الهلال يطوي صفحة الدوري مؤقتاً ويفتح ملف «نخبة آسيا»    اليونيفيل : لم نسهّل أي عملية اختطاف أو أي انتهاك للسيادة اللبنانية    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تعقد المؤتمر العالمي لطب الأعصاب    اكتشاف قرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر    الأردن: لن نسمح بمرور الصواريخ أو المسيرات عبر أجوائنا    إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية    رونالدو يعلق على تعادل النصر في ديربي الرياض    وسم تختتم مشاركتها في أبحاث وعلاج التصلب المتعدد MENACTRIMS بجدة    حقيقة انتقال نيمار إلى إنتر ميامي    «الداخلية»: ضبط 21370 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.    بلدية محافظة البكيرية تنفذ فرضية ارتفاع منسوب المياه وتجمعات سطحية    السعودية تعرب عن قلقها إزاء استمرار القتال في السودان الشقيق وتصاعد أعمال العنف التي طالت المدنيين من نساء وأطفال    مرثية مشاري بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود    المملكة "برؤية طموحة".. جعلتها وجهة سياحية عالمية    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الشيف الباكستانية نشوى.. حكاية نكهات تتلاقى من كراتشي إلى الرياض    في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    "الأرصاد": أمطار على منطقة المدينة المنورة    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    جمعية البر بالجنينة في زيارة ل "بر أبها"    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    ضمك يتعادل إيجابياً مع الرياض في دوري روشن للمحترفين    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة كسوة الشتاء    أروماتك تحتفل بزواج نجم الهلال "نيفيز" بالزي السعودي    تن هاج يشكر جماهير مانشستر يونايتد بعد إقالته    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    ما الأفضل للتحكم بالسكري    صيغة تواصل    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    الدبلة وخاتم بروميثيوس    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    السل أكبر الأمراض القاتلة    الأنساق التاريخية والثقافية    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الإخوان» أم التنظيمات الإرهابية


الرياض - السعودية
فما أن صدر القرار الملكي الذي أثلج الصدور، وأبهج النفوس، وأثبت قوة اللحمة، وثبات الرؤية، وسلامة الأسس حتى جاء بيان وزارة الداخلية محدداً لما أجمل في الأمر الملكي الكريم، مدللاً بصورة قاطعة أنه لم يعد إلا الجد والحزم، فبالأمس استبشر الجميع بما أصدره إمامنا المسدد وولي أمرنا الموفق، عراب الحكمة، وحكيم العرب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- من أمر سام يتمم به مسيرة الانجازات العظيمة فيما يخدم الوطن والإسلام والمسلمين، ويحدد الموقف من الإشكالات والفتن والتحولات التي يمر بها العالم الإسلامي والعالم أجمع ويحقق القضاء على كل أشكال الغلو والتطرف والإرهاب، ويعالج أسباب الفرقة والنزاع وتمزيق الوحدة الوطنية، بناه - أيده الله - على عقيدة إيمانية راسخة، وعقيدة سلفية، ومبادئ شرعية، ووطنية قوية، ووعي كامل بكل ما يحاك لوطننا الغالي ولأمتنا الإسلامية، من مكائد ومؤامرات ودسائس لتفريق وحدتها وشق صفها، فيأتي بيان وزارة الداخلية موفقاً مسدداً متوازناً، محققاً هذا الهدف، يظهر بجلاء أن أمن الوطن ووحدته خط أحمر، ولا تهاون فيما يشكل تهديداً لهذا الأمن، أو خطراً على الثوابت، سواء في جانب الغلو أو التطرف والإرهاب، أو في جانب التفريط، والتشكيك والإلحاد، فكلا طرفي الأمور مذموم وهذه بلاد العقيدة والتوحيد، أساس قيامها منذ تأسيسها على هذه الأسس، وسر انتصارها وثباتها وبقائها رغم عوامل التغيير هو هذه القوة الضاربة في جذور التأريخ، فجاء الأمر السامي، أمر خادم الحرمين الشريفين، والبيان المسدد من وزارة الداخلية ليؤكد قوة الأسس التي قام عليها وطننا الغالي، وسار عليها قادة هذه البلاد وحكامها الميامين منذ عهد الملك المؤسس الملك المجاهد الصالح عبدالعزيز بن عبدالرحمن - غفر الله له - وحتى هذا العهد الاستثنائي الذي وفق الله فيه إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لكل ما يرسخ هذه الأسس ويعززها، ويحفظ الوطن من مكامن الخلل والاستهداف.
إن المتتبع للأفكار المنحرفة، والفئات الضالة، والإرهاب الذي عانى منه المسلمون وغير المسلمين في كل الأوطان يجد أن أساس هذه الأفكار جماعات استخدمت الدين غطاء، وألبست تصرفاتها غطاء الشرعية ومررتها بمصطلحات وشبهات يظنها الناس ديناً، وصارت قاعدة التعاطف عريضة بسبب هذا الاستخدام المؤدلج، وعلى رأس تلك الجامعات الجماعة الأم التي فرخت التنظيمات الإرهابية، وكان لمبادئها وأفكارها التي تعاهد منظروها على أن لا تظل مجرد أفكار، بل سيفدونها بدمائهم، ويحولونها إلى خطط عمل، جماعة الإخوان المسلمين، الذين نص البيان الموفق عليهم وعلى ما تفرع منهم من تنظيمات، والباحث المطلع على فكر هذه الجماعة منذ تأسيسها على يد مؤسسها حسن البنا ومروراً بجماعة التكفير والهجرة التي خرجت من رحمها، وتشكلت من أبنائها، وحتى جبهة النصرة والجماعات التي تجرف شبابنا إلى ما يسمى بميادين الجهاد، يجد أن صلتها بتلك الجماعة وثيق، وأنها تفرعات لهذه الجماعة بصورة أو بأخرى، لأن من أسس هذه الجماعة أن الغاية تبرر الوسيلة، وأن ما يحقق هذه الغاية فهو مشروع ولو كان بالتعاون مع أي مخالف، ولقد صدق أسد السنة صاحب السمو الملكي الأمير نايف -رحمه الله- حينما وصفهم بقوله" أقولها من دون تردد أن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها وسمها كما شئت جاءت من الإخوان المسلمين". وتوارد علماؤنا على التحذير منهم، ومن ذلك ما بينه فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة العلمية للبحوث والإفتاء عندما سئل: هل هذه الجماعات تدخل في الاثنتين وسبعين فرقه الهالكة؟ قال: «نعم، كل من خالف أهل السنة والجماعة ممن ينتسب إلى الإسلام في الدعوة أو في العقيدة أو في شيء من أصول الإيمان فإنه يدخل في الاثنتين والسبعين فرقة، ويشمله الوعيد، ويكون له من الذم والعقوبة بقدر مخالفته» وسئل: ما حكم وجود مثل هذه الفرق: التبليغ والإخوان المسلمين وحزب التحرير وغيرها في بلاد المسلمين عامة؟ فقال: «هذه الجماعات الوافدة يجب ألا نتقبلها لأنها تريد أن تنحرف بنا فتفرقنا وتجعل هذا تبليغياً وهذا إخوانياً وهذا كذا...، لم هذا التفرق؟ هذا كفر بنعمة الله سبحانه وتعالى، ونحن على جماعة واحدة وعلى بينة من أمرنا، لماذا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ لماذا نتنازل عما أكرمنا الله سبحانه وتعالى به من الاجتماع والألفة والطريق الصحيح، وننتمي إلى جماعات تفرقنا وتشتت شملنا وتزرع العداوة بيننا؟ هذا لا يجوز أبداً.
وكذا ما ذكره فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان وعضو هيئة كبار العلماء حيث قال: "الإخوان وجماعة التبليغ ليسوا من أهل المناهج الصحيحة، فإن جميع الجماعات والتسميات ليس لها أصل في سلف هذه الأمة، وأول جماعة وجدت وحملت الاسم جماعة الشيعة تسموا بالشيعة، وأما الخوارج فما كانوا يسمون أنفسهم إلا بأنهم المؤمنون".
وهذا التحذير منذ زمن، وما ذاك إلا لما لهذه الجماعة من أبعاد سياسية، تشكل صوراً إرهابية.
ويمكن تحديد المظاهر الإرهابية في هذه الجماعة فيما يلي:-
1 -أنها كما ذكرنا أصل التنظيمات التي وردت في البيان كتنظيم القاعدة بفروعه، والتنظيمات القائمة الآن في سوريا، وغيرها، وصلتها تأريخياً وفكرياً أمر يمكن إثباته بما لا يدع مجالاً للشك في خطورتها، وضررها وتبنيها لكل فكر إرهابي.
2-ما توافرت عليه من أفكار ومبادئ تغذي الفكر الأممي بصورته المنحرفة التي لا تعترف بالانتماء الوطني، بل إنها أفكار تدمر كل نبتة للمواطنة الصالحة، وانتماء للوطن وولاته، ليصبح الانتماء، حزبياً والولاء الفكري لقيادات الأحزاب والتنظيمات، والعمل الدؤوب لنصرة هذه الأفكار والتضحية لأجلها، وهذا شأن ليس بدعاً، ولا جديداً في شأن هذه الجماعة، فالمتأمل الراصد لحراكها يدرك بجلاء أنها آلية يتم بها التدرج في استغفال المجتمع والشباب على وجه الخصوص منذ فترة مبكرة وترتيبهم على هذا الولاء والانتماء وتعظيم قادتهم ومنظريهم.
3- ما أفرزته الأحداث الأخيرة التي لم تقتصر على بلد أو وطن وسرت إلى المجتمع الإقليمي والإسلامي والعالمي، فقد صار ديدنهم التشويش والإرجاف والفتنة، والضرب على وتر القضايا والنوازل والمتغيرات التي تمر بالعالم لتوظيفها لما يريدون والوصول إلى مقاصدهم ومراميهم، واستحلال كل ما يوصل إليها حتى لو بالكذب، ورغم البيان الذي أوضحه العلماء من أفكارهم، وبنوه على قواعد الشريعة ومقاصدها إلا أن العمل المؤدلج الذي يخدم الأفكار والجماعات المتطرفة دائماً ما يحاول فصل الشباب عن هذه الفتاوى وعن تأثير العلماء، بإلصاق التهم، وتحميل الأقوال والمواقف والفتاوى ما لا تحتمل، ليتم لهم ما أرادوا من تمرير أجندتهم تحت هذه الظروف المختلفة.
4-رغم ما يعلنونه من براءتهم من التكفير إلا أن الواقع يؤكد صلتهم بهذه الأفكار وخصوصاً المبادئ التي أعلنها مؤسس الجماعة، والمصطلحات التي تتكرر لديهم من الجاهلية، والحاكمية هي أساس الأفكار التي تبشر بالخلافة زعموا، وتكون مبطنة بما يسقط شرعية الأنظمة، وتضليل الناس بذلك.
هذه وغيرها مما يمكن الاطلاع عليه وقراءته في فكر الجماعة وما تفرع عنها يؤكد عمق البيان، وقوة الرصد لهذه الجماعات وتأثيرها، وقد آن الأوان أن تتراجع هذه الجماعات والتنظيمات التي اختطفت أبناء هذا الوطن للزج بهم في أتون الفتن والمشكلات، وآن الأوان أيضاً أن يعلم الشباب وعموم أبناء الوطن نعمة الله عليهم بهذا الوطن العزيز وقيادته التي لا نعلم لها في الواقع المعاصر نظيراً، فها هي تضرب مثالاً في الغيرة على الدين وعلى اللحمة والجماعة والوحدة على مستوى المملكة العربية السعودية ودول العالم العربي والإسلامي، وإن مثل هذه الأوامر والقرارات والبيان الوافي إنما يحمل كل مواطن ومقيم مسؤولية، ويجعله ينظر نظر افتخار واعتزاز، ويرفع رأسه عالياً أن هذه الدولة حرسها الله وحماها دولة سُُُنِّية سَنِيِّة سلفية، تقوم على الأصلين الصافيين، وتهتدي بهما على نهج سلف الأمة، وكما تحكمها وتتحاكم إليها فهي أيضاً تقاوم الفتن والمشكلات أخذاً بوصايا أرحم الخلق وأنصح الخلق وسيدهم صلوات الله وسلامه عليه في الفتن، حيث أوصى بهذا الأصل العظيم، الذي هو من أعظم مقاصد الشريعة، وأهم ضماناتها لحفظ الدين والعقيدة والأمن، والألفة والاجتماع على الوحدة، والبعد عن مسببات الفرقة والتناحر والخلاف والاختلاف، فحينما أشار إلى ظهور الفتن، وإلى الدعاة الذين هم من أبناء جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، ومع ذلك يدعون الناس إلى نار جهنم عياذا بالله "دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها" حينها كانت الوصية الجامعة المانعة، التي نحتاجها في هذا العصر الذي رفع فيه أهل الفتن والتحزبات عقائرهم، وجيشوا عقول الناشئة، وشحنوها بما يسقطهم في أتون الفتن والمشكلات، فقال صلى الله عليه وسلم "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم" وهذا المقصد العظيم والنصوص الدالة عليه هو ما ورد في ديباجة الأمر الملكي الكريم، ولا يستغرب هذا من دولة الكتاب والسنة، وولاة الأمر الأوفياء، ثم جاء بيان مقام وزارة الداخلية مبيناً على ما ورد في الأمر الملكي، ومفصلاً له، ومنفذاً لما طلب فيه، ومحدداً ما يمكن اعتباره إطاراً شرعياً نظامياً لموجبات العقوبة التي يستحقها من ارتكب أياً مما ورد في البيان، وهي من وجه آخر ضمانات لاستقرار ووحدة هذا الوطن العزيز، وقوة لحمته، وكما مرت الإشارة إلى انه جاء متوازناً ليشمل كل ما يخرج عن الثوابت، فكانت البداية بالأفكار الإلحادية والتشكيك في الثوابت وهي من التطرف الفكري في الجانب المقابل لفكر الغلو ثم توالت التفصيلات لمشمول الأمر الملكي، محددة الأفعال والتصرفات التي تندرج فيه، مما يقف عليه المتابع في الأوضاع الحالية ليشمل ذلك الانحراف، بالتبعية والولاء والبيعة، والتأييد والتعاطف والترويج في جميع وسائل الإعلام والتواصل والاتصال والولاء الأجنبي، والتحريض على المشاركات القتالية أو المشاركة الفعلية فيها، وإن القارئ لهذا البيان يجد فيه النضج التنظيمي، والرؤية الشمولية التي اعتمدت الأدلة والقواعد والمقاصد ورصد الواقع والوقائع، واستشراف المستقبل بقراءة تحدد درجة المخالفة كما أنه شمل بيان الجماعات التي أشير إليها في الأمر الملكي، وبهذا الوضوح والتفصيل تكون الحجة قد قامت، وبرئت ذمة ولي الأمر مما قد يدعيه البعض من جهل ولم يبق إلا أن تتكاتف الجهود، وتجتمع القلوب، ويتعاضد الجميع ويتعاونوا.
ولا ينحصر الخطر في هذه الجماعة أو تلك، فكل ما يكون من تفرق هو مخالف لمقاصد الشريعة ونصوصها وقواعدها، ولثوابت هذه البلاد التي تشكل منذ توحيدها أعظم وحدة عرفها التأريخ المعاصر قامت على أساس الدين وحماية التوحيد ويكفي في ذم التفرق والخلاف وبيان خطره ما جاء في كتاب الله من مثل قوله سبحانه: "مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ".
وقوله سبحانه مبرئاً خليله ومصطفاه محمداً صلى الله عليه وسلم من هذا السبيل :"إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ". بل هو دين الأنبياء جميعاً "شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ".
ومن هنا فإن ما ورد في البيان المسدد مما يحقق الأمر الملكي هو خدمة للدين والوطن، وتأكيداً على مبادئ الشريعة، وتقوية لأواصر الاجتماع والألفة والمحبة، وقيام بالمسؤولية التامة تجاه هذا الوطن العزيز أن يكون للدعاة الممثلين لهذه الجامعات أثر في خلخلة هذه الوحدة، أو الوصول إلى مآربهم، كما أنه من وجه آخر سد لأبواب الفتن التي تمرر في المجتمع من خلال هذه الجماعات والتيارات والأفكار، التي ما من شك أنها أعظم مهدد للأمن الحسي والأمن الوطني، والأمن الفكري، على اعتبار أن تلك الأفكار لا ينحصر أثرها على قناعات ورؤى، وإنما تنادى أصحابها إلى تحويلها إلى سلوك شاذ متطرف، ومقاومة ومواجهة للمجتمع بشكل يتدرج من السرية إلى العلنية، ومن الفكر إلى السلوك، ومن التنظير إلى الواقع الذي يهدفون إليه.
فهذا البيان رسالة من وزارة تتحمل مسؤولية الأمن ومقوماته إلى كل من يحمل فكراً أو رسالة أو مبدأ يهدد الأمن بان أمن وطننا العزيز لا مساومة عليه، وأن أي مساس به أو تشويش عليه، أو استهداف لأسسه ومقوماته الشرعية والوطنية، سيكون مناط المحاسبة والمسؤولية، وسيجد الساعي في ذلك والداعم له، أو المحرض، أو المؤيد جزاءه، وعقوبته، التي تفرضها هذه المسؤولية، ويؤيدها الموقف الشرعي الذي جعل لولي الأمر أن يفرض من العقوبات التعزيرية، أو التدابير الواقية ما يحقق الردع والزجر، والضمان والحصانة، والدروس الموجبة للوعي، انطلاقاً من مقاصد الشريعة وقواعدها، وما سنه إمام المتقين صلى الله عليه وسلم، وما سار عليه خلفاؤه وسلف هذه الأمة، الذين كانوا يحمون المجتمع الإسلامي من كل بدعة أو قول محدث، أو تيار أو جماعة، وأحاديث الخوارج التي تكاثرت وتنوعت دلالاتها، وتطبيقات الصحابة لها رضوان الله عليهم خير دليل على ذلك، فقد كانت منهجاً شاملاً في التعامل مع كل فكر دخيل، وإن مما يقرأه المتأمل لهذا البيان ذلكم الإطار النظامي للعقوبة في حال توفر موجبها، وهو شأن يعزز النظرة الشمولية لهذه المهددات، لتتظافر الجهود التوعوية والإرشادية، والتنظيمية، والعدلية وتصب في مصلحة أمن الوطن ووحدته.
وبعد فإننا نحمدالله أن وفق ولاة أمرنا لهذه المواقف المباركة، والسياسات الحكيمة، والضربات الاستباقية لمسببات الإرهاب حتى غدت بلادنا العزيز مضرب المثل، ومحط النظر، ومثال القدوة في التخطيط الإستراتيجي والرؤية الاستشرافية لمستقبل الإسلام والمسلمين، وهذا الوطن العزيز، ولا تستغرب مثل هذه المنجزات التأريخية من رجل الحكمة والسداد، وملك السلم والسلام، صاحب القلب الكبير، والرؤية الصائبة خادم الحرمين الشريفين - أيده الله- فقد أثبتت مواقفه أنه الملهم المسدد، وانعكست رؤاه على سياسة الدولة التي صمدت أمام موجات التغيير السلبي، والحراك الذي سمي زوراً ربيع، وهو لظى ملتهب، وحر وقر وضر، جنب الله بلادنا بتوفيقه ثم بهذه المواقف المسددة فتناً وأحوالاً لا تخفى، وإن واجبنا أن نحمد الله على توفيقه وتسديده لولاة أمرنا، ثم من شكره شكرهم على هذه العزيمة الصادقة، والوقفة الصارمة والحزم المسبب للظفر بإذن الله، فما تحقق ويتحقق يجسد حرصهم على وحدة هذا الوطن، وحدبهم على مواطنيه، وأخذهم بكل أسباب النجاة، وتغليب أعلى المصالح، وتجنيب الوطن والإسلام والمسلمين أعلى المفاسد، رغم ما يزايد به المغرضون، ويدندن به الحاقدون، ويجيشون به عواطف العامة، إلا أن الله غالب على أمره، ومتمم على هذه البلاد كل ما يحفظها من هذه الفتن، لأنها أصل الإسلام، ومأرز الإيمان، ومهبط الوحي، ومهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن ولاتها هم من حمى توحيد الله، وأقام شريعة الله، وانتهج الوسط وتجنب الشطط ومن كان هذا شأنه فإنه منصور بنصر الله، مؤيد بتأييده، وإننا لنحتمي بحمى الله، ونستجير به من الفتن، ونلجأ إليه أن يحفظنا من مضلات الفتن، وأن يزيد ولاة أمرنا تسديداً وتوفيقاً، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه ويوفق ولاة أمرنا إلى كل خير إنه سميع مجيب. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
*مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.