ياسر بن عبدالله النفيسة مال الاقتصادية - السعودية الجنسية الامريكية كانت لفترة من الزمن امرا مرغوبا لدى البعض من الجنسيات الاخرى. فهم يريدون التمتع بما تقدمه من مزايا واهمها الدخول الى عدد كبير من البلدان بدون فيزا (تاشيرة الدخول) بخلاف كونها امريكا اللاعب الاول في المشهد العالمي سياسيا و اقتصاديا. لكن ولأن امريكا تعتبر الضرائب مصدرا قوميا للدخل ولان البعض اراد الاستمتاع بمزايا الجنسية دون ان يقدم في مقابله (كما هم يعتقدون) او انه اراد اخفاء جزء من ثروته خارج امريكا للتهرب الضريبي، لذا رأت الحكومة الامريكية الحديثه ضرورة التعامل مع ذلك الامر للحد من متهربي الضرائب حيث قدرت الاحصاءات الحكومية لمصحلة الضرائب الامريكية (IRS) ان حجم الدخل المفقود نتيجة التهرب الضريبي ممن يتواجدون خارج الولاياتالمتحدةالامريكية من حاملي الجنسية الامريكية حوالي 900 مليون دولار للسنة الواحدة (وكانت البداية في عام 2009م حين كشفت فضيحة بنك UBS عدد هائل من الاصول المالية المخفية داخل حسابات خارجيا وتحديدا في بنوك سويسرية لم تكن تخضع للضريبة). هذا الامر كان اهم الحوافز لجعل الحكومة الامريكية تقر النظام الخاص بالافصاح عن دخل الامريكيين المقيمين خارج الولاياتالمتحدةالامريكية (او ما يسمى بنظام FATCA) هذا النظام اقر عام 2010م ليلزم المؤسسات المالية خارج الولاياتالمتحدةالامريكية في البلدان التي وقعت الاتفاقيه مع الولاياتالمتحدةالامريكية (والسعودية واحدة من هذه البلدان) بان تفصح عن المعلومات الخاصة بحسابات الاشخاص الذين يحملون الجنسية الامريكية. قد تكون لاحظت مؤخرا بان البنوك تقدم اليك ضمن اجراءاتها المصرفية ورقة مفادها سؤال عريض هل انت تملك الجنسية الامريكية؟ وهذه الورقة هي اجراء قانوني يقوم به البنك فعند اعترافك بالجنسية البنك ملزم نظاما بان يفصح عن معلومات حسابك والدخل المتصل بها الى مصلحة الضرائب الامريكية من خلال الجهة المعنية في البلد (مثل مصلحة الزكاة والدخل). وعدم افصاح المؤسسات المالية للمعلومات الخاصة بحسابات الحاملين للجنسية الامريكية يعرضهم لعقوبات تتمثل في الحجز على ما يقارب 30% من اي مدفوعات يستحقها ذلك المصرف او المؤسسة من امريكا (سواء توزيعات ارباح او عوائد سندات او مبالغ على مؤسسات مالية امريكية ....الخ). بعد أن سمعت بهذا النظام كنت اعرف ان النظام سيكون مؤثرا للغاية على ولابد ان يؤخذ بمحمل الجد. كان هذا الشعور يراودني حتى تاكد ذلك من خلال الندوة الجميلة التي اعدتها الجمعية السعودية للمحاسبة الاسبوع الماضي بعنوان الاقرار الضريبي فاتكا، فخلال الندوة كان هناك عرض موجز عن النظام لكن كان الجزء الاكثر حيوية او جذبا هو مشاركة الحضور في الندوة لبيان ما تعرضوا له من خبرات ناتجة عن هذا الاجراء او النظام. حيث فوجئت بعدد من الحاضرين(ممن يحملون الجنسية نتيجة لميلادهم بالولاياتالمتحدةالامريكية إبان دراسة او عمل آبائهم في امريكا) يتحدثون عن ان هناك بنوك محلية قامت بتجميد حساباتهم البنكية نتيجة لهذا القرار ونتيجة لعدم الافصاح عن معلوماتهم رغم حملهم الجنسية او نتيجة عدم افصاحهم عن معلومات هامة (مثل رقم ال Social Security Number أو Tax Identification Number). و لاهمية هذا النظام وتاثيره على عدد ليس باليسير من السعوديين ممن ولدوا بالولات الامريكية خصوصا مع تنامي حجم برنامج الابتعاث فالامر لا يجب ان يستسهل به ولا يجب ان يضخم ايضا. النقطة الاهم و التي يجب اخذها والوعي بها هي أن نظام فاتكا (FATCA) هو فقط ملزما الجهات المالية (البنوك والمؤسسات المالية) بالافصاح عن المعلومات المالية لمصلحة الضرائب الامريكية وليس نظاما لجباية الضرائب. الافصاح يعني ان مصلحة الضرائب الامريكية ستكون على علم بحجم الدخل الخاص بالفرد الامريكي المقيم خارج الولايات وتبعا لذلك حجم الضرائب المفترض جبايتها من ذلك الفرد وفق الانظمة واللوائح الامريكية. ليس كل من يحمل الجنسية يعني انه ملزما بسداد ضريبة ولكن يجب عليه التعرف على مدى تعرضه للضريبة من عدمها بناءا على استشارة من لديه الخبرة (كمكاتب المحاسبة الاربعة الكبيرة: Deloitte, E&Y PWC (KPMG, فمتى كنت تملك دخلا خاضع للضريبة وفق الانظمة الامريكية ولم تقم بسداد الضرائب المستحقة فهنا يعد ذلك تهربا ضريبيا وفق الانظمة الامريكية. الاجراءات النظامية المترتبة على عدم تقديم الاقرار الضريبي وعدم السداد لابد من استيضاحها من قبل مكاتب المحاسبة او المحامين ممن لديهم اطلاع لنظام الضرائب داخل الولات المتحدةالامريكية حيث ان هناك نظام قانوني مشتملا على غرامات وعقوبات بشأن المتهربين عن دفع الضرائب وايضا الغير مقدمين لنماذج الضرائب ((Filing tax forms. ولدلالة اهمية هذا النظام وسعي الحكومة الامريكية للمضي قدما في تطبيقه اوضحت مصلحة الضرائب الامريكية (IRS) أن عدد المتنازلين عن الجنسية في السنة الماضية وصل الى حوالي 4000 شخص وكان منهم اشخاص اصحاب ثروات طائلة (والاحصاءات تشير الى تضاعف اعداد المتنازلين بعد صدور النظام). كما ان تعاملات المؤسسات المالية في سويسرا باتت اكثر حذرا في التعامل مع الحاملين للجنسية الامريكية بعد تعرض احد المؤسسات المالية السويسرية لتبعات عدم الافصاح لبيانات احد الاثرياء الحاملين للجنسية الامريكية (وصلت الى حوالي 780 مليون دولار غرامات). وفي نفس السياق تستعد مصلحة الزكاة والدخل ( كما ورد في صحيفة الاقتصادية هذا الاسبوع) الى حصر عدد الاشخاص الخاصعين لهذا النظام بالسعودية بناءا على البيانات المفصح عنها من قبل المؤسسات المالية. اضافة الى كل ما سبق يجب ان نعرف ان الامر لا يختص بالشخص لوحدة بل ايضا الى ما يتصل به من منشآت اعتبارية فحتى الشركة التي احد شركائها حامل للجنسية تخضع لنظام الافصاح اياه, و ايضا الزوج والزوجة حين يملكون حساب موحد وكان احدهما حاملا للجنسية الامريكية هنا يخصع الحساب للافصاح وغيره من الحالات المتأثرة بهذا القرار. خلاصة القول: العقوبات والتبعات القانونية للتهرب الضريبي امر يجب ان يضعه في الاعتبار الحامل للجنسية الامريكية سواء برغبة او من خلال ولادة على الاراضي الامريكية وياخذه بمحمل الجد لا القلق، ايضا التبعات لعدم الافصاح السليم من قبل الجهات والمؤسسات المالية امر لابد ان يوضع بالاهتمام وقبل ذلك لابد من اعلام عملاء المؤسسات المالية في المملكة العربية السعودية بالهدف والغرض من الافصاح وحيثيات النظام واجراءااته فلا زال النظام ليس واضح المعالم الى الكثير داخل السعودية. ايضا من الضرورة ان يتم بيان الاجراءات الجزاءات المصرفية المترتبة على عدم افصاح الشخص الحامل للجنسية الامريكية الى المؤسسة المالية بالمعلومات المطلوبة حيث لابد ان يكون الاجراء عادلا وواضحا و ثابتا بين مختلف البنوك والمصارف فالتفاوت لابد ان يحل بالمعايير واللوائح الواضحة التي يجب ان تعمل عليها مؤسسة النقد، فليس منطقيا (وفق ما ادلى به بعض اهل التجربة) ان يجمد بنك حسابا لغياب معلومات الافصاح في حين لا يقوم بذلك بنكا اخرا. أكاديمي متخصص في المحاسبة [email protected]