مال - السعودية تحدثنا في مقال سابق عن غياب دور صانع السوق في سوق الأسهم السعودي ، وذلك لعدة أساب من أهمها سيطرة المتداولين الأفراد على نسبة تفوق 89 % من إجمالي تداولات السوق ، وهو ما ادى في فترة من الفترات إلى غياب المفهوم الإستثماري وذلك بالبحث عن الأسهم ذات التوزيعات النقدية المجزية ، أو الشركات التي لديها خطط مستقبلية في التوسع، أو التي يتم تداولها تحت قيمتها العادلة ، أو لأي من المؤشرات المالية المستخدمة . وقد تم استبدال ذلك بالمفهوم المضاربي حتى أصبحت القاعدة لدى البعض " اشتر مضارب ولا تشتري سهم " وهي دلالة على أن سوق الاسهم قد فقد الهدف الرئيسي من وجوده لدى بعض المتداولين وهو الاستثمار في الشركات المدرجة وتملك حصص من اسهمه لانتظار العائد على السهم . وتحول الى شراء الاسهم فقط للاستفادة من الفروقات السعرية دون الاكتراث بنشاط الشركة او معرفة اي معلومة عنها . وكان ذلك بسبب دخول كثير من الافراد في سوق الاسهم وهو لا يملك أدنى المعلومات الاساسية لكيفية التعامل مع أسواق المال . ووفقا لأخر الإحصائيات بلغ عدد المستثمرين الأفراد بنهاية عام 2013 م حوالي 4.33 مليون مستثمر ! ولك أن تتخيل عزيزي القاريء كم منهم من يتخذ قراره بشكل صحيح، وكم منهم وهم الاغلب من يعتمد على التوصيات سواء عبر المنتديات أو الرسائل أو غير ذلك ، أو المضاربات العشوائية السريعة ؟ لذلك فإن النتيجة كما أثبتت دراسات سابقة أن عدد المتداولين الذين يخسرون اموالهم في أسواق المال تقدر ب 75 % 80 % ونسبة قليلة فقط هي من تربح . وبطبيعة الحال يبقى المتداول المضارب متردد ويراقب دائما العروض والطلبات ويبحث عن العلاقة بينهم ، فهو لا يعلم السبب الحقيقي وراء الارتفاع أو الانخفاض لانه لا يتعامل الا مع ارقام تتحرك على شاشة التداول ولا تعطي أي دلالة يستطيع من خلالها أن يتبنأ بالمستقبل أوأن تكون لديه درجة من الثقة ليضع أهداف بعيدة المدى ، وإنما يضع ربحه في دائرة صغيرة وهي الفروقات السعرية اليومية، في حين أن السهم قد يكون حقق مكاسب اكبر على المدى المتوسط مما قد حققه ذلك المضارب . وعندما تصل أسعار الأسهم لمستويات مرتفعة وتصبح غير جاذبة للإستثمار تظهر بعض المؤشرات والتي قد تكون فخاً لجذب المتداولين وتعزيز ثقتهم في السوق في حين ان السوق قد فقد بريقه ، فتبدأ موجة من التفاؤل اللا محدود ويبدأ الحديث عن مستويات أهداف بعيدة وأرقام جديدة ، وتظهر التقارير المضللة والتي تقوم باعطاء تقييمات مغالى فيها ، ويكثر الحديث عن سوق المال في الصحف والمجلات الغير متخصصة، وكذلك بين العامة من الناس، وبالتالي يبدأ المتعاملون بتصديق موجة التفاؤل هذه ويقوموا ببيع أملاكهم والدخول في قمة السوق . وتكون النتيجة ضياع أحلامهم وأمالهم ومن قبل اموالهم . وبدلا من أن يضعوا اللوم على طريقة تعاملهم مع السوق يتم وضعه على " مضارب السهم " ذلك المجهول الذي يتحمل اخطاء المضاربين ودعواتهم .