من الأمور التي تبعث على الغرابة أن يخرج مسؤول ما في دولة ما لينتقد حكما قضائيا توخى فيه مصدروه الضمانات العدلية كافة، بينما لا تجد له صوتا أمام الجرائم اليومية التي يرتكبها نظام الأسد ضد الشعب السوري طيلة السنوات الثلاث الماضية، أو لا تسمع له تعليقا على الممارسات الإسرائيلية اليومية في حق الشعب الفلسطيني المظلوم! فبانتقادها سجل حقوق الإنسان في السعودية والحكم القضائي الذي أصدره القضاء الشرعي في حق أحد المواطنين أدخلت وزيرة خارجية السويد مارجو والستروم بلادها وحكومتها في أزمة سياسية ليس مع الرياض فقط، بل مع العالم العربي الذي استنكرت دوله في بيان جماعي تلك الانتقادات السويدية. ومن الواضح أنه ما كان لكل ذلك أن يحدث أو للأزمة أن تنشأ لو أعطت والستروم نفسها القليل من التدبر والتروي قبل التعليق على حادثة هنا أو هناك. والمضحك في كل هذا أن تقرر السويد إيقاف تعاونها العسكري مع بلد مثل السعودية، تتعدد أمامه كل الخيارات لإبرام اتفاقيتين أو ثلاث بدل الاتفاقية.. ولتتعرف والستروم وحكومتها على هذه الحقيقة أكثر فليس أمامها إلا مراجعة البيانات الأخيرة الخاصة بالإنفاق العسكري لدول العالم، وبأي مرتبة تقع الرياض فيه. مرة جديدة يكشف لنا الأوروبيون أن بينهم من يفكر في الأمور بسطحية، ويعتقد أنه بمثل تلك الانتقادات سيتمكن من تحقيق بعض أهدافه التي لا تتجاوز في معظمها مصلحة حزبية أو انتخابية. ومن دون الالتفات إلى موقف السويد واعترافها المتأخر بدولة فلسطين يأتي السؤال الأهم، وهو: أين كانت مارجو والستروم حينما اعتقلت إسرائيل الطفلة الفلسطينية ملاك الخطيب بسبب اتهامها بإلقاء الحجارة على جنود الاحتلال؟ ولماذا لم تخرج لتندد بالحكم القاسي الذي أصدره الكيان الصهيوني في حق الطفلة ذات ال14 ربيعا، والمتمثل في سجنها مدة شهرين وفرض غرامة مالية مقدارها 1500 دولار؟ رد الفعل السعودي على استفزازات وزيرة خارجية السويد كان حازما وصارما، بدءا من موقفها المعلن الرافض للتدخل -أيا كان- في سيادة القضاء، وانتهاء بخطوة استدعاء سفيرها لدى ستوكهولم.. وأعطت الرياض من خلال تعاملها مع الأزمة رسالة واضحة ومباشرة بأن نتيجة كهذه ستكون ضريبة لكل من يتجرأ على مثل تلك التدخلات السافرة.