عكاظ اليوم - السعودية لا يسأم الجهلاء وأعداء المرأة، بعد كل حادثة تحرش أو اغتصاب في أي مكان في العالم، لا يسأمون من تعليق الفعل مهما كانت بشاعته على عنق المرأة، بالرغم من كونها هي الضحية. فيعزى انحراف الرجل وهمجيته الغريزية إلى ابتذال المرأة أو عدم احتشامها في الملبس، أو وضعها للمساحيق والزينة. في حال كشفها لوجهها، ولعل كشف الوجه بحد ذاته مسوغ لهم لتبرير جرائم الرجل. ولا أدري بماذا سوف يبرر هؤلاء اعتداء مجموعة من الشباب في تبوك على عدد من طالبات الثانوية العامة اللواتي كن يرتدين العباءات السوداء ويغطين وجوههن، حيث قاموا بسحب عباءاتهن وحقائبهن، هل كن متبرجات كاشفات؟! مما يشكل تبريرا من وجهة نظر البعض لفعل التحرش هذا؟ يجب الاعتراف بأن التربية التي تلقاها الرجل في مجتمعنا في التعاطي مع المرأة، تربية تحمل الكثير من المغالطات، لمصلحة العرف والتقليد . وسنجد بين الرجال من يشكل له مجرد سواد العباءة، إغراء وتحريضا على التحرش. ولأن المجتمع ممعن في قناعاته المغلوطة ، فإنه سوف يجد، مبررا للرجل حتى في الحالات التي تفتنه فيها عباءة، فالعباءة قد تكون شيطانية كأن تكون ضيقة، أو عباءة كتف، أو مزركشة، وعيونها قد تكون فاتنة (حيث أفتى البعض بوجوب تغطية العيون الفاتنة ) أو لربما كانت مشيتها ملفتة، إلى مالا نهاية من المبررات التي تصب في صالح الرجل المتحرش. وهكذا يتضح لنا أن مشكلة المجتمع الذكوري مع المرأة مشكلة وجود، حيث لن يجد لها مكانا تستطيع أن تحيا فيه بكرامتها ولا يستطيع أن يعطيها حقوقها ، وهو لم يعترف بها أصلا ، إلا بإعمال القوة ، قوة قانونية ، تعيد الأمور إلى نصابها وتفرض وجود المرأة في مكانها . وتحفظ لها حقها وكرامتها.