد بن عبد العزيز يرحمه الله عام 1414ه، وسبقه قرار عام 1409ه من مجلس الوزراء بأن أبقى في الرابطة دون تحديد زمن لذلك .
• ينكر البعض عليكم موقفكم شبه المتفق من الحوار مع بعض الفرق الاسلامية؟
الاتفاق معهم لم أقله عامة، فهم عندهم عقائد قديمة وهم أقلية ودائما الأقلية فيما بينها وعلى مدى العصور تتكلم عن الاضطهاد حتى ولو لم يكن هناك، ولهذا فليس من السهل أن تأتي لأناس منهم، وخاصة طلبة العلم وتقول له تعال نتفق أنا واياك على أن تترك مذهبك فهذا أمر فيه صعوبة ولا يمكن أن يحدث، وكذلك السني لايمكن أن يقول ذلك، فنحن لانوافقه، لكنني قلت لهم أننا نتفق على ما نحن متفقون عليه ونترك مانحن مختلفون فيه، فمثلا أركان الإسلام الخمسة نحن وإياهم متفقون على وجوبها، وثانيا أن نبتعد بعدا عظيما عن القدح في الرموز الإسلامية فلا نسمح بأن يذكر أحد صحابة رسول الله بسوء، وفي المقابل لا نسمح بأن يسب أهل السنة أئمة أهل البيت، وبالفعل نحن لا نسبهم وبعضهم نترحم عليهم فنتعامل فيما نتفق عليه والذي يمس مشاعر الناس نستبعده وهذا الذي قلته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.