الكويتية - الكويت سمعت وقرأت الكثير عن قلوب بيضاء لا تعرف الحقد.. فأين ومن هم أصحاب تلك القلوب؟ ولماذا لا نكون جميعا من أصحاب القلوب النقية؟ فما الحقد إلا شعور يفضي بصاحبه إلى النزاع واستغراق العمر في غم وحزن.. وما هو إلا مصدر للرذائل, كالحسد والافتراء والبهتان والغيبة.. من واقع تجربتي البسيطة والمتواضعة والمحدودة في هذه الحياة، شعرت أو ظننت أنني عرفت الحقد عندما جرحني البعض ووضعوني في مواقف أقل ما يقال عنها إنها قاسية.. شعرت بكراهية شديدة للبعض بعد أن جمعتني علاقة طيبة بهم، وبغض النظر عن الظروف حاولوا إيذائي، فشعرت ببراكين من الكراهية تتفجر تجاههم، «ظننت أنني حاقدة، ومن غيظي فكرت كثيرا بالانتقام»، لكن سريعا ما أنسى بعد الغضب! ولم أتجرأ للحظة على الإقدام على فعل يسيء لهم، لأنني أسيء لنفسي أولا! تمر الأيام والشهور والسنون لأكتشف أنني اليوم فقط حاربت ذلك الشعور، بل بعيدة عن حرب ضروس مع النفس.. ومازلت أتمنى لهم الخير، لكنني أغلقت الدفاتر بابتسامة أحب أن أسميها ابتسامة تسامح نقية، على الأقل من جانبي. دروس الحياة كثيرة.. ولكل منا قصة، لا بل ألف قصة مع هذا وذاك.. هنا وهناك.. قد نكون في عيون الآخرين الأكثر سوءا، لأنهم أرادوا أن يرونا هكذا عندما عجزنا عن إرضاء طموحاتهم، وقد نكون في عيون الآخرين الأكثر روعةً دون أن نلتفت لسماعهم.. وقد نكون وقد نكون.. لكن ماذا عنا وكيف نرى أنفسنا.. هذا الأهم؟ أحب دائماً أن أذكر بعضا من تجاربي البسيطة في مذكراتي، لعلها تجد مكانا في أجندة تقويم وتهذيب الذات لدى البعض، الذين يتأثرون بتجارب غيرهم.. مع أن المثل يقول «كل إنسان بيتعلم من كيسه»! أي من تجاربه.. لكن تخيلوا أنني سامحت أشخاصا أعرفهم وجها لوجه ولم أتجرأ على أذيتهم، فلماذا أنت أيها المتصفح تسيء لذاتك من خلال حقد إلكتروني إن صح التعبير وترمي سمومك وحقدك وكلماتك الفظة، ظنا منك أنك أحسنت «الطقطقة» أو لتلفت انتباه متابعيك في مواقع التواصل بأنك «القبضاي» أو لديك جهاز كشف النوايا فلا تتردد في إطلاق التهم ورصاص الحقد في كل صوب، وأنت فعليا لا تعرف محدثك، ولم يتعرض لك، بل كل ما في الأمر تحكم عليه بطريقتك التي أردت؟! دعونا نهذب أنفسنا دائما ونسامح ونغلق صفحات الألم.. فهل أنت حاقد؟ وعلى من؟ وهل تعلم أن الحاقد هو ساقط الهمة, ضعيف النفس, واهن العزم, كليل اليد؟ قال الغزالي: إن من أذاه شخص بسبب من الأسباب وخالفه في غرضه بوجه من الوجوه، أبغضه قلبه وغضب عليه ورسخ في قلبه الحقد عليه، والحقد يقتضي التشفي والانتقام، وقد يحدث الحقد بسبب خبث النفس وشحها بالخير لِعِبادِ الله تعالى. ألست مؤمنا؟ ألا تحب الخير لأخيك كما تحبه لنفسك؟ إذن لا تكن من الحاقدين وهذب نفسك وتجنب خبثها، واجتهد على أن تكون الأفضل دائما، من أكبر الأمور إلى أصغرها، فأصحاب القلوب النقية البيضاء قلائلُ في هذه الدنيا.. كن واحداً منهم في زمن استشرى فيه الحقد إلى حد السخط والانتقام نتيجة سوء الظن في الخلائق! لست ساقطة همة! لست ضعيفة نفس.. ولست واهنة عزم.. لذلك لن أحمل حقدا ولا ضغينة، ولن أفسح للنقمة أو للغل مجالاً، لأنني قررت أن أمضي في رحلة مع أصحاب القلوب البيضاء التي لا تعرف إلا النقاء مهما حدث، فسامحوني إن أخطأت، والتمسوا لي عذرا إن جرحت.. إنني راحلة معهم في رحلة هي الأجمل.. هل سترافقونني؟ آلاف المقاعد تنتظر؟ لكن مهلاً! لا مكان إلا «لقلوب لا تعرف الحقد». -- T: @OlaAlfares E: [email protected] علا الفارس