مكة أون لاين - السعودية فرق بين أن تقول: الحكم (أخطأ) في احتساب ضربة جزاء، وبين أن تقول: الحكم (تجاهل) ضربة جزاء، القول الأول يظل (رأيا) بغض النظر عن صحته من عدمها، أما الثاني فهو (اتهام) صريح بذمة الرجل، أي إن الحكم تعمّد ألا يحتسب ضربة الجزاء. المؤلم أن القدح بذمم الآخرين أصبح هو الشائع في الوسط الرياضي، بل أصبح لكل جمهور فريق قائمة (Blacklist) من الحكّام هم بالنسبة للجمهور خونة ومرتشون، وأصبح الحديث في أخلاقياتهم أمر طبيعي للكثير من الجماهير، نفس القائمة هي بالنسبة لجمهور الفريق الآخر قائمة لا تنصف فريقهم. الغريب أن هذه الجرأة في الحكم على ذمم ونوايا الآخرين بدأت من المؤثرين في المشهد الرياضي، أقصد رؤساء الأندية والإعلاميين العاملين في المجال الرياضي، فأصبح من الطبيعي أن يتحدث رئيس ناد بعد نهاية المباراة (المباريات التي يُهزم فيها) ويكيل التهم على الحكم ويشكك علناً في أخلاقياته ثم بكل براءة يذهب لبيته وينام!، فكل رؤساء الأندية يفوزن بمجهود لاعبيهم، ولا ينهزمون إلا من الحكّام (طيّب والفريق المنافس؟)، السبب أن رئيس النادي لو قال إن المنافس فاز لأنه الأفضل لثار عليه الجمهور، لكنه بهذه الحيلة خلق مشجباً للأعذار لا ينتهي. وأحسب أن رؤساء الأندية اختلقوا هذه الحيلة، لكنهم مع الوقت صدقوها (على طريقة جحا الشهيرة)، ثم التقط الإعلاميون العاملون لدى رؤساء الأندية فكرة (المعزب) وسوّقوها بصفتها (حقيقة لا تقبل النقاش) وكل من يرى خلاف ذلك فإنه يُقابل بالسخرية بصفته شخصا لا يفهم (كورة)، رغم أن التشكيك بذمم وأخلاقيات الآخرين لا علاقة له بالكرة، ولا بالرياضة، ولا بالفروسية و(المرجلة)! من البديهي أن من يرى مخالفات ارتكبت ضده يلجأ للقانون، لكن القانون لا يعرف المواربة، وينهي مسلسل خداع الجماهير، فالحاصل هو إخفاء الحقيقة عن الجمهور، ومن ثم دغدغتهم بالجملة العاطفية (الجماهير واعية)، وهي ذات الجملة التي يستخدمها الكثير من الكتّاب لتملّق القارئ. ولهذا فإن ما يحصل هو عملية غير أخلاقية أوصلت الجمهور (دون وعي منه) إلى أن القدح بذمة حكم أمر طبيعي، فيما لو (جرّبت) أن تقدح بأي شخصية أُخرى أمام هذا الجمهور لأنكر عليك ذلك، بل وتبرع بتذكيرك بالآيات والآثار التي تحذر من التساهل بالخوض في نوايا الآخرين، ولأن فئة الشباب هم جمهور الرياضة فإن خلق جيل جديد يؤمن أن الجميع متآمر عليه، وجيل يؤمن أن الحقوق تُسلب بسهولة، وغيرها من ترسيخ أفكار (المهزومين) كفيلة بصناعة جيل مهزوز أخلاقياً ورياضياً، فليت الرئاسة العامة لرعاية الشباب يكون لها دور (أخلاقي) حيث ترفع قضية على كل من اتهم وقدح في نوايا الحكّام، بشرط ألا تنتهي هذا القضايا (بحبة خشم) في منتصف الطريق، وحتى لو يؤدي الأمر لبطالة رؤساء الأندية وكثير من الإعلاميين الرياضيين!