المدينة - السعودية إن المتابع والمعاصر لقضايا المحاكم، وما يدور في أروقتها، ونوعية القضايا يلاحظ بشكل لافت للنظر تزايد قضايا الورثة، والنزاعات على التركات، سواءٌ أكانت هذه التركات صغيرة أو كبيرة، على الرغم من أن حقوق الورثة من المفروض أن تكون واضحة؛ لأن هناك قسمة شرعية تبيّن وتحدّد حصة كل وريث في التركة، إلا في بعض الحالات الاستثنائية، والتي تعتبر حالات خاصة متعلقة بالتركة، ولو أردنا أن نتعمّق في هذه النزاعات، وأسباب ظهورها حتى وصلت إلى أروقة المحاكم، نجد أن الوريث بحاجة إلى تأهيل نفسي واقتصادي، خاصة في العوائل التجارية، والتي تمتلك شركات، أو العوائل التي تمتلك رؤوس أموال كبيرة لما في ذلك من تأثير على الاقتصاد الوطني؛ إلاّ أن هذه الأمر يسرى على أي وريث بصفة عامة مهما كان حجم التركة، فعندما نبدأ بتحليل أسباب تلك النزاعات نجد أن هناك ترسبات اجتماعية، وخلافات أسرية لا علاقة لها بالحقوق من قريب أو بعيد، أدّت إلى نشوب هذه الخلافات، وتحوّلت التركة إلى طريقة لتصفية الخلافات الأسرية، وهنا لا بد من توعية الورثة، ولفت انتباههم إلى نقطة غاية في الأهمية، وهي أنهم قد تحوّلوا بوفاة مورثهم إلى شركاء، وبالتالي لابد أن تكون لديهم ثقافة الشراكة، وأن يتعامل الجميع مع بعضهم كشركاء وفقًا للمصلحة الخاصة، والعامة ومن جهة أخرى فإن الوريث أيضًا بحاجة إلى أن يكون مؤهلاً لأن يكون صاحب مال، أو رجل أعمال إن صح التعبير وذلك؛ لأنه قبل يوم واحد من وفاة مورثه كان مجرد فرد في الأسرة يأخذ مصروفه من والده، وبوفاته تحول إلى صاحب مال وربما مليونير فجأة بدون أي جهد أو تعب ودون سابق إنذار!! من وجهة نظري إن معالجة هذا الأمر تتطلّب تأهيلاً جيداً من المورث للورثة لتنمية هذا الوعي لديهم وتهيئتهم نفسيًّا وقانونيًّا واقتصاديًّا لأن يحافظوا على هذه الأموال، وعلى تجنب الدخول في نزاعات قد تؤدّي إلى ضياع حقوقهم، وربما ضياع ودمار التركة. * محامٍ ومستشار قانوني