يراهن كثير من الاقتصاديين على أن القيمة المالية لرعاية الدوري السعودي تفوق كثيرا الأرقام المتوقعة وغير المعلنة التي يتم تداولها حاليا، وهو ما ظل يثير الجدل والتساؤلات حول موانع الاستفادة من طرحها في مناقصات مالية على شركات منافسة بآلية يمكن أن تحقق مزيدا من الفرص الاستثمارية والربحية، وهو ما يطالب به كثير من الرياضيين وبعض أعضاء الرابطة الذين يرون في منح حقوق الرعاية بالاختيار ودونما مناقصة يهدر الكثير من الأموال عن الأندية، لا سيما في ظل ما تعانيه حاليا من أزمات مادية متتالية، وطالب هؤلاء بالشفافية والوضوح في الأرقام بدلا من السرية التي تنتهجها رابطة دوري المحترفين وتمسكها بأنه حق يخصها والأندية فقط، باعتبار أن ذلك سيكون مغريا لشركات أخرى لتقديم عروض أفضل وبقيم مالية أكبر قد تنعكس إيجابيا على الأندية. يقول رئيس نادي الرائد فهد المطوع: «من الضروري وجود أكثر من شركة منافسة ودخولها في مناقصة للفوز برعاية دوري المحترفين، لا سيما أن هناك وقت طويل كان بالإمكان فيه حضور منافسين وطرح مناقصة لاختيار الأفضل»، وأضاف: «إن ذلك يساهم في تطوير الرياضة لدينا؛ لأن حصر الموضوع في شركة واحدة ربما لا يقدم العرض الأفضل»، موضحا أن عقود رابطة المحترفين ليست خطا أحمر، حيث يمكن لكل ناد من خلال ممثله في الرابطة الاطلاع على أدق التفاصيل لجميع العقود التي تبرمها الرابطة، ومضى يقول: «للأمانة لم تخفي الرابطة أي معلومات عن ممثليها على اعتبار أن هؤلاء هم نوة الرابطة، وخلال الستة أشهر الماضية لم تبرم أي عقود، كما أن عقد شركة عبداللطيف جميل لرعاية الدوري لم يوقع رسميا حتى نقول بأنه خط أحمر، ولا بد أن ننتظر ماذا سيكون الموقف بعد التوقيع، وإن كنت أعتقد بأن الرابطة تتمتع بإدارة واعية تعرف أن من حق الأندية الاطلاع على كل العقود، كما يجب ألا نخلط بين عقد الرعاية لدوري المحترفين السعودي وهذا هو من صميم عمل الرابطة وبين عقد حقوق النقل التلفزيوني الذي يعد من اختصاص الاتحاد السعودي لكرة القدم». الشفافية والوضوح من جهته، قال رئيس تحرير صحيفة الجماهير الإلكترونية توفيق الخليفة: «بلا شك أن رابطة دوري المحترفين تقوم بجهود كبيرة لتطوير مستوى الدوري، وأعتقد بأن النتائج بدأت تظهر بشكل جيد ونتمنى المواصلة، أما بالنسبة للعقود فبرأيي أن هناك العديد من التساؤلات التي تطرح في الساحة الإعلامية حيال هذه العقود ومدى منطقيتها، فإن الامر يحتاج إلى إيضاح من قبل الرابطة حتى تكون الأمور أمام الرأي الرياضي مقننة وحتى تلجم كل الغمز واللمز الذي يدور عند البعض»، وأضاف: «لم نشهد توقيع عقود للرابطة في الفترة الأخيرة إلا الاتفاق الذي تم مع عبدالطيف جميل لرعاية الدوري، وهذا لم يتم الإعلان الرسمي عنه، لكن يجب أن تكون شفافة مع الأندية وتضعها في الصورة أولا بأول وفي كل خطواتها، وحسب ما أعرف أن من حق ممثلي الأندية الموجودين في الرابطة الاطلاع المطلق على كافة العقود ومناقشتها والتصويت عليها». وبين الخليفة بأن على الأندية أن تبدي تعاونها مع الرابطة وتضع بيانا مشتركا لكل الموضوعات المناطة بالرابطة بخصوص العقود لتوضيح الآلية التي تسير عليها، مطالبا بأن تكون هناك شفافية عالية لكل الاتفاقيات التي تبرمها الرابطة كما يحدث في معظم الدوريات الأوروبية. شراكة الأندية بدوره، علق رئيس مجلس إدارة رابطة دوري المحترفين محمد النويصر على ما يثار حول عقود الرابطة قائلا: «جميع المبالغ التي تدخل الرابطة يتم الاطلاع عليها من قبل أعضاء مجلس الإدارة، ولكن لا يمكن أن ننشرها أو نصدر بها بيانات مالية حفاظا على سرية العمل مع الشركات التي نعمل معها، فما يهمنا هو المستثمرين وليس الجمهور، لذا لا نستطيع أن ننشر المبالغ حتى ولو أعلنت الشركات في مسابقات أخرى فهذا شأنها، ولا سيما أن هناك بند من ضمن بنود الاتفاقيات والعقود بعدم بث أسرار العقد، وهذا ليس رأي محمد النويصر فقط وإنما رأي جماعي من قبل إدارة الرابطة، أما المخصصات فهي توزع حسب ما هو مقرر لها، وليس صحيحا أن هناك مبالغ ذهبت للاتحاد السعودي من غير وجه حق، بل توزع المبالغ، فهناك مبالغ تذهب إلى الأندية وهناك مبالغ للجنة التخصيص وبينما تحصل الرابطة على 8 % من القيمة». وعن النسب العالية التي تحصل عليها الشركة المسوقة (صلة) والتي كانت 41 % وتم تخفيضها إلى 25 % قال: «من الطبيعي أن تعمل بهذه النسب، فالشركات المسوقة دائما ما تحدد النسبة في كل مكان، وأعتقد أن صلة تقوم بجهود كبيرة في تسويق الدوري السعودي». وأضاف النويصر أن الرابطة حققت نجاحات كبيرة خلال المدة البسيطة التي أمضتها في الدوري السعودي، وكان من الأجدر الحديث عنها بدلا من الانشغال بأمور تثير الشكوك الوهمية، أن العمل المقدم عمل كبير فقد ساهمت الرابطة في تطوير دوري المحترفين من خلال التذاكر الإلكترونية والبوابات الإلكترونية، والآن نعمل على بيع حقوق النقل، فهناك أكثر من قناة ترغب في شراء حقوق النقل بأكثر من 300 مليون ريال للموسم الواحد إلى جانب أننا نعمل على بيع حقوق دوري ركاء للدرجة الأولى، وهناك خطوات أخرى تسويقة سوف تعود بالفائدة على الرياضة السعودية مثل إنتاج الدوري السعودي وبيع ملخصات للمباريات، فربما في المرحلة المقبلة من دوري المحترفين السعودي لن يحتاج إلى دعم حكومي، ومستبعد أن تكون هناك خطوط حمراء على العقود وإنما هي حفظ لسرية التعاون وهذا حق مشروع، ولكن جميع ممثلي الأندية في الرابطة مطلعين على الاتفاقية والعقود. تحجيم الفرص بدوره، قال الناقد الرياضي سعد المطرفي: «من المفترض أن تتم كل العقود التي تبرمها الهيئة وفق آلية معلنة، يعرف أدق تفاصيلها الشارع الرياضي قبل وبعد التنفيذ، وليس فقط الأعضاء المنتمين لها على اعتبار أنها جزء مستقل من مكونات المجتمع الرياضي، وهذه الآلية تسمح بأن تطرح كل فرص الرعاية كمنافسة ربحية معلنة في وسائل الإعلام بعد عقد عدة ورش تعريفية بتلك الفرص والعوائد الربحية الممكنة للشركة الفائزة بأي عقد، لكن الذي يحدث لدينا كما هو واضح أن الأمور تتم بطريقة اختيار العرض الأعلى الذي يراها وكيل التسويق الذي يتحمل بدوره خطوات التعريف والبحث عن العرض الأفضل، وهذا الإجراء يعطي انطباعا شائعا أن الهيئة ما زالت غير قادرة على أن تجعل فرصها الاستثمارية من خلال عقود الرعاية ضمن أولويات الفرص التي يبحث عنها القطاع الخاص بشكل مباشر، والهيئة إجمالا يجب أن تفتح نوافذها وتتحرر من هذه الآلية وتكون أكثر قدرة على التعريف بكل الخطوات التي تتخذها في مسألة عقودها التي تبرمها مع الأطراف الأخرى وفي كل مناشطها، فهي تكاد تكون دون جناح إعلامي قادر على أن يجعل الهيئة مقتنعة في كل أعمالها وخطواتها ومنجزاتها العملية المستمرة، وهذا القصور جعل هناك ضبابية عالية في مسألة العقود، ومن هم خارجها لا يعرفون شيئا كيف تتم الأمور، وهل هذه العقود هي الأعلى أم الوحيدة المتوفرة أمامها، وهل هناك نمو يمكن أن يتحقق في قيمة تلك العقود المستقبلية أم هناك بطء ، وهل عنصر التنافسية متحقق في عقودها أم أن الأمر لا يتجاوز كونه البحث عن رعاة فقط، فما يشاع الآن أن عقد رعاية نادي الهلال أكبر في قيمته المادية من عقد رعاية دوري المحترفين، والأقوال متضاربة حول هذه الحقيقة فيما التفاصيل المتعلقة بها غائبة، لهذا لو كانت كل الأمور معلنة من قبل الهيئة لكان هناك وضوح وإقناع بدلا من التساؤلات المعلقة والأجوبة الغائبة المتعلقة بعقودها. عقود مغرية أما المستشار القانوني خالد أبو راشد فأكد بأنه ليس من الضروري أن تطرح رعاية الدوري السعودي للمناقصة، فمن الممكن أن يكون عن طريق التسويق المباشر، وهذا لا يعد مخالفة قانونية فالمسابقات الرياضية لها أنظمتها وقوانينها في جميع المسابقات العالمية كما هو معمول به في الدوري الإنجليزي الذي يرتبط بعقد رعاية لمدة 15 سنة تم جلبه من خلال التسويق المباشر، وكذلك كأس القارات وبطولات الفيفا، المهم أن يكون العقد مغر ومفيد لرعاية الدوري، فرابطة دوري المحترفين ليست جهة حكومية حتى تخضع للمناقصات ولايشترط عمل ذلك، أما عن بياناتها المالية فيرى أنه يفترض أن يكون هناك إعلان عن ميزانيتها ومعرفة المداخيل والمصروفات؛ لأن الرابطة لا تمثل شركة خاصة وإنما أموال تهم الأندية الرياضية والرياضيين، وبالتالي لا بد أن تكون هناك شفافية، وقال: «شاهدنا أن رؤساء الأندية يتحدثون ويتساءلون في كل مكان، مما جعل الرابطة في موقف صعب، فلماذا كل هذا الإحراج، من الأفضل الإعلان أولا بأول حتى تكون الأمور واضحة أمام الجميع، وتستطيع الرابطة أن تعمل بهدوء وبتركيز أفضل حالها حال الأندية، فكل ناد عندما تعقد به جمعية عمومية يتم الكشف عن الميزانيات ويتم توزيع بيانات على كافة الأعضاء من أجل منح الثقة ومن أجل تحقيق الشفافية، لكن عدم إعلانها لا يشكل مخالفة»، موضحا أن الإعلان عن القيمة المالية يمثل وجها من وجوه الدوري السعودي، حيث يظهر مدى قوته ومدى مكانته بين المسابقات والدوريات في منطقة الشرق الأوسط، وهذه نقطة جوهرية.