مكة أن لاين - السعودية تحولات كبرى مر بها مجتمعنا بين دورة مجلس الشورى الأولى ودورته السادسة الحالية، فقد خلقت تطورات الإعلام وعيا اجتماعيا مختلفا عن بدايات التسعينات الماضية. ومع نشوء أجيال جديدة تأثرت كثيرا الرؤية لطبيعة المجلس ودوره التنموي. لم يعد نقد مجلس الشورى ودوره مثيرا في الصحافة وغيرها، فقد أصبح إحدى الجهات الأساسية التي يوجه لها اللوم، وتحميله مسؤوليات أشياء ليس له علاقة بها. وتزايدت هذه الانطباعات السلبية مع الإعلام الجديد، فقد أصبح المجلس أبرز الجهات للفضفضة الشعبية. لا يفرق هذا النقد العشوائي بين تقصير المجلس وأعضائه في أداء مهمتهم داخل الحدود المتاحة في النظام، وبين الموقف من المجلس نفسه ومدى الحاجة لنقلة جديدة لدوره، وطريقة اختيار أعضائه، فتحميل الأعضاء مسوؤليات تطويرية ليست من صلاحياتهم يبدو نقدا خارج الموضوع. تبدو إشكالية التعامل مع الإعلام ظاهرة عند أغلب المؤسسات الحكومية والوزارات، وما يبدو مفهوما عند بعض الجهات المشغولة بمشكلاتها ومشاريعها والصعوبات التي تواجهها على أرض الواقع، ليس مفهوما عند جهة يبدو فيها التواصل مع المجتمع عبر عدة وسائل، أهمها الإعلام من الأوليات لأداء أفضل، ولفهم هموم المواطن ومشكلاته والتخفيف من حدة الانطباعات السلبية الشعبية، والتمهيد لأي تطور مستقبلي للمجلس. الإشارة لإشكالية التواصل هنا لا تعني عدم وجوده، لأن أي مؤسسة حكومية لديها مستوى معين من التواصل مع المجتمع من خلال إدارات العلاقات العامة وغيرها. القضية هي حول كفاءة هذا التواصل وفعاليته. هناك شعور يتزايد من داخل المجلس بهذه الأهمية، ويبدو أن بعض القضايا التي أثيرت في الإعلام الجديد في السنوات الأخيرة تشكل ضغطا بأهمية تفعيل هذا الجانب بطرق غير تقليدية. تعرض القناة الأولى منذ سنوات عديدة نهاية كل أسبوع ملخصا لجلسات النقاش، لم تنجح هذه التجربة في تحقيق التفاعل معه، لأسباب عديدة، أحدها طبيعة الموضوعات المطروحة المتخصصة، ومنها ضعف ثقة المشاهد بالمواد المسجلة، وشعوره بأن الأهم بالنسبة إليه قد يكون محذوفا. وما زال هناك تردد حول قضية النقل المباشر. يظهر عدد من أعضاء الشورى في الإعلام، ويشاركون في القضايا العامة والسجالات التي تطرح، تبدو الإشكالية عادة في ظهور هذا العضو أو ذاك في السجال حول قضايا متصلة بالمجلس وعمله والنقد الذي يوجه له، فيأتي أحيانا الظهور مرتبكا..حيث يتخفى العضو بعبارة «فضل عدم ذكر اسمه». لماذا يخفي عضو الشورى اسمه الحقيقي؟ وقد لاحظت هذا منذ سنوات عديدة عندما يكون التصريح للإعلام الأجنبي والباحثين الأجانب، فمن النادر أن يذكر في هذه الحالة العضو اسمه، وهو ما يفقد النقل مصداقيته ويضعفه، ويخلق انطباعا بأن هناك تقييدا لحرية التعبير أدى إلى هذا الإخفاء. قد يبرر خوف العضو من ردة الفعل العامة حول بعض القضايا الساخنة لكنها نادرة جدا، في الواقع هناك عدد من القضايا لا علاقة لها بهذه الصراعات الأيديولوجية، ومع ذلك يخفي العضو اسمه، فهل هناك عدم وضوح للأعضاء في طبيعة مشاركتهم وحدودها والحرية المتاحة لهم للتصريح والحديث الإعلامي، أم هو مجرد تحفظ احتياطي للتخلي عن المسؤولية فيما لو حدثت ردة فعل إعلامية أو رسمية؟ ما هو شعور المواطن عندما يجد هذا العضو المجهول يتحدث عن عمله بدون اسمه الحقيقي؟ لماذا لا يتحمل مسوؤلية طرحه وتصريحاته؟ وكيف ستتم مناقشة عضو مجهول في هذه القضية أو تلك؟ المشكلة أن هذا الأسلوب قد يساعد الصحف، ومنها الصحف الالكترونية في فبركة أخبار وتصريحات غير حقيقية. مؤخرا لفت نظري حساب جديد في تويتر متميز (shuwra_gm@) باسم مجلس الشورى، ليس رسميا. قدم تغريدات حديثة جيدة ومعلومات مفيدة خلال هذا الشهر. وقد أشار للمشكلة الإعلامية، ومنها عدم وجود صحفيين برلمانيين، وأن هناك خطة إعلامية متكاملة من داخل المجلس سيعلن عنها قريبا، وأشار في إحدى التغريدات لهذه المشكلة «أحيانا تنشر بعض الصحف تصريحا منسوبا لمصدر مطلع أو مصدر مسؤول رفيع المستوى بالشورى، ولكن لا تشير لاسمه، وفي الغالب هذه فبركة صحفية»، المشكلة أن هذا الحساب نفسه فضل عدم ذكر اسمه، فلم تتبنه شخصية معروفة، وقد كتب في البايو «هذا ليس الحساب الرسمي للمجلس ولا يمثل رأي المجلس، بل هو محاولة اجتهادية لنقل نبض المجلس، يسجله بعض أعضاء المجلس كرؤية شخصية».