المدينة - السعودية جميعنا يشد انتباهه برامج الحيوانات المفترسة عندما يشاهدها على التلفاز، خصوصاً المشهد المهيب لحظة دخول أسد دخيل على منطقة أسد آخر، لتبدأ طقوس القتال الدموي بالزئير بينهما ثم التشابك العنيف، والذي قد يؤدي إلى قتل أحدهما للآخر. ولكن المشهد الأكثر دموية، هو لحظة انتصار الأسد الدخيل على الأسد المسيطر، وقيامه بالانقضاض على أشبال الأسد المسيطر السابق واحداً تلو الآخر. ومن النادر أن ينجو شبل من تلك الأشبال ويلوذ بالفرار من أنياب الأسد المنتصر. وبهذا العمل يكون الأسد المنتصر قد أحكم سيطرته المطلقة على منطقته الجديدة، ليزأر معلناً انتصاره. هذا المشهد الدموي قد لا يكون غريباً على بعض قطاعاتنا الخدمية، عندما يتم تعيين مسؤول جديد ليتولى رئاسة أحد تلك القطاعات، فتجده عند دخوله منطقته الجديدة، أي القطاع الذي يترأسه، في أول يوم دوام له، ينظر إلى مبنى القطاع من الخارج ويزأر في داخله ويدخل المبنى. وعند لحظة دخول المسؤول، لو نظرت إلى وجوه الموظفين المقربين من المسؤول السابق والحاصلين على المناصب العليا في القطاع، أحياناً، لوجدت ملامح الخوف على تلك الوجوه، تماماً كوجوه الأشبال للحظة دخول الأسد المسيطر الجديد، ليبدأ المسؤول الجديد بعدها بالفتك بهم واحداً تلو الآخر بالنقل والإعفاء والإجبار على تقديم الاستقالات أو التقاعد المبكر وغير ذلك، لتعم الفوضى الإدارية والهلع في القطاع. وبعد أن ينتهي الفتك بطاقم المسؤول السابق، يتم تعيين الطاقم الجديد للمسؤول الجديد، ليزأر المسؤول الجديد في نفسه مرة أخرى، معلناً سيطرته على قطاعه بالكامل، دون منازعة من أي أحد. هذه المأساة الوظيفية التي نشاهدها في بعض قطاعاتنا الخدمية، عند تولي مسؤول جديد رئاسة القطاع، والتي أصبحت أمراً مألوفاً، نفقد بسببها العديد من الكوادر الوطنية ذات الكفاءات والخبرات المميزة، والتي قد لا تتكرر في ذلك القطاع. ولكن كل ذلك قد لا يهم بعض المسؤولين الجدد، فالمهم لديهم هو أن يكون أشبالهم الجدد حولهم، بغض النظر عن خبرتهم أو كفاءتهم، في بعض الأحيان. ولذلك تجد بعض القطاعات الخدمية قد وصلت إلى درجة كبيرة من التنظيم، ولكن سرعان ما تتخبط بعد تولي المسؤول الجديد بسبب الفتك بالكفاءات وأصحاب الخبرات، المحسوبين على المسؤول السابق ، وتولى قيادات جديدة أقل كفاءة وخبرة من السابقة. وهنا لا نعني بأي حال دائرة المسؤول السابق، الذين لهم دهر في المنصب ومنتفعون منه، ولا يوجد لديهم أي كفاءة أو خبرة، وعجنوا بالروتين وتعقيد المعاملات والغطرسة على المراجعين. وبغض النظر عن نتائج تلك المأساة، فإننا نقول لموظفي المسؤول الجديد الذين تم تعيينهم، لا تغتروا بمناصبكم الجديدة وقربكم من المسؤول، وكونوا خير من يخدم القطاع والمراجعين لتكون ذكراكم حسنة، فمصير أغلبكم سيكون كمصير أشبال الأسد المهزوم من الأسد المنتصر الجديد، ولو بعد حين. ونقول للموظف الكفؤ ذي الخبرة الذي خدم القطاع والمراجعين بكل أمانة، ولكنه تم الاستغناء عنه أو تهميشه من المسؤول الجديد، لقد خسرك القطاع وقد لا يستطيع تعويضك، ونتمنى أن لا يخسرك الوطن وتخدمه في مكان أو منصب آخر. [email protected]