ريم سعيد آل عاطف العرب القطرية كلما ضاقت على المرء ، وأثقلت روحه الهموم ، وأعيته المتاعب . احتاج _ بعد الله _ لمن يواسيه ، يؤازره ، يخفف عنه ، يسانده ويأخذ بيده . يتعرض للظلم أو الخذلان ، يخطو فيخطئ ويتعثر ، يجاهد ليقف ويصمد ويواصل . تخونه قواه تارة ، وضبابية الطريق أمامه تارة ، وقسوة وتعقيدات واقعه تارات ! وتظل فاقته _ لمن ينصت ويتفهم ويتعاطف ويوجّه _ قائمة متجددة . ولكن السؤال المطروح للتأمل هنا : لماذا نلجأ للغرباء غالبا ؟! لماذا نتجاوز القريب "الوالدين ، أو الإخوة ، أو الزوج والزوجة ، أو غيرهم في محيط العائلة" إلى من لا تربطنا بهم أدنى صلة ؟! لماذا نهرب من رمضاء الأحزان إلى أرضٍ مجهولة لا ندري أتكون فيئاً أو ناراً ؟!. حين تحوطنا المشكلات وترهق أفئدتنا الآلام والحيرة ، قد نخفي الدمعة ونكتم الأنّة عمّن نحب وخاصة الوالدين إشفاقاً عليهم ونأياً بأنفسنا أن نكون باباً من أبواب الكدر والغمّ في حياتهم . يميل بعضنا للبوح وكشف الجرح لبعيدٍ لا يعنيه أمره خشية اللوم والاتهام والتقريع والمحاكمات من ذاك القريب ، في الوقت الذي يغرق فيه وأحوج ما يكون لسرعة الإنقاذ لا إلى سياط التعنيف والتجريم . يلتجئ صاحب المشكلة والمعاناة للاعتراف والتنفيس مع الأغراب مخافة أن يخسر محبة وثقة الأقربين المقربين إلى قلبه ، تحديداً في مثل تلك الأسر وأولئك الأشخاص الذين يفرضون أجواء المثالية الجماعية ويلجؤونك لارتداء الأقنعة لتُقبل بينهم ، ويُكرِهونك على التصنّع فلا يمكنك أن تعيش معهم بعفويتك وحقيقتك وطبيعتك البشرية ، وإن زلّت قدمك فررت بزلّتك وتبعاتها ووجعك إلى أبعد ما يكون عن أعينهم . تخاطر الأنثى بحمل "أحزانها وحاجتها للعون" وحطّها في ساحة الغرباء ،هرباً من تلك النظرة حولها للأنثى ، نظرة ظالمة لا تفهم ولا ترحم تُدِين وتعاقب على كل حال ، مهما اشتكت وحكت وشرحت تظل هي أساس المشكلة وسبب المعضلة في كل قضية! نظرة تصادر حتى حقها في الاحترام والكرامة والطمأنينة وبعضٍ من سعادة ، حقها أن تحلم .. تختار .. ترفض .. تنتفض على الظلم والقهر . يطرق من يقاسي المرارة والشقاء نوافذ قلوب وعقول الغرباء حين تكون تلك النوافذ أقرب وأوسع وأرجى للفتح من أبواب ذوي القربى الذين مزقت علاقاتهم وشتت أرواحهم متغيرات العصر والمشاحنات والمشاغل ! يقف بعتبات من لا يربطه بهم سابق معرفة مخافة خيبات الأمل فيمن تربطه بهم الصلات والوشائج فأنت لا تنتظر الكثير من ذاك الغريب ولن يحرقك إعراضه أو إهماله أو أذاه ، كما قد يحرقك خذلان القريب أو جفاؤه أو غدره أو ظلمه . الكثير الكثير من الأسباب التي تضطرّ المُتعب لأرضٍ قصيّة، وما ذُكر أعلاه لا يعدو أن يكون جزءً من مجموعة من المسببات والدوافع ولا شك أن عندكم المزيد منها . ختام القول : تأملوا من حولكم ، تفقّدوهم ، أرفقوا بهم ، اقتربوا منهم ، احذروا انزواءهم بدمعاتهم وتأوّهاتهم بعيداً عنكم ، امنحوهم السكينة والأمان والراحة ولا تساوموهم على الحب والثقة ، أشعروهم أن محبتكم لهم باقية وإن أخطأوا أو تعثّروا وأنكم موجودون لجانبهم مهما كانت الظروف ، كونوا لهم السند القويّ الوفيّ . أحيطوهم بالرعاية والحماية والتفهّم قبل أن يعتزلوكم ويذهبوا بعيداً ، وقد تتضاعف الخسائر وتتعمق الجراح وتزداد الهوّة ، فيألمون كثيرا وتندمون أكثر ! [email protected] @ReemAlatef