د. سعيد بن على العضاضي الاقتصادية - السعودية نريد في هذا المقال أن نلقي الضوء على مفهوم الشركات العائلية، ونحلل الفرص التي ينبغي لها أن تغتنمها، والتحديات التي تقف أمامها، ولكن قبل كل هذا نحتاج إلى أن نصل إلى تعريف واضح لهذا النوع من الشركات، فما المقصود بالشركات العائلية؟ وكيف تختلف وتتشابه مع غيرها من الشركات؟ حتى نجيب عن هذين السؤالين يتعين علينا في البداية أن نعرض أنواع الشركات حسب وضعها القانوني. رغم أن هناك عدة أصناف للشركات إلا أن تصنيفها حسب الوضع القانوني هو الذي سيصل بنا إلى تعريف واضح للشركات العائلية. يمكن تقسيم الشركات حسب الوضع القانوني إلى ثمانية أنواع – كما ذكر ذلك عساف في كتاب أصول الإدارة - وهي: المشروع الفردي، شركة التضامن، شركة التوصية البسيطة، شركة التوصية بالأسهم، الشركة المساهمة، الشركة ذات المسؤولية المحدودة، شركة المحاصة، وأخيرا الشركة القابضة. المشروع الفردي هو المشروع الذي يملكه صاحبه ويديره بنفسه بحيث تكون لصاحب المشروع هيمنة كاملة على كل أنشطته. أما شركة التضامن، فهي التي يتضامن فيها شخصان أو أكثر تكون بينهم ثقة متبادلة بحيث أن التصرف الذي يجريه أحد الشركاء في مجال عمل الشركة يكون ملزما للبقية عدا بعض التصرفات كبيع الأصول أو رهنها أو أي تصرف يؤدي إلى توقف أعمال الشركة. ونظرا للمسؤولية التضامنية للشركاء، فإن أملاكهم الخاصة تكون ضامنة لحقوق الغير قبل الشركة. الصنف الثالث شركة التوصية البسيطة، وهي تتكون من فريقين من الشركاء أحدهما متضامن في المسؤولية عن ديون والتزامات الشركة، والآخر موصى أي أن مسؤوليته لا تتعدى نتائج أعمال الشركة ولا تتعدى حصته في رأس المال. أما شركة التوصية بالأسهم فهي تتكون من شريك أو أكثر متضامنين وشركاء آخرين مساهمين يكون لكل منهم حصة في رأس المال على هيئة أسهم ذات قيمة متساوية وقابلة للتداول دون الحاجة إلى موافقة بقية الشركاء. أما الصنف الخامس فهي الشركة المساهمة، وهي عبارة عن مشروع يقوم على أساس المساهمة بالأموال بغض النظر عن أشخاص المساهمين بحيث يقسم رأس المال إلى أسهم متساوية صغيرة في قيمتها قابلة للتداول. أما الشركات ذات المسؤولية المحدودة فتتكون من شريكين أو أكثر بحد أقصى لا يتجاوز 50 شريكا. والصنف السابع شركة المحاصة، وهي التي تتكون بالاتفاق بين عدد من الشركاء للقيام بعمل مؤقت تنتهي الشركة بانتهاء ذلك العمل. وآخر صنف هي الشركة القابضة، وهي عبارة عن شركة تنبثق منها شركات أخرى ذات أنشطة مختلفة يطلق عليها الشركات التابعة. وهدف الشركة القابضة إما الاحتكار أو إحراز قوة تنافسية في السوق. من هذا العرض نرى أن الشركات العائلية تأخذ وضع الشركة ذات المسؤولية المحدودة، وبهذا يمكن تعريف الشركة العائليةFamily Business بأنها شركة ذات مسؤولية محدودة إلا أنها تختلف في أن أصحاب القرار فيها هم من العائلة المالكة للشركة الذين يجمعهم رابط القرابة. وطالما أن الشركات العائلية يناسبها قانونيا أن تكون شركات ذات مسؤولية محدودة، فهذا يعني أنها تأخذ كثيرا خصائص وصفات ومميزات وعيوب الشركات ذات المسؤولية المحدودة، ولهذا سننظر إلى الشركات العائلية على أنها شركات ذات مسؤولية محدودة وسنقوم بتحليلها على هذا الأساس. من نقاط القوة في الشركات العائلية أنها تساعد على الترابط الأسري والاحترام بين أفراد العائلة الذين يعيشون حياتهم المهنية والاجتماعية من أجل الشركة. فنرى أن أغلب أفراد العائلة ينخرطون في العمل في سنوات مبكرة من أعمارهم فيتشربون أسلوب العمل ومسؤوليته ويتعلمون إدارته وطريقة عمل السوق، ويواكبون التطورات عبر الزمن. ومن مميزاتها أيضا أن إجراءات تكوينها أيسر بكثير من بعض أنواع الشركات كما أن مسؤولية كل فرد من أفراد العائلة محدودة بقدر حصته في رأس المال، ولكن لا يتسنى للشركات العائلية ذات المسؤولية المحدودة أن تطرح أسهما للاكتتاب العام، وليس من حقها أن تصدر سندات مثلما هو متاح للشركات المساهمة، إلا أن حصص الشركة قابلة للتداول بين أفراد العائلة. ويقوم بإدارة الشركة شريك أو أكثر من بين أفراد العائلة، ويمكن أن يعهد بإدارتها إلى أفراد آخرين خارج العائلة، ولكن من حق أفراد العائلة أن يقوموا بمراقبة أعمال الشركة بطريقة قانونية وتنظيمية عن طريق مجلس الإدارة مثلما هو الحال في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، وتشترك معهم في ذلك شركة التوصية بالأسهم. ورغم كل هذه المميزات إلا أنها تواجه الكثير من المشكلات والتحديات منها صراع الأجيال، حيث إن أصحاب الفكر التقليدي في العائلة - وهم عادة متخذو القرارات الاستراتيجية - غير راغبين في التغيير نتيجة خوفهم من المخاطرة وعدم تقبلهم دخول دماء جديدة في إدارة الشركة حتى لو كانوا من أفراد العائلة بسبب قناعتهم بعدم كفاءة الجيل الجديد لحداثة سنهم وقلة خبرتهم. ومن ضمن التحديات أيضا الخلط بين أعمال الشركة والعلاقات العائلية، حيث إنه قد تنتقل مشكلات العمل إلى العلاقات بين أفراد العائلة، وقد تنقسم العائلة إلى فريقين حسب وجهات نظرهم في قضية تنظيمية أو تشغيلية في الشركة. وقد يصل بهم الأمر إلى مراحل متقدمة من الصراع قد تنهار الشركة بسبب ذلك. كما أن هناك مشكلات تواجه الشركات العائلية في التخطيط، والتنظيم، والعمل التشغيلي في الموارد البشرية، والتسويق، والتمويل، والتوريد، والتخزين، وغيرها. كثير من الشركات العائلية تعمل دون رؤية ودون رسالة، ولا يوجد لها أهداف واضحة. كما لا نرى لكثير من الشركات العائلية هيكلا تنظيميا ولا يوجد توصيف للوظائف ولا دليل للإجراءات وليس هناك نظام أساس للشركة. كما يخلو عمل الشركات العائلية تماما من المعالجة المحاسبية عند حساب الإيرادات والمصروفات فلا توجد قوائم مالية بمعناها الحقيقي، ولا يوجد نظام متكامل للمعلومات الإدارية والمالية ولا نظام للاتصالات. هذه بعض الفرص وبعض التحديات التي تواجه الشركات العائلية، وهي تحتاج بالفعل إلى تفصيل وتحليل أكثر إلا أنني مضطر لأن أتوقف هنا مراعاة للمساحة المخصصة للمقال.