الشروق - القاهرة بعد ثلاثة أشهر تقريبا من محاولة د. محمد على بشر، يسير القيادى الإخوانى جمال حشمت على نفس الهدى محاولا جس النبض مجددا بحديثه عن التراجع خطوة للوراء والاستعداد للتفاوض مع الدولة بشأن ترتيبات المرحلة المقبلة بحسب ما أوردته تقارير صحفية مطلع الأسبوع. وبعيدا عن مساحة هؤلاء الذين سيقفزون مباشرة إلى استنتاجات على غرار «مناورة لالتقاط الأنفاس» و«خداع لكسب الوقت، يمكننا القول إن شواهد كثيرة تدل على محاولات حثيثة تجرى داخل البيت الإخوانى للدفع باتجاه حلحلة الموقف والتحرر تدريجيا من التزامات تحالف دعم الشرعية، وقد نعتبر تصريحات د. حشمت تجليا خارجيا لهذه المحاولات حتى وإن تراجع عن تصريحاته تلك لاحقا. وبعيدا أيضا عن الاستغراق فى تفكير نمطى يحصر غالبا شكل التسوية النهائية إما فى مصالحة وطنية وإما استئصال كامل لشأفة الإخوان، تبدو مصطلحات مثل «الاستيعاب» أو «إعادة الدمج» هى الأقرب للتنفيذ فى الواقع. استحقاقات «المصالحة الوطنية» باتت أكبر من قدرة الجميع على تحملها فى الظرف الزمنى الراهن، ولولا جمود سبق خلال فترة الثمانية أشهر المنقضية لكنا نعيش الآن أولى مراحلها، واستئصال شأفة الإخوان خيار فوق عدم آدميته وانتفاء مشروعيته مستحيل غير متصور. «الاستيعاب» استراتيجية تسمح بتسوية غير مذلة لأى طرف، و«إعادة الدمج» من شأنها احتواء الخروج على الجماعة الوطنية والمساعدة فى تجفيف منابع الإرهاب وفتح أبواب للأمل أمام شباب يائس. الدولة تحتاج إلى رئيس يمتلك الشجاعة الكافية لبدء «الاستيعاب» وجهاز إعلامى ينشر مفهوم هذا «الاستيعاب» ومنظومة أمنية تساعد على تطبيقه ومناخ سياسى يرعاه. أما الجماعة فعدة عقبات تحتاج إلى عبورها لتبدأ تنفيذ استحقاقات «الاستيعاب»، أولها الجرأة فى تغيير دماء قيادة الصف الأول ومثل ذلك ليتحقق لابد من تحرر التنظيم من السيطرة الاقتصادية لبعض رجالات الحرس القديم، وثانيها تفهم ضرورة تغيير النمط التقليدى لبنية التنظيم (مراجعة تصور الدولة داخل الدولة)، وثالثها تسويق هذا «الاستيعاب» لا «المصالحة» بين قواعد التنظيم، وربما تظهر عقبات أخرى. ومهما يكن من شىء، فالأرجح أن واقعا جديدا سيتشكل أو قل سيفرض عقب اجتياز انتخابات الرئاسة ستتحدد فيه ملامح علاقة جماعة الإخوان المسلمين ليس فقط بالدولة وإنما بالمجتمع أيضا على اختلاف تياراته.