المدينة - السعودية مع إجازة المدارس هذا الأسبوع، تسافر العديد من العوائل السعودية لمدينة دبي، التي أصبحت من أهم الجهات السياحية للسعوديين والخليجيين وغيرهم، لما فيها من تنظيم وأماكن مميزة للترفيه، تاركين السياحة الداخلية لأسباب معلومة؛ أهمها: قلة الأماكن السياحية اللائقة فعلاً بالسياحة وغلاء أسعار الشقق والغرف الفندقية وتدني الخدمات وغير ذلك من الأمور. ولذلك، قد يدفع السائح السعودي أكثر قليلاً في دبي عن ما يدفعه في الداخل، ولكنه يجد خدمات أفضل، والسائح لا يجامل على حساب ماله وراحته. ومدينة دبي تعتبر أيضاً مدينة اقتصادية من الطراز الأول، حيث استطاعت أن تجذب رؤوس الأموال الأجنبية بشكل كبير، فالإجراءات الحكومية سلسة ومبسطة لبدء نشاط تجاري، وتقوم جميع القطاعات بشكل متجانس بتذليل كافة العقبات للمستثمرين الأجانب لإنجاح مشاريعهم. وبذلك أصبحت المقر الرئيسي للعديد من الشركات الأجنبية في الشرق الأوسط. ويجدر التنويه هنا بأنه بعد الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008م وتبعاتها بعد ذلك على دبي، فقد هربت العديد من رؤوس الأموال منها واتجهت الأنظار إلى السعودية كبديل لدبي، وقد أتت فعلاً العديد من تلك الشركات للسعودية للاستثمار. ولكن بفضل (قرارات) الهيئة العامة للاستثمار (ساجيا) خلال السنوات الماضية، وتعقيدات بعض القطاعات الحكومية الأخرى، خصوصاً خلال السنتين الأخيرتين، عندما أصدرت ساجيا حزمة من القرارات، الغرض منها غربلة العديد من المؤسسات والشركات الأجنبية في المملكة، الأمر الذي أدى إلى مغادرة العديد من تلك المؤسسات والشركات السعودية، وخسارتهم خسائر فادحة. ومن الواضح الآن أن ساجيا تهدف لجذب الاستثمارات الأجنبية الكبيرة فقط، وليس الصغيرة أو المتوسطة، ولكنها تغافلت بأن الشركات الأجنبية الكبيرة أصبح صعباً عليها أن تثق في ساجيا، لأنه ما يدريها فقد تستيقظ مرة أخرى على جنبها الشمال وتصدر إجراءات جديدة تضر بهم، ويضطرون هم أيضاً لمغادرة البلد كما يحدث للمستثمرين الصغار ومتوسطي الحجم الآن. وبذلك، فقد عادت العديد من طيور الاستثمار التي هاجرت من دبي للمملكة بعد الأزمة، لها مرة أخرى، لنكون بذلك قد أضعنا فرصة ذهبية لنصبح المكان الأمثل للاستثمارات الأجنبية في الشرق الأوسط. ليس فقط المستثمر الأجنبي اتجه لدبي، ولكن حتى المستثمر السعودي الكبير اتجهت أنظاره لهناك، كما نعلم، منذ مدة طويلة. ولكن الملفت الآن، أنه حتى المستثمرون الصغار من الشباب السعودي، بدأ يتجه لدبي بسبب تعقيدات بعض الإجراءات الحكومية عندنا، حيث ما إن ينتهي من جهة حتى يصطدم بجهة أخرى، بسبب سوء التنسيق بين الجهات، ليجد أن الفرصة أصبحت أفضل في دبي بسبب سهولة الإجراءات وتنظيمها. بل حتى الشباب المتعلم عندنا، وجد فرص عمل برواتب مغرية في دبي بسبب استقطابهم من قبل العديد من الشركات هناك، ناهيك عن بعض الشباب العائد من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، الذي صرفنا عليه لتعليمه، اتجه أيضاً لدبي بسبب عدم وجود فرص عمل لهم، لنقوم نحن بالصرف على التعليم في أفضل الجامعات، وتحصد دبي بدون صرف أي شيء عليهم. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تكسب دبي ونحن نخسر؟ الجواب هو: لأن لديها خططاً وأهدافاً واضحة، وجميع القطاعات تنفذ تلك الخطط والأهداف. أما نحن، فكل قطاع لديه خططه وأهدافه الخاصة، دون التنسيق مع القطاعات الأخرى، ولذلك يحدث عندنا التعقيد والتخبط. [email protected]