32 مليار ريال القيمة السوقية للرياضة بالمملكة    تدشين حملة الأمير سلطان للتوحد بجازان    أمير الحدود الشمالية يستقبل مدير سجون المنطقة السابق والمعين حديثًا    استشهاد ثمانية فلسطينيين في قصف إسرائيلي    أمير الحدود الشمالية يستقبل المسؤولين والمواطنين في محافظة رفحاء    طريقة كتابة الاسم التجاري المتوافق مع النظام الجديد عند تقديم الطلب    أمانة منطقة القصيم تعايد منسوبيها بمناسبة عيد الفطر المبارك    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظِّم لقاء معايدة    المملكة تختتم أعمال الاجتماع الثالث لوكلاء اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية    مذكرة تفاهم سعودية إسبانية في كرة القاعدة والكرة الناعمة    السعودية تتأهل لكأس العالم لكرة القدم تحت 17 عاما للمرة الرابعة في تاريخها    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية "طويق"    "أمالا" تُثري بينالي الفنون الإسلامية بجلسات حوارية وورش عمل مبتكرة    انطلاق أعمال الاجتماع السابع لمجموعة تخطيط وتنفيذ سلامة المطارات (7/ASPIG)    مجمع إرادة بالرياض: أكثر من 8000 حالة استفادت من خدماتنا خلال شهر رمضان    وزارة الداخلية: غرامة 100 ألف ريال للشركات المتأخرة في الإبلاغ عن تأخر مغادرة الحجاج والمعتمرين    500 مليون ريال الزيادة المتوقعة على إيرادات دله الصحية في العام الأول بعد استكمال الاستحواذ على مستشفيات السلام والأحساء بالمنطقة الشرقية    القمة الثلاثية بين السيسي وماكرون وعاهل الأردن قد تُشكل تحولًا دوليًا تجاه الوضع في غزة    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. حرم الملك تكرم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي في الأربعاء    غداً.. جدة تحتضن قرعة بطولة كأس آسيا للسلة    استقبل ونائبه المهنئين بعيد الفطر.. المفتي: حريصون على نشر العلم الشرعي بالأحكام العامة والخاصة    صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد    انفراجة لأزمة السودانيين العالقين بمعبر أرقين.. الدعم السريع ينفذ مجزرة تجاه مدنيين في «إيد الحد»    الزهراني يحتفل بزواج «أسامة»    زياد البسام يحتفي بلقاء العيد    المرور: الحجز والتنفيذ بعد انتهاء مهلة التخفيض    «المنافذ الجمركية» تسجل 1071 حالة ضبط    طريق عفيف - ضرية.. الخطر قادم    بهدف تزويد رؤساء ومديري إدارات تقنية المعلومات بالخبرات.. أكاديمية طويق تطلق برنامج «قادة تقنيات المستقبل»    4.88 % عائد إصدار "صح" لشهر أبريل    ليالي في محبة خالد الفيصل.. معرض يجسد سيرة قائد وشاعر وإداري مبدع    حفل معايدة لأهالي «القرص» بأملج    المثالية بين الوهم والواقع.. عندما يكون العدل أولى من التسامح    في ختام الجولة 26 من دوري" روشن".. الشباب يتغلب على الوحدة.. والخليج يعمق جراح الرائد    العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة    نونو سانتو وكونتي وتن هاغ أبرز المرشحين لخلافته.. غضب جماهير الهلال يقرب جيسوس من البرازيل    تأخر إجراء جراحة يفقد بريطانية ساقها    واشنطن.. الانقلاب على العولمة الأميركية    من اختطف الهلال؟!    الجيل يقترب من دور «يلو»    أطفال الحارة الشعبية حكايا وأناشيد    القصّة أثر تثقف 1000 طفل    "أخضر السيدات" للشابات يتعادل وديّاً مع البحرين    منصة TikTok فرعية للفنانين    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    هل يقرأ الذكاء الاصطناعي رسائل WhatsApp    الوجه المظلم لتغطية YouTube انخفاض المستخدمين والمبيعات في صناعة الألعاب    ساعة على الهاتف تزيد من الأرق    دور غير متوقع للخلايا الميتة    أطعمة للحفاظ على صحة المفاصل    «أبوظبي» يطلق مؤشراً لقياس «قوّة ارتباط المجتمع باللغة العربية»    أميركا تلغي تأشيرات مواطني جنوب السودان    إيران: عُمان وسيط المحادثات مع الولايات المتحدة    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بمناسبة عيد الفطر    سمو أمير المنطقة الشرقية يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    أمير جازان يستقبل منسوبي الإمارة المهنئين بعيد الفطر المبارك    رجال الأمن.. شكراً لكم من القلب    مطلقات مكة الأكثر طلبا لنفقة الاستقطاع الشهري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الضياع العربي والاستنجاد بالشيطان الأكبر لمواجهة داعش!
نشر في أنباؤكم يوم 25 - 03 - 2015


CNN بالعربية - الشروق المصرية
توارت "العروبة" عن مسرح الصراع بين عدد من الأنظمة الحاكمة في بعض البلاد العربية وتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش"، مفسحة المجال للطيران الغربي الحليف بالقيادة الأميركية، وللبيت الأبيض في واشنطن وكأنه قد بات المرجعية الدينية والسياسية لدول هذه الأرض العربية، في مشرقها أساساً ثم في مغربها انطلاقاً من ليبيا وصولاً إلى تونس، وربما إلى ما بعدها.
لكأن السيوف جميعاً قد اجتمعت على "العروبة" في ظل قرار دولي، بتحريض مكشوف من الأنظمة العربية، يرى في الانتماء القومي لشعوب هذه الأمة تحت عنوان "وحدة المصير" خطراً أدهى وأشد من "الإسلام السياسي" بأية صورة تبدى فيها بدءاً بالحركات السياسية ذات الشعار الإسلامي مثل "الإخوان المسلمين" أو "السلفيين" وصولاً إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام."
ولقد وفرت "الحرب" التي يشنها هذا التنظيم الإرهابي انطلاقاً من العراق وصولاً إلى سوريا (مع تداعيات أمنية تنذر بمخاطر جدية على لبنان)، تمدداً إلى ليبيا (حيث نفذ "داعش" الإعدام ذبحاً بواحد وعشرين من العمال المصريين اختار أن يكونوا من الأقباط) فإلى تونس حيث ارتكب الداعشيون مذبحة متحف باردو في العاصمة التونسية.. وفرت هذه "الحرب" مناخاً من الذعر ألجأ هذه الأنظمة إلى طلب النجدة الغربية بالقيادة الأميركية، متجاوزة ما كان يفترض أن يجمعها في لحظة الخطر من "رباط قومي،" مركزه جامعة الدول العربية ومجموع الهيئات والمنظمات والمعاهدات التي كانت قد التزمت بها هذه الأنظمة، ذات يوم، وأبرزها معاهدة الدفاع العربي المشترك.
حتى من قبل أن يتمدد هذا التنظيم في "المشرق العربي" ثم في بلاد "المغرب العربي"، كانت الدول العربية، بمجملها، تتصرف وكأنها فوّضت الإدارة الأميركية بالقرار تاركة لواشنطن أن تحدد أدوار كل منها، سواء عبر المؤسسات المستولدة بديلاً من الجامعة العربية، كمجلس التعاون الخليجي، أو بعض التفاهمات المتعجلة التي فرضها الخوف من مداهمات "داعش" كتلك التي عقدت نظرياً أو لاعتبارات معنوية بين القاهرة وبعض دول الخليج.. هذا فضلاً عن صرخات الاستنجاد التي أطلقت في اتجاه مجلس الأمن الدولي، والتي سوف تظل معلقة في الفضاء بسبب موقف أقطار الخليج، ومن ثم الإدارة الأميركية من النظام السوري، فطائراتها تقتحم الأجواء السورية من دون طلب ومن دون استئذان.. ولكن من دون اعتراض جدي، ايضاً.
نتيجة لهذا الوضع الاستثنائي والذي يدفع إليه الذعر، من دون خطة بل ومن دون الحد الأدنى من التنسيق، تجاوزت هذه الأنظمة "مذبحة المسجدين" في صنعاء، والتي ذهب ضحيتها مئات القتلى والجرحى، وواصلت حربها على الحوثيين متجاهلة محاولة "القاعدة" التبرؤ من هذه الجريمة الجماعية، ومتجاهلة بالمقابل توفر مؤشرات عديدة على أن "داعش" هو مَن ارتكبها... وفقاً لمنطق "عدو عدوك حليفك."
لكأن "الموضة"، هذه اللحظة، هي التبرؤ من "العروبة"، التي تراها الأنظمة (العربية، وهي مجرد تسمية عتيقة) والمزايدة على "داعش" ومعه "القاعدة" في ادعاء الهوية الإسلامية بطبعتها الأميركية الجديدة.
وهكذا تصير الحرب بين "إسلام" أميركي حديث، بطيران حربي يعمل بالأجر الباهظ في خدمة الأنظمة العربية المتهالكة، وبين "إسلام" عتيق آتٍ من عصور بائدة ولكن بأحدث وسائل التواصل وترسانة من الأسلحة تعززت بما استولى عليه في معسكرات الموصل، وفيها دبابات حديثة ومدافع ميدان فعالة فضلاً عن آلاف الآلاف من الأسلحة الفردية والقنابل والألغام، ومعها جميعاً بضع مئات من ملايين الدولارات كانت تنتظره في خزينة المحافظة.
وبدلاً من استنفار "العروبة" كهوية جامعة للدول العربية المستهدفة بهجمات "داعش" الوحشية، تكأكأت دول مجلس التعاون الخليجي على بعضها بعضاً، قافزة من فوق الخلاف الذي بلغ ذات يوم حافة التهديد العسكري مع قطر، مسلمة قيادتها سياسياً ومالياً وعسكرياً، تخطيطاً وتنفيذاً للإدارة الأميركية... وقد وجدت هذه الإدارة في الحرب بالواسطة مصدراً ممتازاً لأرباح مجانية متعاظمة: فهي، بداية، تقدم فواتير بأرقام مهولة لطلعات طيرانها الحربي، محتسبة ساعات الطيران، وأثمان القذائف والصواريخ، والاستهلاك، والأجور الخيالية للخبراء العسكريين، سواء أكانوا على الأرض في العراق أو بعض أقطار الخليج، أو في غرف القيادة في ألمانيا أو في واشنطن.
وفوق هذا كله فقد وجدت الإدارة الأميركية فرصة ذهبية لإنقاص كميات النفط التي تستوردها من أقطار الجزيرة والخليج، ثم للهبوط بأسعارها إلى النصف بل وما إلى دونه بكثير. ولم يكن أمام المسؤولين في هذه الدول غير أن يتحمّلوا الخسارة صاغرين، وإن كابر بعضهم فأصرّ أن يحافظ على استنزاف آباره... خدمة للاقتصاد الأميركي.
وهكذا يتبين أن "العرب" يدفعون طوفاناً من دمائهم، في هذه الحرب التي سقطت عليهم من حيث لا يعلمون، أو يعلمون ويفضلون تجاهل أسبابها النابعة من استغناء أنظمتهم عن شعوبها، وكذلك فهم يدفعون كلفة مكافحتها من ثرواتهم الوطنية.
بالمقابل فإن الدين الحنيف يدفع من رصيده المقدس كلفة باهظة وغير مسبوقة تتمثل في التشويه الهائل الذي يناله على المستوى الدولي، وكذلك على مستوى المؤمنين به والذين يعرفون يقيناً أن هذا التشويه مقصود ومدبر وأسبابه سياسية، حيث يلتقي "داعش" مع "الأجنبي" المستدعى ليحمي أنظمة "إسلامية" الواجهة وإن كانت ممارساتها وسلوكها مع رعاياها فضلاً عن ارتباطها "بالأجنبي الكافر" توفر للجماعات المتطرفة مناخاً ملائماً لانتشارها واتساع نفوذها.
وهكذا تنتصب معادلة شوهاء وظالمة مفادها: أن العروبة صوت من الماضي وأحلام لمراهقين سياسيين عجزوا عن إنجاز "بناء الدولة"، وأن الإسلام بالصيغة التي يحاول فرضها "داعش" ومن قبلها ومعها "القاعدة" غزوة همجية تستهدف الحضارة الإنسانية وإنجازاتها العظيمة وفي الطليعة منها الديموقراطية بل حقوق الإنسان وأولها التقدم والانتماء إلى العصر..
في أي حال، لم يحدث أن وقعت مصادمات دموية قاتلة بين الإسلام السياسي والعروبة كهذه التي نشهد حروبها الضارية في مختلف الساحات العربية والتي تعتمد منهج تكفير القائلين بالعروبة هوية لهذه الأمة.
إنها تكاد تكون "حرب إبادة"، وتجري وقائعها الدموية تحت شعار: "إما نحن وإما أنتم، ولا مجال لهدنة أو مصالحة أو تسوية... تؤمنون بدولة الإسلام، كما نراها ونعلنها، أو أنكم كفرة وخارجون على الدين ولا بد من هدايتكم ولو بالسيف."
وفي تقدير هذه المنظمات الآتية من خارج التاريخ أن الأرض العربية لا تتسع للدعوتين معاً، خصوصاً وأن الإسلام دين ودنيا، ونظام حكم تُعاد صياغته بمنطق "أن القائلين بالعروبة مرتدون ولا بد من إعادتهم إلى حظيرة الإسلام ولو بحد السيف... فالعروبة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار..".
ومع أن العروبة التي تلتقي عليها سيوف الأنظمة القائمة بقوة تحالفها مع الغرب الأميركي مع سيوف الداعشيين تتضمن مبادئ الدين الحنيف وكذلك الدين المسيحي وحتى اليهودية، كدين، بوصفها من ركائز الإيمان لدى أبناء هذه الأمة، إلا أن القيادة السياسية لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" الذي نصّب لقيادته "خليفة"، تكفّر كل من لا يقبل دعوتها للتوبة والعودة إلى فيء الدين الحنيف، بالسيف حيناً، وبقصف الدبابات والمدفعية غالباً، وبتفخيخ البيوت والمدارس والمحال التجارية حيث أمكنها الوصول، وبالسكين حيث تدعو الحاجة إلى إعلان مدوٍّ يرعب الناس البسطاء، حيثما كانوا.
إن تنظيم "داعش" لا يقبل شريكاً أو منافساً، ومن باب أولى أنه لا يقبل أن ينازعه "حقه" في قيادة هذه الأمة وهدايتها: تسلم قيادتك طوعاً وإلا فالسيف بيننا وبينك، حتى لو كنتَ داخل المسجد تصلي الجمعة، كما حدث للمصلين في مساجد صنعاء قبل خمسة أيام، والذين كان بينهم "زيود" و"شوافع" بعضهم يسبل يديه وبعضهم الآخر يكتّفهما ولكن الدين واحد والإله الموجَّهة إليه الصلاة واحد.
هل تفرض الحاجة عودة أهل النظام العربي إلى إعادة اكتشاف الهوية الأصلية، بل الهوية التي لا بديل منها، لهذه الأمة، ومحاولة إحياء ما تهدّم من روابط حياتهم وأسباب تقدمهم في اتجاه الانتماء إلى العصر... كما حدث مع شعوب العالم المتقدم قبل مائتي عام أو أكثر؟! أم ستطول الغفلة وإنكار الذات والتاريخ، بحيث تتقاسم هذه المنطقة مشاريع الهيمنة التركية والإسرائيلية تحت المظلة الأميركية؟
هذا سؤال من كثير من أسئلة القلق التي تتجمّع وسط سيل الدم في هذه المنطقة التي طالما تولت أمتها صنع التاريخ الإنساني والتي تتبدى اليوم وكأنها في طريقها لأن تخرج من هذا التاريخ!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.