قال مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل إن بيان وزارة الداخلية الذي صدر نهاية الأسبوع المنصرم محدد لما أجمل في الأمر الملكي الكريم، ومدلل بصورة قاطعة أنه لم يعد إلا الجد والحزم، فبالأمس استبشر الجميع بما أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- من أمر سام يتمم به مسيرة الإنجازات العظيمة في ما يخدم الوطن والإسلام والمسلمين، ويحدد الموقف من الإشكالات والفتن والتحولات التي يمر بها العالم الإسلامي والعالم أجمع ويحقق القضاء على كل أشكال الغلو والتطرف والإرهاب، ويعالج أسباب الفرقة والنزاع وتمزيق الوحدة الوطنية، بناه -أيده الله- على عقيدة إيمانية راسخة، وعقيدة سلفية، ومبادئ شرعية، ووطنية قوية، ووعي كامل بكل ما يحاك لوطننا الغالي ولأمتنا الإسلامية من مكائد ومؤامرات ودسائس لتفريق وحدتها وشق صفها. وأضاف: يأتي بيان وزارة الداخلية موفقا مسددا متوازنا، محققا هذا الهدف، يظهر بجلاء أن أمن الوطن ووحدته خط أحمر، ولا تهاون في ما يشكل تهديدا لهذا الأمن، أو خطرا على الثوابت، سواء في جانب الغلو أو التطرف والإرهاب، أو في جانب التفريط، والتشكيك والإلحاد، فكلا طرفي الأمور مذموم وهذه بلاد العقيدة والتوحيد، أساس قيامها منذ تأسيسها على هذه الأسس، وسر انتصارها وثباتها وبقائها رغم عوامل التغيير هو هذه القوة الضاربة في جذور التأريخ، فجاء الأمر السامي، أمر خادم الحرمين الشريفين، والبيان المسدد من وزارة الداخلية ليؤكد قوة الأسس التي قام عليها وطننا الغالي، وسار عليها قادة هذه البلاد وحكامها الميامين منذ عهد الملك المؤسس الصالح عبدالعزيز بن عبدالرحمن -غفر الله له- وحتى هذا العهد الذي وفق الله فيه إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لكل ما يرسخ هذه الأسس ويعززها، ويحفظ الوطن من مكامن الخلل والاستهداف». وتابع الدكتور أبا الخيل يقول: «إن المتتبع للأفكار المنحرفة، والفئات الضالة، والإرهاب الذي عانى منه المسلمون وغير المسلمين في كل الأوطان يجد أن أساس هذه الأفكار جماعات استخدمت الدين غطاء، وألبست تصرفاتها غطاء الشرعية ومررتها بمصطلحات وشبهات يظنها الناس دينا، وصارت قاعدة التعاطف عريضة بسبب هذا الاستخدام المؤدلج. وبين مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنه يمكن تحديد المظاهر الإرهابية في هذه الجماعات، وصلتها تاريخيا وفكريا أمر يمكن إثباته بما لا يدع مجالا للشك في خطورتها، وضررها وتبنيها لكل فكر إرهابي، بل إنها أفكار تدمر كل نبتة للمواطنة الصالحة، وانتماء للوطن وولاته، ليصبح الانتماء، حزبيا والولاء الفكري لقيادات الأحزاب والتنظيمات، والعمل الدؤوب لنصرة هذه الأفكار والتضحية لأجلها، وما أفرزته الأحداث الأخيرة التي لم تقتصر على بلد أو وطن وسرت إلى المجتمع الإقليمي والإسلامي والعالمي، فقد صار ديدنهم التشويش والإرجاف والفتنة، والضرب على وتر القضايا والنوازل والمتغيرات التي تمر بالعالم لتوظيفها لما يريدون والوصول إلى مقاصدهم ومراميهم، واستحلال كل ما يوصل إليها حتى لو بالكذب، ورغم البيان الذي أوضحه العلماء من أفكارهم، وبنوه على قواعد الشريعة ومقاصدها إلا أن العمل المؤدلج الذي يخدم الأفكار والجماعات المتطرفة دائما ما يحاول فصل الشباب عن هذه الفتاوى وعن تأثير العلماء، بإلصاق التهم، وتحميل الأقوال والمواقف والفتاوى ما لا تحتمل، ليتم لهم ما أرادوا من تمرير أجندتهم تحت هذه الظروف المختلفة. وقال الدكتور أبا الخيل: «إن مثل هذه الأوامر والقرارات والبيان الوافي إنما يحمل كل مواطن ومقيم مسؤولية، ويجعله ينظر نظر افتخار واعتزاز، ويرفع رأسه عاليا أن هذه الدولة حرسها الله وحماها دولة سنية سلفية، تقوم على الأصلين الصافيين، وتهتدي بهما على نهج سلف الأمة، وكما تحكمها وتتحاكم إليها فهي أيضا تقاوم الفتن والمشكلات أخذا بوصايا أرحم الخلق وأنصح الخلق وسيدهم صلوات الله وسلامه عليه في الفتن، حيث أوصى بهذا الأصل العظيم، الذي هو من أعظم مقاصد الشريعة، وأهم ضماناتها لحفظ الدين والعقيدة والأمن، والألفة والاجتماع على الوحدة، والبعد عن مسببات الفرقة والتناحر والخلاف والاختلاف، فحينما أشار إلى ظهور الفتن، وإلى الدعاة الذين هم من أبناء جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، ومع ذلك يدعون الناس إلى نار جهنم عياذا بالله «دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها» حينها كانت الوصية الجامعة المانعة، التي نحتاجها في هذا العصر الذي رفع فيه أهل الفتن والتحزبات عقائرهم، وجيشوا عقول الناشئة، وشحنوها بما يسقطهم في أتون الفتن والمشكلات، فقال صلى الله عليه وسلم «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» وهذا المقصد العظيم والنصوص الدالة عليه هو ما ورد في ديباجة الأمر الملكي الكريم. وتابع يقول: «ما ورد في البيان هو خدمة للدين والوطن، وتأكيد على مبادئ الشريعة، وتقوية لأواصر الاجتماع والألفة والمحبة، وقيام بالمسؤولية التامة تجاه هذا الوطن العزيز بألا يكون للدعاة الممثلين لهذه الجماعات أثر في خلخلة هذه الوحدة، أو الوصول إلى مآربهم، كما أنه من وجه آخر سد لأبواب الفتن التي تمرر في المجتمع من خلال هذه الجماعات والتيارات والأفكار، التي ما من شك أنها أعظم مهدد للأمن الحسي والأمن الوطني، والأمن الفكري، على اعتبار أن تلكم الأفكار لا ينحصر أثرها على قناعات ورؤى، وإنما تنادى أصحابها إلى تحويلها إلى سلوك شاذ متطرف، ومقاومة ومواجهة للمجتمع بشكل يتدرج من السرية إلى العلنية، ومن الفكر إلى السلوك، ومن التنظير إلى الواقع الذي يهدفون إليه». وأوضح الدكتور أبا الخيل أن البيان رسالة من وزارة تتحمل مسؤولية الأمن ومقوماته إلى كل من يحمل فكرا أو رسالة أو مبدأ يهدد الأمن بأن أمن وطننا العزيز لا مساومة عليه، وأن أي مساس به أو تشويش عليه، أو استهداف لأسسه ومقوماته الشرعية والوطنية، سيكون مناط المحاسبة والمسؤولية، وسيجد الساعي في ذلك والداعم له، أو المحرض، أو المؤيد جزاءه، وعقوبته، التي تفرضها هذه المسؤولية، ويؤيدها الموقف الشرعي الذي جعل لولي الأمر أن يفرض من العقوبات التعزيرية، أو التدابير الواقية ما يحقق الردع والزجر، والضمان والحصانة، والدروس الموجبة للوعي، انطلاقا من مقاصد الشريعة وقواعدها، وما سنه إمام المتقين صلى الله عليه وسلم، وما سار عليه خلفاؤه وسلف هذه الأمة، الذين كانوا يحمون المجتمع الإسلامي من كل بدعة أو قول محدث، أو تيار أو جماعة، فقد كانت منهجا شاملا في التعامل مع كل فكر دخيل، وإن مما يقرأه المتأمل لهذا البيان ذلكم الإطار النظامي للعقوبة في حال توفر موجبها، وهو شأن يعزز النظرة الشمولية لهذه المهددات، لتتضافر الجهود التوعوية والإرشادية، والتنظيمية، والعدلية وتصب في مصلحة أمن الوطن.