التقرير - السعودية تعلن دولة "عربستان" عن حاجتها لعالم شرعي حكومي (دوام كامل/دوام جزئي)، ضمن الشروط الأساسية التالية: 1. الحصول على مؤهل شرعي (ماجستير أو بكالوريوس مع خبرة)، ويفضل أن يكون من جامعة عريقة معتمدة، ولا يقتضي الأمر أن ينعكس العلم على قول وفعل الموظف، لكن المؤهل الشرعي سيسهم في دعم "المصداقية" وتعزيز ثقة الجمهور في المنتج الذي سيروّج له. 2. خبرة لا تقل عن ثلاث سنوات في التسويق أو التلفيق أو التصفيق. 3. الولاء المطلق للحاكم، وليس لله أو الوطن أو الشعب. تنبيه: تقديم أوراقك من أجل وظيفة عالم شرعي حكومي يعتبر إقرار باستعدادك لخيانة الأمة بالصمت عن كثير من قضاياها وآلامها، وعلى من تنطبق عليهم الشروط المذكورة أعلاه إرسال السيرة الذاتية والمستندات إلى مكتب فخامة السيد الرئيس للنظر فيها وترشيح من يراه مناسباً. ** ** ** وفيما يلي مهارات ومؤهلات تزيد من فرص الاحتفاظ بالوظيفة: الكِبر وسوء الأدب لا تهتم كثيراً لمن يحدثك عن الأدب ورقيّ الحوار ولين الجانب، فتلك حكايات تُروى لصغار طلاب العلم أما أنت فيليق بك حال آخر. تذكر أنك من "الخاصة" وبقية الناس هم "العامة". أنت "الفرقة الناجية" وهم "الفرقة الضالة". أنت العلم والحكمة وهم الجهل والرعونة. أنت بقية السلف الصالح، والآخرون يعبدون الشجر والقبور. لا تتردد في وصف من يخالفك أو من هو أقل منك علماً بكل ما يملأ قواميس السفه. لحمك مسموم فلا يقترب من جنابك أحد، والناس لحومهم "بوفيه مفتوح" فسمّ الله وكل بيمينك! ضيق الأفق كن مؤمناً بفكرة ما، ولا تسمح لنفسك أن ترى أبعد من طرف أنفك. لا تقرأ إلا لمن يوافقك ولا تجالس إلا صديقك الذي يؤمن على كل ما تقول. وإياك وتعلم لغة غير لغتك الأم. عش في قوقعة معتمة. الظلام صديقك! كن بعيداً عن الواقع، وابن برجاً عاجياً واسكن فيه، وتكلم عن "الواقع" وكأنك كائن فضائي تزور كوكب الأرض مرة في السنة. كن عنيداً -في الإصلاح أو رفع الظلم أو النصح للحاكم- وكرر طريقتك رغم ثبات فشلها. سيقترح لك أحدهم أن تغير أسلوبك، أو أن تجرب حكمة جديدة. احذر منه وفرّ منه فرارك من الأسد. كم مضى لك وأنت في ذاك الإطار والخطاب والأسلوب؟ 20 سنة؟ 30 سنة؟ ممتاز. مزيداً من العناد! قلب الأولويات تكون متميزاً حين تتجاهل أبجديات ترتيب الأولويات، فمن غيرك يحدثنا عن "أحكام زكاة الإبل" حين تتساقط قنابل العم سام في أفغانستان والعراق؟ ومن يملأ فضاءنا بفتاوى "نجاسة بول الطفل" وزنزانات "عربستان" قد التهمت أعمار الشعوب؟ ومن يحذرنا من "الفتنة" ونحن نتلوى لبكاء حرائر فلسطين؟ ومن يخطب فينا عن "أسبوع النظافة" ولا يهمس -ولو مرة واحدة- عن "الفساد" الذي ينخر بلاد العرب؟ ومن يكرر على أسماعنا حكايات "الرفق بالحيوان" في زمن "انتهاك حرمات الإنسان"؟ أنت يا سيّد صغار الأمور ومحترف تطفيف موازين القضايا! إدراك حقيقة دور العالم في عربستان دورك مهم جداً، وحيوي جداً، فالشعوب تصدق العلماء غالباً. لذا أولى مهامك تمرير أجندة السياسي وتطويع الناس للحاكم، فالسياسي الفاجر لا يقوم إلا على أكتاف عالم خائن. باختصار؛ أنت بوق، وكلما أسرعت في إدراك هذه الحقيقة سهلت عليك أمور كثيرة وكانت حياتك أفضل. لك أن تستخدم حق إصدار "الفتوى" في إطار مشروعات السياسي، ولك أن تتجاوزها بين الفينة والأخرى لتناول قضايا تعبديّة محدودة (مثل الصلاة والصوم)، واحذر من تلك الرغبة التي قد تراودك من أجل تطبيق حديث "كلمة حق عند سلطان جائر"، فالأمر ليس مزحة. أنت هنا لتمرير كلمة سيّدك ولو خالفت أمره فالأبواق غيرك كثير، وإن تذكرت قصص العز بن عبدالسلام وأصابك وسواس الكرامة فتذكر جمال العبودية ولذة الدنيا وانفث عن يمينك ثلاثاً. لزوم باب السلطان هذه من بدهيات المحافظة على الوظيفة. الزم باب الحاكم ولا تبتعد كثيراً. ولا يغرنك أن الإمام أحمد وغيره كانوا لا يأتون السلطان وينهون الناس عن ذلك، وتذكر أن الأئمة بشر، يصيبون ويخطئون. ولا يزعجك قول سعيد بن المسيب "إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء فاحذروا منه فإنه لص"، فهي مبالغة منه رحمه الله. وتأمل في حال من حولك، وستجد أن من ابتعد عن باب السلطان ناله الأذى والجفاء وضيق العيش أما من اقترب من بابه وطلب رضاه فحاله من حسن إلى أحسن. معرفة الفئة المستهدفة دورك ينحصر في توعية "الشعوب" بالنصح لهم والإنكار عليهم. اكتب وتكلم وافعل ما تراه مناسباً من أجل رفع وعي الشعوب لإدراك دورها في هذه الحياة، وهو كل شيء لا يقترب ولو قليلاً من عالم السياسة. وتذكر أن لا علاقة لك بالحكام أبداً. حسناً، ربما تتاح لك فرصة أن تحدث الحاكم مرة أو مرتين في السنة، لكن بصوت خافت وبأسلوب ليّن هادئ، وفي قضايا عامة لا تعكر مزاجه، ثم تخرج مسرعاً. وحاول جاهداً أن تنسى حديث "الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، فهو يصلح للتنظير فقط! مثال توضيحي: حاكم ينحر الناس في الميادين ومواطن يغازل فتاة في السوق. انصح المواطن وشهّر به والعن أسلافه الذين جاؤوا بهذا القذر، أما الحاكم فأنت بالخيار، فلك أن تتعامى عن ظلمه أو تنصحه برفق (في غرفة نومه أو مكتبه الخاص). ممارسة فكر الكهنوت المقدس هذه مهارة فعّالة رغم صعوبة إتقانها. عليك أن تكرر على الناس أن الإسلام دين لا "كهنوت" فيه، وقل لهم أن تعلم الدين متاح لهم جميعاً وأن ليس بينهم وبين الله رجل دين، وأن لا عصمة لأحد من العلماء أبداً وكل كلامهم يقبل المناقشة والتصويب. كرر تلك الديباجة حتى يصدقك الناس. ثم انسف كل تلك الأفكار متى سنحت لك الفرصة. ففهم كلام الله يأتي على يديك، وتوثيق السنة يكون من خلالك، ومن شك لحظة في علمك نالته أوصاف الهرطقة ومن تكلم فيك بسوء صفعته تهم الإلحاد والزندقة. براعتك تتجلى حين ترفع صوتك برفض "الكهنوت" وأنت تلبس عباءة الكاهن! نصيحة أخيرة: اتخذ العلم مصدراً للرزق، ولا يحزنك الذين يذمون "من يأكل بدينه" فهم يحسدونك. هل تنظم الشعر؟ رائع. مديح الحاكم باب إلى الجنة. (جنة الدنيا يا أبله). وليكن مثلك الأعلى رجل اسمه "بلعام" (ستجد وصفه في سورة الأعراف، آية 175-176). مع تمنياتنا لك بانعدام التوفيق والنجاح،،