الراية القطرية بوضوح ونقاء تتجلى صورة الشيخ عادل الكلباني كشخصية شفافة لا تكاد تخفي شيئاً مما يختلج داخلها، وبروحه المرحة المفعمة بالفكاهة ترتسم شخصيته التويترية ذات البوح المباشر كما كتاب مفتوح لا تقرأ فيه إلا ما يدل عليه عنوانه، الشيخ الكلباني عُرِفَ واشتهر من خلال إمامته لجامع الملك خالد في الرياض قبل أكثر من ربع قرن، وكان لصوته الأجش ذي النبرة الشجية والتلاوة الأخاذة أكبر الأثر في انجذاب الناس للصلاة خلفه، لاسيما أنه حافظ للقرآن بالقراءات العشر، ما جعله إحدى الوجهات المفضلة التي يؤمها المصلون في التراويح طلباً للخشوع، وهو ما حقق له حضوراً جماهيرياً تجاوز العاصمة الرياض إلى سائر مدن المملكة ودول الخليج، وإلى العالم الإسلامي بعد اختياره لإمامة الحرم المكي الشريف في عام 1429ه (2009م)، وهي السنة التي توج فيها أوباما رئيساً للولايات المتحدةالأمريكية، وحين عقد البعض مقارنة لوصول كل منهما لمنصبه وهما ذوا بشرة سمراء لم يجد الكلباني غضاضة في المقارنة وأعلن اعتزازه بإمامة الحرم التي اعتبرها أكثر أهمية من منصب الرئاسة الأمريكية، لكن أوباما الذي يعرف معارج السياسة جيداً استمر في منصبه لولايتين رئاسيتين فيما غادر الكلباني إمامة الحرم المكي سريعاً من جراء آرائه التي عبر عنها بصراحة ووضوح لا يعرفها السياسيون فأغضب من يفضلون مراوغة السياسي على بساطة أصحاب الفطر النقية! ومع إقبال السعوديين على وسائل التواصل الاجتماعي افتتح الكلباني حساباً في تويتر اتخذه منبراً يخاطب الناس منه، ويتواصل معهم من خلاله في مختلف الموضوعات وبتفاعل إيجابي يغلب عليه طابع المرح والفكاهة الذي لم يعتده المغردون من الدعاة أمثاله، ولعل أبرز ما يميزه بالإضافة إلى روحه المرحة رشقاته ووخزاته التي يلقى بها كل متهكم وشانئ من جموع المتربصين به. ومن حين إلى حين تطير ركبان تويتر بمقولة من وخزاته التي أردى بها متطفلاً أو شانئاً فيبيت ملء جفونه عن طرافتها ويسهر المغردون جراها ويختصم، وحين ناوشه - على سبيل المثال - أحدهم في تويتر على خلفية كونه ممن يجيزون الغناء وقال له:"بما إنك تُقدِّر الفن والفنانين لو عُرض عليك دور نسائي مثلاً دور عبلة تقبل ياشيخ؟!" فأجابه الكلباني: "عبلة بيضاء أنت أنسب لها عنترة هو الأسود". وحين قالت له إحدى المغردات: "ياشيخ وجه لنا كلمة بمناسبة الاختبارات" قال لها:"خلي تويتر وقومي ذاكراي"، وأحياناً يغرد بخاطرة فتأتيه نيران صديقة أو شبه صديقة إلا أن رده يكون بالذخيرة الحية المسكتة، وهذا أكثر ما يطرب له متابعوه، كما تلك المغردة التي طالعت تغريدة له يقول فيها: "كان ودي أغرد بس النفس منسدة" فقالت له:"هلل وكبر أفضل لك.. من شوي تطلب التوفيق والعمل الصالح في العشر، والتهكم والسخرية ليست من الأعمال الصالحة"! فأجابها:"حتى اللقافة مهيب من الأعمال الصالحة"، وفي خاطرة أخرى يغرد فيقول:"بين وقت وآخر يتجدد نزول سورة التوبة" فيعلق أحدهم على خاطرته بقوله: "درر ياشيخ أبوكلب" كناية عن رداءة ما غرد به، فيجيبه:"والله لست أباك ولا أعرفك" وكهذا المتربص، آخر قال له: "الله يكفينا شرك يا ضال يا مضل وغسلت يدي منك تماماً بعد دفاعك عن شاتم الصحابة سيد قطب" فما زاد على أن قال له: "نشفها زين"، وحين جعل من صورته في أحد الأماكن ذي الطبيعة الخلابة صورة لحسابه قال له أحدهم ساخراً:"ارفق علينا طالع كنك مهند على هالمنظر"فقال له: "شكراً يا لميس" وهكذا تمضي وخزاته ورشقاته على هذا الرتم الذي يشتد تارة فيؤلم ويقسو تارة فيوجع والبادئ أظلم، ولسان حاله: وكنت متى قوم هجوني هجوتهم فهل أنا في ذا يآل همدان ظالم متى تجمع القلب الذكي وصارماً وأنفاً أبياً تجتنبك المظالم؟! الشيخ الكلباني يغرد على سجيته دون تكلف؛ ودون تصنع لوقار بعض الدعاة وطلبة العلم، الذين يوشك بعضهم أن يقول ولولا التغريد بالعلماء يزري لكنت وكنت وكنت، جمال تويتر أن نبدو كما نحن بلا أقنعة تغير ملامحنا أو تجعلنا نبدو كآخرين غير ذواتنا التي تسكننا ونعيشها على الواقع، تويتر موقع تواصل اجتماعي وليس حفلة تنكرية لنتمظهر فيه بغير حقيقتنا، كما أنه ليس محراب مسجد لنقصر التغريد فيه على أقوال دينية كما بعض الحسابات التي تشعرك بأن تغاريدها مستقاة من كتاب:"رياض الصالحين" وكتب الأذكار الأخرى، ونأي الكلباني بحسابه عن ذلك النمط هو سر نجاحه في حصاد ذلك العدد الكبير من متابعيه الذين وجدوا فيه ضالتهم كداعية مرح وصاحب فكاهة ويتفاعل معهم كلما ساجلهم وساجلوه. Twitter: @almol7em