د. هيا إبراهيم الجوهر الاقتصادية - السعودية العدل مطلب للجميع ولكن من الذي يحق له تسلُّم زمام الأمور وإقامة العدالة؟ وما مفهوم العدل لديه؟ على مر التاريخ وقعت محاكمات شاذة لا تقتصر على البشر فقط، بل تعدتهم إلى الحيوانات حيث تُنصب لها المحاكم ويوكل محامون للدفاع عنها منذ العصور الوسطى، حيث كانوا يحاكمون الحيوانات وينزلون بها أشد العقوبات مثل القتل والنفي على ما ترتكبه تجاه البشر ظنا منهم أنهم بذلك يحققون العدالة، ومن زيادة العدل تقام لها ثلاث جلسات وإذا لم يحضر "الحيوان" المتهم يحاكم غيابيا! ومن أشهر القضايا حكم الأوروبيين على القطط بالإعدام حرقا على اعتبار أنها شياطين وإبادتها مع الساحرات، ما أدى إلى القضاء على القطط فزاد عدد الفئران وانتشر مرض الطاعون الذي قضى على آلاف البشر. كما تمت محاكمة مجموعة من الفئران في محكمة الكنيسة بتهمة إتلاف محصول الشعير في أراضي الفلاحين عمدا! وهي إحدى أغرب المحاكمات وأكثرها إثارة للحزن والضحك في آن معا، وبالطبع لم يأت الجناة للمحكمة في اليوم المحدد، فأنكر القاضي تغيبها عن الجلسة؛ مما دعا المحامي الموكل بالدفاع عنها لتبرير تغيبها بسبب عدم وصول أمر الاستدعاء لها، وفي الجلسة الثانية برر تغيبها بسبب وجودها في قرية بعيدة وعدم تمكنها من المجيء، وفي الجلسة الثالثة والأخيرة طلب المحامي الفذ من القاضي أن يأمر سكان القرية جميعا بأن يحبسوا قططهم في منازلهم حتى يتمكن المتهمون من المثول أمام المحكمة؛ لأنهم خائفون من أن يفتك بهم عدوهم اللدود وهم في طريقهم إلى المحكمة! رفض الأهالي الالتزام بهذا الأمر، وتم إلغاء القضية وانتصر المحامي الماكر الذي كان من الواضح أنه يسخر من هذه المحاكمات الجنونية! وفي عام 1494 وبالقرب من قرية كليرمونت في فرنسا، تم القبض على خنزير بتهمة التشويه والقتل المتعمد لأحد الأطفال في القرية، الذي تركته أمه وحيدا لحضور القداس؛ وعليه اقتيد الخنزير للمحكمة، وهناك تم الاستماع إلى الشهود الذين أقروا بارتكاب الخنزير هذه الجريمة البشعة! وأصدر القاضي حكمه على الخنزير بالإعدام شنقا في ساحة عامة! وفي اليونان تمت محاكمة تمثال بتهمة القتل بعد أن سقط على أحدهم وأرداه قتيلا وحكم القاضي على التمثال بإلقائه في البحر جزاء له وردعا لأمثاله. وفي عام 897 ميلادي تمت "محاكمة ميت" حين قام بابا الفاتيكان "ستيفن السادس" بنبش قبر سلفه "البابا فورمسوس" ومحاكمة جثته بعد أن أجلست على الكرسي البابوي! وانتهت هذه المحاكمة العجيبة بإدانة "فورمسوس" وتجريده من جميع ملابسه البابوية ورتبة الكنسية وبتر أصابع يده اليمنى التي كان يستعملها لمباركة النصارى أثناء القداس، وتم إعدام جثته مرة أخرى برميها في نهر "التيبر"!