الاقتصادية - السعودية يتوقع البعض أن يتنفس مسؤولو المالية الصعداء بعد قرارات مجلس الاقتصاد والتنمية نقل بعض أعباء الوزارة إلى جهات أخرى. لكن ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة، فحب التملك طبع بشري، والسيطرة على أكبر قدر من السلطة يدفع بالإنسان نحو مغامرات لا نهاية لها. تلك هي الحالة الطبيعية، ويمكن أن نستثني منها الوزير السابق الدكتور سليمان السليم، الذي بادر إلى نقل مصلحة الإحصاءات العامة إلى وزارة التخطيط ومعهد الإدارة العامة إلى وزارة الخدمة المدنية. الاستثناءات مثل الوزير السليم هم أصحاب المبادرات والمؤثرون في مسارات التنمية بمفاهيم وضع الخدمة العامة قبل مصالح المنظومات المتنافسة، بغض النظر عن الأشخاص. تبقى مجموعة من المنظومات المهمة التي تتبع وزارة المالية بحكم أقدميتها، أو مسؤوليتها عن تسلم وتوزيع إيرادات الدولة، وإن بصفة استشارية في بعض الحالات. تبقى هذه المنظومات بحاجة إلى إعادة دراسة ارتباطها، وإحالتها إلى الجهات ذات العلاقة. بحكم مساحة المقال، لن أتطرق لكل المنظومات التي يجب أن تنفصل عن الوزارة الأم، وتنتقل إلى جهات أكثر ارتباطا بمهمتها، وأضمن لتأثيرها في مسار التنمية، وأبعد عن تعارض المصالح الذي يطال كثيرا من منظومات العمل العام اليوم. لكنني أركز مقالي على جهة تتحقق فيها الشروط الثلاثة الملزمة للفصل، هي وكالة وزارة المالية للميزانية. إن جميع خطط الدولة الخمسية التي وصلنا إلى العاشرة منها تصدر بشكل إنشائي لا يحمل أي أرقام سواء لمؤشرات الأداء أو تكاليف أهداف الخطة وكيفية رصدها وتسلمها وصرفها، لهذا بقيت كثير من أهداف الخطط الخمسية تتكرر دون إنجاز. إن وجود خطط خمسية مفصلة إلى مستوى ربع سنوي، وبمؤشرات أداء لكل هدف يمكن أن تحاسب عليها الجهة، أمر أساسي في المرحلة الحالية. هذه الخطط تبنى على معلومات مالية، وتقرها جهة متخصصة، لها صلاحية توزيع المبالغ على الأهداف، وتضمن عدم تعارض أهداف الوزارات أو تداخلها أو تكرارها. كل هذا يدفعني للدعوة إلى ربط وكالة الوزارة للميزانية بوزارة التخطيط والاقتصاد. يؤدي أمر كهذا إلى ضمان إدارة علمية للموارد، وصرف على أهداف معروفة ومتفق عليها، ويلزم مؤسسة النقد والوزارتين بالجزئية التي تخص كلا منها في التحصيل والتخصيص والصرف، كما يسهم في فاعلية أجهزة الرقابة على المال العام.