الاقتصادية - السعودية بدأت نواة المحاكم المرورية تتشكل بعد أن تم افتتاح 24 دائرة متخصصة في المحاكم العامة في مختلف مدن المملكة ومناطقها للفصل في الدعاوى الناشئة عن الحوادث المرورية، وقد أوضح ذلك الأمين العام للمجلس الأعلى للقضاء. ويأتي ذلك استكمالا لما نصت عليه التنظيمات القضائية الجديدة التي أعادت هيكلة السلطة القضائية في عام 1428ه، وفرضت أن يتم إنشاء محاكم متخصصة بحسب الحاجة، وهو قرار تزامن مع ما تناوله مجلس الشورى من خلال لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية، الذي أبدى استغرابه من التأخر في تنفيذ آلية نظام القضاء، وقد طالب عدد من الأعضاء في المجلس وزارة العدل بسرعة تنفيذ ما نصت عليه التنظيمات القضائية. إن كل دائرة من الدوائر المرورية ستتكون من قاض واحد وسيتم زيادة هذه الدوائر بحسب الحاجة خدمة وتسهيلا للمتقاضين، بما يسرع من الإجراء للفصل في الدعاوى، حيث أطلق المجلس الأعلى للقضاء ممثلا في الإدارة العامة للربط القضائي بالتعاون مع الإدارة العامة للحاسب الآلي بوزارة العدل، برنامجا تفاعليا يقوم على وضع بيانات دقيقة وإحصاءات عن قضايا السجناء، والمتابعة العملية لقضاياهم عن بعد، وهو ما سيكون محلا للتعاون بين الإدارة العامة للمرور والمحاكم من أجل تحقيق التكامل في إيضاح الحقوق عند الفصل في الدعاوى بين أطراف الحوادث ومجريات التحقيق في الحوادث المرورية. ولمنع الازدواج في الاختصاص بين المحاكم الجزائية والمحاكم المرورية يجب أن تحدد قواعد الاختصاص ذلك بكل وضوح، فهناك عقوبات تضمنها نظام المرور ولائحته التنفيذية ومعظم الحوادث ناتجة عن مخالفات من أحد الأطراف، فضلا عن أن جميع المخالفات يتم إقرارها في حال وجود مخالفة. ومن المؤسف أن بعض المخالفات البسيطة العمدية أو غير العمدية قد أودت بأرواح أبرياء، ولكن لم تقف الجهات الرسمية مكتوفة الأيدي، بل أعادت النظر في بعض المخالفات التي أصبحت تتجاوز المخالفة لتكتسب صفة الجريمة، وذلك بحسب التوصيف الجديد للجرائم الموجبة للتوقيف، فقد صدر قرار وزير الداخلية بتحديد الجرائم الكبيرة، حيث تضمنت الفقرة (17) حوادث السير في أثناء قيادة المركبة تحت تأثير المسكر أو المخدر أو المؤثر العقلي أو التفحيط أو قيادة المركبة في اتجاه معاكس لحركة السير أو تجاوز إشارة المرور الضوئية في أثناء إضاءة الضوء الأحمر، إذا نتج عنها وفاة أو زوال عضو أو تعطيل منفعة أو جزء منها، أو إصابة مدة الشفاء منها تزيد على 15 يوما. وهناك موقف فقهي بخصوص تلك الحوادث الشنيعة يتجاوز حدود الفتوى الفردية إلى الفتوى الجماعية، حيث أقر مؤتمر مجلس الفقه الإسلامي الدولي المسؤولية الجنائية على قائدي المركبات في حال السرعة وعدم المبالاة، ووجوب التزامهم بأنظمة المرور التي قصد بها المصلحة العامة، وتجريم تصرف قائد المركبة تصرفا يفضي غالبا إلى الإضرار بنفسه أو بغيره، ويتضمن ما ترتب على تصرفه من أضرار. ومن ذلك قطع الإشارة الحمراء والسرعة العالية المفرطة والاستعراض بالسيارة (التفحيط) والمطاردات غير المشروعة والإهمال في صيانة أو قيادة المركبة إهمالا ينشأ بسببه الضرر.. تلك وغيرها تترتب عليها مسؤولية جنائية؛ لأنها بمنزلة مشروع ارتكاب جناية بحق الآخرين والنفس أيضا.