م. حسين حسن أبوداود الاقتصادية - السعودية تحتاج تصريحات رئيس وفد دولة قطر الأستاذ الملا في المنتدى الضريبي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا (الاقتصادية 14/11/2014م) إلى بعض التفاصيل، وكانت بعض تعليقاته متناقضة مع متطلبات المواطن الخليجي. قال سعادته "إن تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول المجلس يسهم بشكل كبير في إيجاد مصادر دخل لدول المجلس غير النفط والغاز وتنويع مصادر الدخل لها، وإن هذا القانون ضريبة غير مباشرة على المبيعات والسلع، وإن من أهم التحديات الموجودة في دول المجلس إيجاد بديل عن الاعتمادعلى النفط والغاز كمصادر للدخل، وإن قطاعي الصحة والتعليم يتحسسان من تطبيق هذا القانون وقد يصيبهما توجس منه". إن أي ضريبة أو رسوم ولا شك تزيد من دخل أي دولة، ولكن ما هو حجم هذه الضريبة التي ستعتمد عليها دول الخليج بدلا من النفط والغاز؟ ومن سيتحملها في النهاية؟ ما أفهمه أن تنويع مصادر الدخل هو الاستثمار في البلد وتنمية القدرات المحلية واستغلال أي عنصر يؤدي إلى قيمة مضافة للخدمات والمنتجات وهو إكمال البنية التحتية وتدريب الشباب على العمل وتشجيع القطاع الخاص للتوسع في إنشاء شركات ومصانع ونشاطات جديدة تستوعب الشباب الداخلين لسوق العمل بوظائف ذات مردود عال وبحيث يكونوا منتجين منافسين للشركات العالمية الأخرى، كذلك استغلال الدولة لمصادرها المعدنية كما تقوم المملكة بذلك الآن، ومن يعلم قد نصدّر مستقبلا الطاقة الكهربائية عن طريق استغلال الطاقة الشمسية. لا يمكن فرض ضريبة مثلا على الخدمات الصحية التي مستواها مختلف بين دول المجلس، فلو أخذنا المملكة كمثال فإنها تقدم خدمات صحية لرعاياها وتوجد مستشفيات خاصة ولكن لا توجد مستشفيات أو أطباء بالقدر الكافي لتقديم الخدمة الصحية المقبولة. ويوجد نقص في عدد الأطباء لدينا والأسعار مرتفعة، فهل من المعقول فرض ضريبة القيمة المضافة على الخدمات الصحية التي بعضها غير مقبول أصلا؟ لا أستطيع أن أجزم عن حال كل دول المجلس ولكن مواطني كل دولة يعلمون بحالهم. قد يكون العلاج في بعض الدول في مستشفيات عالمية أو يرسلوا مرضاهم على نفقة الدولة بدون شروط تعجيزية أو خلافه، فهل يعقل أن تفرض ضريبة القيمة المضافة على الغالبية التي لا حول لها ولا قوة؟ كيف تفرض هذه الضريبة ويوجد اختلاف كبير بين أسعار الكهرباء والغاز والوقود والرسوم على المركبات وتكاليف التأمين وقيمة الإيجارات وقيمة المباني حتى أن بعضهم يقدم سكنا مجانيا لمواطنيه! كيف تفرض هذه الضريبة ودول المجلس ليست متساوية فيما تقدمه من خدمات لقطاع الأعمال مثلا؟ فبعضها يقدم دعما للصادرات وبعضها يسهل دخول رجال الأعمال الأجانب والمستثمرين لهم، ففي المملكة تجد صعوبة كبيرة في إدخال مديرات لشركات عالمية مستثمرة في المملكة لأن عمر المديرة أقل من أربعين سنة، لذلك نضطر لإرسال فريق من موظفينا للمقابلة في دول أخرى، فكيف ستكون المنافسة عادلة ومن يتحمل كل هذه المصاريف الإضافية؟ إن فرض هذه الضريبة سيزيد من أعباء المستثمرين في المملكة وسيعطي ميزة للمنافسين في دول الخليج التي تقدم تسهيلات دخول المستثمرين وهذا فقط مثل واحد. وأكد أن "هذا القانون لن يضيف أعباء على المستهلك أو أنه سيسهم في رفع أسعار بعض الخدمات والسلع، قائلا إن الأسعار يفترض ألا ترتفع وأن تحُد القوانين في دول المجلس من ارتفاع السلع والخدمات بعد تطبيق ذلك". ولا أعلم من أين جاء بهذا الافتراض، فيفرض ضريبة ولا ترفع الأسعار فمن سيتحمل هذه الضريبة؟ هل هم أصحاب المنتجات والخدمات ولا يجيرونها إلى المواطن والمقيم. كلام غريب، ولكنه أتانا بالحل فطالب دول المجلس بوضع قوانين لعدم ارتفاع الأسعار. هل هذا معقول؟ ألا يؤمن بحرية الاقتصاد والمنافسة، أم يفرض علينا ضريبة ثم يمنعنا من زيادة الأسعار؟ لا أعلم كيف يفكر بعض المسؤولين؟ وللعلم كانت هناك ضريبة دخل للأفراد في المملكة (5 في المائة) وأظنها حتى بداية عهد الملك فيصل – طيب الله ثراه – لا أذكر التاريخ الذي ألغيت فيه، وكانت تدفع للدولة حيث كان سعر برميل النفط لا يتعدى الدولارين والنصف. فأي دولة من حقها أن تفرض ضريبة عندما تكون لديها الأسباب المقنعة لفرضها، ولكن على دول المجلس قبل أن تفكر في أن تشارك المواطن رزقه عليها أولا أن تبحث في دفاترها وميزانياتها لترى إن كانت هناك أموال مهدرة ومصاريف غير ضرورية ومشتريات زائفة، وتفتح دفاترها لمواطنيها أو من ينتخبونهم لمراجعتها، وعليها أن تزيد من إنتاجية موظفيها وأن ترفع الدعم تدريجيا مهما كان نوعه وتوجه اللازم منه للمستحقين من المواطنين والمقيمين كذلك.إذا فرضت دول المجلس ضريبة على مواطنيها فمن حق مواطنيها أن يسألوها أين ستصرف أموالهم وهل سيستفيدون منها أم ستضاف للمال العام دون مساءلة عن هدره؟