الاقتصادية - السعودية كتبت يوم الجمعة الماضي هنا مقالا بعنوان "أرزاقنا يا وزير العمل" يتحدث عن معاناة المنشآت المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة مع وزارة العمل، وكيف أصبحت وزارة العمل حجر عثرة لمعظم هذه المنشآت، بل أصبحت سببا في خروج كثير من المنشآت من السوق نهائيا. وتوقعت أن تعلق الوزارة ولو بتوضيح بسيط أو بلورة رؤيتها في حل هذه المعضلة، إلا أن شيئا من هذا لم يحصل. وقد أتاني كثير من التعليقات والملاحظات من البعض تتهم أصحاب المنشآت الصغيرة بالتهرب من السعودة، إلا أن التعليقات المؤيدة لما طرحه المقال كانت أكثر. بغض النظر عن صحة التعليقات من عدمها، سأطرح اليوم ما أجده حلا جذريا لهذه المشكلة. تعتبر وزارة العمل في أي دولة ركنا أساسيا من أركان اقتصاد وأمن الدولة، فكلما أصاب الاقتصاد خلل زادت البطالة، وكلما زادت البطالة تخلخل الأمن الاجتماعي للدولة، وهذا أمر يؤرق وزير العمل، كما يؤرق صاحب العمل، ورب كل أسرة. إلا أن الملاحظ على الوزير وفريقه تركيزهم على الأرقام فقط، مثل عدد الذين توظفوا بعد تنظيم النطاقات، أو عدد الذين توظفوا عن طريق برنامج هدف. إلا أن الأهم هو: ما الظروف التي توظف فيها هؤلاء؟ وهل ما يتقاضونه من هذه الوظائف يكفي لتغطية الأساسيات في حياتهم؟ المهم ليس عدد الذين توظفهم بل المهم في أي ظرف توظف هؤلاء. لو كنا نعاني بطالة خريجي المتوسطة والثانوية لكنت أول من يصفق للوزير على إنجازاته وأرقامه، لكننا نعاني بطالة بين الجامعيين أكثر منها بين من هم أقل درجة علمية. الحل من وجهة نظري كصاحب عمل ليس صعبا ولا يحتاج لاختراع العجلة من جديد، وهو مستخدم في كثير من الدول المستقرة والقوية اقتصاديا. الحل هو وضع حد أدنى ومعقول للأجور يشمل السعودي والأجنبي، فيكون مثلا الحد الأدنى للأجر هو خمسة آلاف ريال للجميع، ويضاف على الأجنبي رسم ضريبي محدد مع بقاء رسوم الإقامة والفيزا على حالها، بشرط أن يكون هذا القانون مطبقا على الجميع ولا يستثنى من هذا القانون أحد كائنا من كان. عند تطبيق هذا القرار ستكون التكاليف الأساسية ك"الرواتب" متقاربة جدا بين المتنافسين في السوق، وعندها ستكون المنافسة محصورة في المنتج أو الخدمة التي تقدمها كل منشأة، وفي طريقة إدارة موارد كل منشأة، وليس كما هي الحالة الآن، ترتفع التكاليف على المنشآت الصغيرة في مقابل انخفاضها على المنشآت الكبيرة، فتخرج الصغيرة من السوق وتبقى الكبيرة. نعم سيتسبب هذا القانون في ارتفاع الأسعار، لكن تكلفة معالجة البطالة ستتوزع على صاحب العمل وعلى المستهلك النهائي، وسيرتفع متوسط دخل الفرد، وستكون هذه المعالجة ناجعة وحقيقية، وليست مجرد أرقام وإحصائيات دون فائدة حقيقية على أرض الواقع. البطالة مشكلة تمسنا جميعا، وحلولها قد تكون صعبة، ولكن قرار كقرار وضع حد أدنى للأجور على الجميع سعوديين وغير سعوديين أصبح حاجة ملحة، وهو العلاج الناجع الذي طبقته أقوى الدول من الناحية الاقتصادية.