الاقتصادية - السعودية لعل أسوأ موقع يمكن اختياره للمعارض هو مقر معارض الرياض الحالي، الذي يقع في قلب "الزحام"، ويفتقر إلى ما يكفي من المواقف والخدمات التي يمكن أن تنشط في أثناء المعارض. تلك إشكالية قديمة جديدة، نبني خططنا على توقعات غير مدركين سرعة التغيير الذي يطول مدننا - وبالأخص العاصمة الرياض - التي تتمدّد بشكل مذهل. قد يكون أفضل الخيارات لمثل هذه المعارض هو موقع مهرجان الجنادرية، بعد تطوير خدماته ومرافقه، وتضمينه في خطة قطار الرياض لمعالجة إشكاليات قد تحدث مستقبلاً مع تمدُّد المدينة. يستخدم موقع المهرجان لفترة محدودة؛ ما يجعل كل الاستثمارات فيه بعيدة عن تحقيق إيرادات تكفي لتشغيله بالشكل المناسب. هذه فكرة جالت بخاطري وأنا أراقب افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب. أعتقد أن هذه الفكرة تستحق أن تدرس وتناقش لأنها ستحقق مكاسب كبيرة جدا، وتسهم في توفير مناخ يناسب العارضين، ويجذب الكثير ممّن يمرون أمام بوابات معرض الرياض اليوم، ليقرروا أن الزحام والإزعاج لا يشفعان لهم ما يمكن تحقيقه من حضور المعرض. ارتفاع أعداد الزوار، هو وسيلة لجذب مزيد من العارضين وتحقيق المزيد من المكاسب. أصبح معرض الرياض من أشهر معارض الكتاب الدولية بما يحويه من مشاركات، وما يدور حوله من "مماحكات". لعل أفضل ما طال هذا المعرض هو الخلاف الذي يحدثه كل عام، من قبيل اكتشاف كتب مخبأة تحت الطاولات، والتصريح لكتب لم يكن لها أن ترى النور في الرياض لولا زحمة العارضين، ثم القرارات الفردية التي ترى أن هذا يصلح وذاك لا يصلح. أتحفظ على فائدة الحجر على عقول ومفاهيم الناس الذين يتعرضون لأسوأ مما يمكن تخيله عبر وسائل التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية والقنوات الفضائية. مع ذلك لا بد أن نحافظ على مستوى معين من السلوكيات وأساليب التعامل، لأن ما يسمح به في مكان عام كهذا يصبح مقبولاً في نظر المجتمع، وقد يتبناه الأفراد كقيمة مجتمعية أو شرعية كون المملكة داعية ومتمسكة بالشريعة الإسلامية السمحة. أرجو أن يحقق المعرض نجاحاً أكبر، وأن يحظى بحضور يليق بمركزه الرائد بين المعارض الدولية، وأن يتذكر مسؤولو المعارض مقترحي الذي استهللت به هذه المقالة.