عبدالله فدعق الوطن - السعودية "فقه الرضا بالواقع يعني الوقوف الصادق مع أقدار الله، من غير معارضة، ولكن الحكمة العليا تقتضي أن نعلم أن الدنيا لن تنتهي إذا لم تتحقق أمنية معينة" إجراء تحريري منع إجازة مقالي الأحد الماضي، لعدم مناسبة ما طرحته في الوقت الحالي، وبكل صدق لم يغظني ذلك لأسباب كثيرة، منها أن إدارة التحرير أدرى بمصلحة المؤسسة الصحفية، ولا أشك أبدا في حرصهم على مصلحة جميع كتابهم، ولذلك وطنت نفسي على عدم نشر ما يحجب، لا في موقعي، ولا في أي موقع إلكتروني آخر، ولا أنكر أني أحيانا أفكر في ذلك، ولكن أحمد ربي أني سرعان ما أعتذر لمن يطلب أن أنشر ما يمنع، لأنه لن ينفعني هذا أولا، وثانيا لاحترامي لنظرة الزملاء في التحرير، التي لا يمكن أن أرمي بها عرض الحائط، والأهم أن (المضاربة) مع أقدار الله منبوذة؛ وهذه الأخيرة هي مقدمة باقي مقالي الذي أرجو أن يكون صالحا للتعود على الرضا، والعيش بعيدا عن المنغصات.. من أدعية الصادق المصدوق المأثورة صلى الله عليه وسلم : "اللهم رضني بقضائك، وبارك لي فيما قدر لي؛ حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت" بعض العلماء حكم بضعف الحديث، لا بوضعه ، وهي دعوات دالة على التسليم لله تعالى، إذ هو سبحانه لا يفعل لعبده إلا ما يعود عليه بالنفع، ولو تمكنا أن نطلع على النتائج السلبية من تحقق المطلوب، لتمنينا بلا شك عدم تحقق الأمر.. عندما قدم مجاب الدعوة سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إلى مكة، وكان قد كف بصره، جاءه الناس يهرعون، وكل يسأله الدعاء، فيدعو لهم، قال الصحابي سيدنا عبدالله بن السائب: فأتيته وأنا غلام، فتعرفت عليه فعرفني وقال: أنت قارئ أهل مكة؟ قلت: نعم، فقلت له: يا عم، أنت تدعو للناس فلو دعوت لنفسك، فرد الله عليك بصرك. فتبسم وقال: يا بُني قضاء الله – سبحانه وتعالى - عندي أحسن من بصر.. فقه الرضا بالواقع يعني الوقوف الصادق مع أقدار الله، من غير معارضة، ولا يعني في ذات الوقت عدم الطموح، أو الاستسلام، أو عدم الأخذ بالأسباب، ولكن الحكمة العليا تقتضي أن نعلم أن الدنيا لن تنتهي إذا لم تتحقق أمنية معينة، فأحيانا تخون الإنسان اللحظة الجيدة، وتخون الكاتب عباراته المناسبة، وكما يشاع بين البشر: "ليس المهم أن تقول كل أو بعض ما تعرف، ولكن الأهم هو أن تعرف كيف تقول"، ومن أحلى ما يتسلى به في مثل هذه الظروف أبيات للشاعر الحكيم أبي الفضل صالح الجذامي من شعراء القرن الثاني الهجري أقتصر منها مع تجاوز الترتيب ما يلي: لا تحرصنْ فالحرص ليس بزائد في الرزق بل يشقى الحريص ويتعبُ كم عاجز في الناسِ يأتي رزقه رغداً ويُحرم كيّس ويخيبُ وإذا أصابك في زَمانك شدّة وأصابك الخطب الكريه الأصعبُ فادع لرَبك إنه أدنى لمنْ يدعوه من حَبل الوريد وأقربُ واحفظ لِسانك واحترز من لفظه فالمرء يسلم باللسان ويعطَبُ (وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن ثرثارةً في كلّ ناد تخطبُ) واحذر عدوك إذ تراه باسماً فالليث يبدو نابه إذ يغضب لا خيرَ في وُدّ أمرئ متملق حلو اللسان وقلبه يتلهبُ يعطيكَ من طرفِ اللسان حلاوةً ويَروغ منكَ كما يَروغ الثعلبُ يلقاكَ يحلف أنه بكَ واثق وإذا توارى عنك فهو العقرَبُ.