عيّن مسؤول جديد في منصب عام، ورغبت صحيفة في إجراء حديث صحفي معه. وعند وصوله بسيارته القديمة لمقر عمله، في أول يوم مباشرة، وجد المسؤول الجديد الصحفي ينتظره لإجراء الحوار التالي معه: الصحفي: نشكرك على إتاحة الفرصة لنا لإجراء هذا الحوار معك. يجيب المسؤول بكل بشاشة: أهلاً وسهلاً بك. الصحفي: نبارك لك المنصب، واسمح لي أن أسألك: ما هي خطتك لتحسين الخدمات في المرفق العام الذي توليت رئاسته، لكونه يشهد انتكاسة كبيرة؟ المسؤول: لا توجد لدي خطة معينة، ولكن إن شاء الله خير. ثم يتوجه المسؤول مسرعاً الى مقر عمله منتشياً بوظيفته الجديدة. .وبعد مدة طويلة جداً، تم إعفاء المسؤول من منصبه، وقامت الصحيفة بإجراء الحوار التالي معه، وهو على سلم طائرته الخاصة قبل مغادرته لخارج الوطن: الصحفي: بعد خروجك من منصبك، هل يمكن أن تخبرنا عن بصمتك في القطاع الذي توليت رئاسته؟ المسؤول السابق: أعتقد بأن بصمتي واضحة للعيان، فقد قمت بتعقيد إجراءات إنهاء معاملات المراجعين أكثر مما كانت معقدة، وزدت عدد المستندات المطلوبة لإنهاء أي إجراء، حتى لو لم يكن لها داعٍ، بالإضافة إلى المشاريع الكثيرة المتعثرة التي تركتُها خلفي. الصحفي: هل كنت تلتقي بالمواطنين وتسمع مشاكلهم؟ المسؤول السابق: لا لم أكن أفعل ذلك، فقد كنت منهمكاً في الاستقبالات وفلاشات الكاميرات وتركت الموضوع لمدير مكتبي المُجدّ الذي كان يطرد جميع المراجعين من مكتبي حتى لا يزعجوني. الصحفي: لقد حاربت العديد من الكفاءات المشهود لها في قطاعك عندما توليت المنصب، لماذا قمت بذلك؟ يرفع المسؤول السابق يده ليخرج (السيجار الكوبي) من جيبه، ويسطع شعاع مضيء من الفص الألماس الكبير في خاتمه، ويجيب: أنا لم أحارب أحداً، ولكن دعني أوضح لك أن بعض الموظفين كانوا من تركة المسؤول الذي قبلي، يعني (فلول) المسؤول السابق وكان يجب استبعادهم. أما البعض الآخر، فقد لاحظت أنهم يفهمون أكثر مني، ولذلك كان يجب أن يتم إرسالهم إلى أماكن نائية أو (تطفيشهم) بأي طريقة، لأنه يجب أن أكون الشخص الوحيد الفاهم في قطاعي. الصحفي: لقد صُرفتْ لقطاعك ميزانيات كبيرة لتنفيذ العديد من المشاريع، ولكننا لم نرَ شيئاً يذكر من تلك المشاريع، أين ذهبت أموالها؟ المسؤول السابق: يا أخي مشكلة المواطن أنه يريد أن يرى كل المشاريع بعينه، ولكن ليس جميعها يمكن رؤيتها، هناك مشاريع مخفية وخفية. وعلى العموم، لقد تأخرتُ على رحلتي ويجب أن أغادر ،فقد أصبح صعباً أن أمكث هنا أكثر من أسبوع.!! وتحلّق طائرة المسؤول السابق الخاصة بعيداً، والصحفي ينظر إليها، وينطلق بعد ذلك بسيارته إلى مقر القطاع الحكومي، لإجراء حوار صحفي مع المسؤول الجديد. [email protected]