الاقتصادية - السعودية امتدادا لسلسلة الطريقة المبهمة لإعلان القرارات الحكومية التي كان آخرها "ساند" من وزارة العمل الذي ما زلنا نشهد تداعياته، وقبله الإعلان عن تطبيق الفوائد التناقصية من مؤسسة النقد والذي أعقبه لغط كبير وعديد من التكهنات حول قصد المشرّع من الفوائد التناقصية. تظهر تفسيرات مختلفة على الساحة تؤدي إلى الكثير من الإحراج لبعض الصحف والمختصين والاقتصاديين البارزين. أخيرا قام الاتحاد السعودي بالإعلان عبر موقعه الإلكتروني عن اختيار شبكة ال "إم بي سي" لنقل الدوري السعودي لمدة عشر سنوات، وليس حديثنا اليوم عن المدة أو قيمة العقد، بل عن حالة الغموض غير المفهومة أو المبررة في هذا الإعلان. إذ إن الإعلان لم يوضح على أي أساس تم اختيار ال "إم بي سي". فإذا كان على أساس قيمة العرض، فالآن نعلم يقينا أن إحدى الشبكات الأخرى قدمت عرضا أعلى، وإن كان لضمان الجودة وحجم المشاهدة فكيف تم ذلك؟ ومن الذي قام بالمفاوضات؟ لقد فتح الإعلان المجال نحو التكهنات الصحفية، بل والمشادات الكلامية على الفضائيات وتبادل الاتهامات بشكل ضمني بين الجهات ذات الصلة، وكان يمكن تجنب كل ذلك أو على الأقل الحد منه في حال التزمت الأقسام الإعلامية بإصدار بيانات واضحة وشفافة، حيث كان يمكنها التنبؤ سلفا بحصول كل ذلك وخاصة في ضوء الإعلانات المتضاربة عن حفل التوقيع. وقد تم طرح العديد من الأسئلة، والتي تبين أن كل محاولة للإجابة عنها من الجهات ذات الصلة كانت تزيدها ضبابية. فبالنسبة لاتحاد الكرة وهو جهة تابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، ويعد من أبرز اختصاصاته التفاوض بالتعاون مع رابطة الأندية والقنوات المختلفة على حقوق النقل لجلب أفضل عرض للأندية، فلغير المتابع لأخبار الرياضة، تبادر للأذهان أنه تم تغييب الاتحاد أو استبدل دوره! تساؤلات عدة زادتها غموضا التصريحات المتفاوتة لرئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم بعدم علمه عن شيء "يوم حفل التوقيع" وتصريحه للإعلام للتوقيع مع "إم بي سي" قبل ذلك. أما بخصوص رعاية الشباب التي أصدرت خطابا حصرت فيه دورها على المساعدة على حصول قيمة أفضل للدوري، فقد جاء متأخرا بعض الشيء وفتح المجال للتساؤل عن دورها في التفاوض أو حتى المشاركة فيه والانطباع بالتعدي على اختصاصات جهة أخرى، وإما أن تكون المسؤوليات والاختصاصات غير واضحة بشكل كامل في النظام! ونأتي أخيرا لل "إم بي سي" التي اعتبرت أنها حققت إنجازا بالحصول على الحقوق: كيف تعلن عن وجود شراكة مع التلفيزيون تنفيها وزارة الثقافة؟ كيف يوضع وزير الوزارة التي لها صلة في هذا المأزق؟! فإذا كانت ال "إم بي سي" لا تزال تصر على هذه الشراكة فلماذا لم تصدر بيانا واضحا تأتينا فيه بالدليل القاطع على وجود الشراكة؟! الصورة كما نرى في مجملها غير جميلة، وكل هذه التساؤلات كان يمكن تفاديها. وحبذا لو أن الجهات المختصة تقدمت بإيضاحات شافية لما حصل وبطريقة منطقية تحترم عقل المواطن. لا أدري في ظل كل ما ذكر ونقل هل نترحم على الشفافية التي يبدو أنها في عقل البعض ليست سوى مصطلحات مصدرة فارغة من أي مضمون أو مجرد حبر على ورق. أين المساءلة وتحديد المسؤولية حتى نوصل للشباب رسالة مضادة للرسالة السلبية التي وصلتهم عبر هذه الفوضى؟ وأين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من التحقيق في الموضوع أم أنها في شغل بما هو أهم من تغييب مبادئ الشفافية؟! وأخيرا، فإن أهم الأسئلة التي لا يمكن إغفالها في ظل هذه الإعلانات هو، ما المقصود بالضبابية التي تصاحب تلك القرارات؟ خصوصا أنه كما ذكرنا سالفا فإن ردة فعل الشارع تكون متوقعة تماما بالنسبة للأقسام الإعلامية داخل تلك المؤسسات.