الرياض - السعودية حين تحضر المرأة يحضر الكثير من الخوف ونبني جدارا عاليا من المنع وكمّاً مهولاً من التوقع السلبي.. الشكوك تتناثر يمينا ويسارا.. لا ارى ملفا يستفز ثقافة الحذر والقلق والرفض والتأجيل للفتح والمعالجة مثل ملف المرأة اما بسهولة التحريم.. او المطالبة بالتأجيل لاي قرار يخص المرأة باعتبار ان مجتمعنا غير مهيأ لهذا القرار او ذاك.. في بلادنا تصيبنا حالة من التشكك ورغبة الرفض في حضور الدرة المكنونة والجوهرة المصونة ومن المفارقات الغريبة ان بعضنا يقاوم ممارستها للبيع في المراكز التجارية بحجة الاختلاط ولا يرى بأسا في وقوفها للتسول في غير مكان او ممارستها للبيع على الرصيف او في الاسواق الشعبية.. ولان الموضوعية مرتكز للعدل فمن حق المؤسسة العدلية ان نشكرها على الكثير من تحسن مستوى عملها ومنتجها القضائي وخاصة مع المرأة.. نعم فحال المرأة اليوم في قضايا الطلاق والخلع والنفقة والحضانة احسن كثيرا من حيث سرعة الانجاز وايضا عدالة الحكم.. من وقت سابق.. ولعل القرار الاخير لمجلس القضاء والذي يقضي بالزام المحكمة الناظرة لقضية الحضانة منح المرأة حق مراجعة الاحوال المدنية والجوازات والسفارات وادارات التعليم وجميع ما يخص المحضون الا في السفر.. وهو قرار لصالح المحضون خاصة اذا علمنا ان بعض الاباء للاسف يحول موقفه السلبي من زوجته السابقه خاصة في حال الخلع الى سلوكيات شرسة مليئة بالانتقام من الزوجة في الابناء والنتيجة لذلك التعسف بأن كثيرا من الاطفال لا يتم ضمهم لبطاقة العائلة وبالتالي حرمانهم من حقوقهم في التعليم والعلاج وخلافه من الخدمات التي تتطلب الاثبات.. القرار منصف وانساني وهو لصالح الابناء في منتجه النهائي ومريح نفسيا ومعنويا للمرأة التي حان الوقت لفتح الكثير من ملفاتها المغلقة بانصاف وثقة في قدرتها.. ولكن مع شكرنا للقرار وهو منصف وعادل للمرأة وللطفل.. ولكن كيف سيجيز النظام في الجوازات للمرأة باستخراج جواز لابنها او ابنتها وهذا النظام اساسا لا يجيز لها ان تستخرج جوازا لنفسها..؟ هنا مساحة كبيرة من التناقض بين نظام واخر.. ما يعني معه ضرورة ان ترتقي مديري الجوازات مع هذا الارتقاء بارتقاء مماثل يسمح للمرأة باستخراج جوازها فهناك كثير من التعسف والتكاسل والاستغلال للمرأة في الحصول على حقوقها من بعض اولياء الامور.. قد يقول قائل ما الفائده منه مع عدم السماح لها بالسفر الا بموافقة ولي الامر.. اقول نعم لماذا تمنع من السفر بالاطلاق حين تكون تلك السيدة تمثل البلاد في ملتقى علمي هل من المنطق ان نعاملها كما لو كانت مراهقة قد تجرفها رياح العاطفة والتحدي..؟ هل من المنطق ان تكون بدرجة وزير ولابد من موافقة ولي امرها لسفرها..؟ سيدة وضعنا ثقتنا فيها لصناعة قرار على مستوى الدولة واستئمناها على مجتمع باكمله لا نستطيع الثقة فيها على نفسها..؟ استاذة جامعية تقدم لنا امهات الغد ولا نثق فيها لاستخراج جوازها او السفر لمهمة علمية او عملية.. معلمة تدرس بناتنا التاريخ والدين ومكارم الاخلاق لا نثق في قدرتها على استخراج جوازها او السفر مع ابنائها..؟ نعود لقرار المجلس الاعلى للقضاء والذي سيقضي على العديد من مظاهر الاستغلال والتعسف في الولاية والتي حان الوقت لدراستها ووضع ضوابط لها في سياق معطيات اليوم وليس خارجه.. شكرنا وتقديرنا للقرار لا يعني الرضا الكامل فما زالت قضايا الامور المالية للمرأة دون المستوى حيث ضاعت الكثير من اموال النساء في الارث والتملك المشترك مع ولي الامر بسبب جهل الكثير من النساء بحقوقهن وايضا مازال داخل بعض القضاة هاجس الشك في قدرة المرأة على المحافظة على نفسها واموالها.. مع ثقة مطلقة باي رجل فمازال الكثير من ملفات الارث تدور في دهاليز المحاكم دون حكم نافذ مع ان كثيرا من تلك السيدات يعانين من الحاجة المادية لبعضهن حد الفقر.. ولعل قرار المجلس الاعلى بداية انطلاق لما هو اكبر واكثر ثقة في المرأة.