مرت سنوات طويلة وأنا أزور معارض الكتب، (الكويت، أبو ظبي، القاهرة وبيروت، وقبلهم جميعاً كان معرض البحرين الدولي للكتاب، الذي لم «أقاطعه» مرة في حياتي. وكان المعرض نموذجاً يحتذى به في مطلع الألفية الثالثة من خلال الكتب المميزة التي توجد في المعرض.لم أر وضع الناشرين بهذه الحالة المزرية، أو تذمرا مثلما شهدته هذا العام، فقد دعت المعارضة البحرينية لمقاطعة المعرض، ولمس من زار المعرض هذا العام حالة من الركود تسود الأجنحة، وترى الناشر يتجول في المعرض، أو جالساً يفكر في الخسائر التي تكبدها بسبب هذه المشاركة. لست مع مقاطعة الكتاب أو المعرض، فما ذنب هذا الناشر الذي تكبد عناء السفر، وجاء عابراً المطارات مفترشاً جناحه من العاشرة صباحاً حتى العاشرة ليلاً. ويبدو أن الرقابة البحرينية على المعرض مارست نفس الدور الذي تمارسه على المكتبات المحلية، من منع الكتاب، وعدم السماح بها، ناهيك عن كتب كانت موجودة في معرض الرياض الدولي للكتاب، ونفذت وكانت رغبة البعض باقتنائها من معرض البحرين. عوامل عدة تسببت في فشل المعرض، ولعل أهمها منع الكتاب، في حين أصبحت معظم المعارض الدولية للكتاب تسمح بدخول جميع الكتب (معرض الدوحة، معرض الرياض، معرض مسقط)، تلك الكتب التي يمكن منعها من البيع في المكتبات المحلية، و تجاز فترة المعرض، مما يجعل الناس أشد إقبالاً على معارض الكتب. ولا ننسى أهمية الفعاليات الثقافية المصاحبة للمعرض، فكلما كانت هذه الفعاليات مدروسة بشكل جيد، استطاعت أن تجذب جمهورا أوسع. لقد ساهمت إدارة معرض الكتاب في البحرين هذا العام بفشل غير مسبوق في المعرض وذلك باعتمادها فعاليات ثقافية غير جاذبة للجمهورتحاكي واقعه وتشركه في صناعة الثقافة. وما كان تخفيضها رسوم إيجار الجناح من 400 إلى 200 دينار، إلا دليلاً على فشل المعرض وليس فشل الكتاب. فقد كان معرض الرياض دليلاً واضحاً للجميع بأن تجارة الكتب لا زالت مربحة، وأن هناك شعبا يقرأ حتى لو كانت النسبة ضعيفة جداً.