الاقتصادية - السعودية بالفعل أصدر المجلس الأعلى للقضاء قرارا بمباشرة المحاكم العامة الاختصاص القضائي بالفصل في حوادث السير والمخالفات المرورية، وذلك بتطبيق آلية نظام القضاء في هذا النوع من المنازعات والمخالفات من خلال دوائر مرورية تنشأ لهذا الغرض في المحاكم العامة، وتتولى هذه الدوائر المرورية الفصل في الدعاوى الناشئة عن حوادث السير، والمخالفات المنصوص عليها في نظام المرور ولائحته التنفيذية وسيتم ترتيب الأعمال الإدارية في هذه الدوائر بعد ورود الإحصائية بالحوادث والمخالفات، التي سيقدمها المرور للمجلس لتكون المعلومات الأساسية لمعرفة عدد الدعاوى والمخالفات المتوقع النظر فيها. لقد بدأت معالم مشروع إعادة هيكلة السلطة القضائية تتضح فقد استقلت المحاكم الجزائية عن المحاكم العامة. ومن المتوقع أنه مع بداية العام الهجري القادم 1436ه، سوف يتكامل اختصاص المحاكم الجزائية بانتقال ومباشرة قضاة ومنسوبي الدوائر الجزائية التابعة لديوان المظالم إلى المحاكم الجزائية وهذا سيشمل الدوائر الجزائية الابتدائية والاستئنافية القائمة حاليا بديوان المظالم وعددها 31 دائرة بجميع قضاتها وعددهم 101 قاض ومعاونوهم ووظائفهم عندها ستكون المحاكم الجزائية شاملة لكل الدعاوى الجزائية وموحدة تحت محاكم جزائية في جميع مناطق المملكة. إن هناك علاقة وثيقة بين المحاكم الجزائية من حيث اختصاصها النوعي وبين الحوادث والمخالفات المرورية، فهناك عقوبات تضمنها نظام المرور ولائحته التنفيذية ومعظم الحوادث ناتجة عن مخالفات من أحد الأطراف فضلا عن أن جميع المخالفات يتم إقرارها في حال وجود مخالفة. ومن المؤسف أن بعض المخالفات البسيطة العمدية أو غير العمدية قد أودت بأرواح أبرياء ولكن لم تقف الجهات الرسمية مكتوفة الأيدي، بل أعادت النظر في بعض المخالفات التي أصبحت تتجاوز المخالفة لتكتسب صفة الجريمة، وذلك بحسب التوصيف الجديد للجرائم الموجبة للتوقيف فقد صدر قرار وزير الداخلية بتحديد الجرائم الكبيرة، حيث تضمنت (الفقرة 17) حوادث السير في أثناء قيادة المركبة تحت تأثير المسكر أو المخدر أو المؤثر العقلي أو التفحيط أو قيادة المركبة في اتجاه معاكس لحركة السير أو تجاوز إشارة المرور الضوئية أثناء الضوء الأحمر إذا نتج عنها وفاة أو زوال عضو أو تعطيل منفعة أو جزء منها أو إصابة مدة الشفاء منها تزيد على 15 يوما. وهناك موقف فقهي بخصوص تلك الحوادث الشنيعة يتجاوز حدود الفتوى الفردية إلى الفتوى الجماعية، حيث أقر مؤتمر مجلس الفقه الإسلامي الدولي المسؤولية الجنائية على قائدي المركبات في حال السرعة وعدم المبالاة، ووجوب التزامهم بأنظمة المرور التي قصد بها المصلحة العامة، وتحريم تصرف قائد المركبة تصرفا يفضي غالبا إلى الإضرار بنفسه أو بغيره، ويضمن ما ترتب على تصرفه من أضرار. ومن ذلك قطع الإشارة الحمراء والسرعة العالية المفرطة والاستعراض بالسيارة (التفحيط) والمطاردات غير المشروعة والإهمال في صيانة أو قيادة المركبة إهمالا ينشأ بسببه الضرر.. تلك وغيرها تترتب عليها مسؤولية جنائية؛ لأنها بمنزلة مشروع ارتكاب جناية بحق الآخرين والنفس أيضا. لقد قرر الفقهاء أن يتحمل المباشر لقيادة السيارة المسؤولية الجنائية عمدا أو شبه عمد أو خطأ بحسب الحالة وبحسب الظروف والملابسات، ولولي الأمر وللقضاء إيقاع عقوبة التعزير المناسبة وإن من المُفترض أن تؤدي العقوبات بحسب مآلها المعتاد إلى تقويم سلوكيات الفرد وتغييرها نحو الأفضل، ثم الحرص على تنمية وعي الفرد تجاه المجتمع لضمان تحقيق الهدف الذي هو في النهاية ناتج جماعي يكتسبه الكل وليس على مستوى فردي. والحقيقة أن نتائج تطبيق نظام ساهر أسهمت في تغيير سلوك سائقي المركبات، وهو ما يمكن معرفته من خلال إحصائية دقيقة توضح كيفية تغير سلوك قائدي المركبات، ومنها انخفاض نسبة الحوادث والوفيات والتلفيات في المركبات والطرق.