اليوم - السعودية ثمة مَدرسة إعلامية تقول: «أن تكون في الاعلام خير من أن لا تكون»، فهناك من يرحب بأي تغطية وتناول حتى لو كان سلبياً تشويهياً ليرد عليه، فيعني ذلك شهرة، وهناك من يربط بين الشهرة والأهمية والتأثير. ومع ذلك، فتتفاوت المنطلقات من الاعلام بتفاوت الأشخاص ومصالحهم، أما هذا وقت فصعب بالفعل، فمن العذاب اليومي الذي يتعرض له الواحد منا أن تصم أذنيه أحاديث النميمة وإغار الصدور، جماعات غير راضية عن بعضها البعض، وتهتك من أجل ذلك كل المحرمات وتبيح كل المحظورات، ولا أعني هنا بعداً محدداً، فالقضية تجاوزت التناحرات الطائفية إلى النميمة حول كل شيء وأي شيء، بل هناك من اتخذ هذا النحو كطريقة حياة. شخصياً، أجد أن ذلك نوع من ملوثات البيئة؛ كما الضوضاء والغازات السامة. تأثير النميمة والنميمة المضادة خطير جداً على أي مجتمع، فهي تؤدي لأمور كثيرة في محصلتها تفتت المجتمع تفتيتاً مضيعاً للهيبة وللثروة وجالباً للضعف ولأطماع الغرماء. وبوسعك تطبيق هذا الأمر تصاعدياً على أسرة أو جماعة أو قبيلة أو طائفة أو نقابة أو جمعية أو مدينة أو بلد أو حتى أمة كأمتنا العربية أو الاسلامية. وما اصطلح على تسميته نميمة هو أقرب ما يكون في سلوكه للبكتريا؛ لا تعرف إلا ان تنقسم، فالانقسام والتفتت بالنسبة لها طريقة حياة، بل هي الحياة ذاتها طولاً وعرضاً. وتناول الأمر ليس تناولاً مثالياً، بل لأقول إن من مهام المركز الوطني للحوار هو أخذ بؤر التنابذ والشحن والاختلاف والتشاحن، أياً كان مصدرها وتوجهها، ودفعها للسطح وتسليط أضواء الاعلام عليها، ومواجهة المتنابذين والمتناحرين بعضهم البعض، لتفويت فرصة أن يسعى كل طرف استقطاب المجتمع مما لا طائل منه. وإن كان من طائل مما يتناحرون حوله فسيظهره الحوار والنقاش للعيان، وسيستحق أحد الطرفين أن تميل معه الجموع. ورغم وجود خبرة ومعرفة كاملة بأساليب مكافحة النميمة، إلا أنها لا تتبع! فمن مرتكزات النميمة الفردية أو الجمعية غياب الطرف المستهدف بالنميمة، وقد أكدت الحكمة الفرنسية خطورة هذا النهج عندما قالت: «الغائب دائماً هو المخطئ». ما الحل للتخلص من نشاط النميمة المنظمة؟ ذات الحل الذي يتبع لمكافحة الحملات الاعلامية السلبية أو التشويهية؛ بتفنيد ما يقال بمصداقية. وهذا ما نلاحظه في الحملات الاعلامية والحملات المضادة سواء في قنوات الاعلام التقليدية أو الجديد. لكن الأمر أكثر تعقيداً مع النميمة المنظمة؛ فهي حملات تشويهية خفية، تدار وتنشط من «وراء ظهر» المستهدف. ولعل من أبرز الأنماط مجالس النميمة التقليدية أو الجديدة والتي تتجلى بما يعرف بال «جروبات»، فتجد بعض مجموعات «الواتسأب» تعج بالخوض في أعراض غائبين قد يصل للتحريض دون دليل. ولا اعتراض على النقد البناء أو حتى الانتقاد المبني على أدلة لم يصطنعها الشخص اصطناعاً. ادرك أن في هذا مثالية، لكن لا بد من العودة دائماً لما قام عليه المجتمع من قيم سامية، إذ لا يصح التفريط فيها تحت أي مسمى أو تبرير، ولا يصح كذلك الرد على النميمة والتشويه بنميمة وتشويه؛ فالخطأ لا يبرر الخطأ. تويتر @ihsanbuhulaiga