الاقتصادية- السعودية تتعدد مسؤولية المحاسب القانوني عند قيامه بعمله، فالمحاسب مسؤول عندما يبدي رأيه المهني أمام الخالق- سبحانه وتعالى- أولاً وقبل أي مخلوق، وهذه المسؤولية المهنية تنعكس إيجابياً بدقة الرأي المهني الذي تُجنى ثمرته لدى متخذي القرارات عندما يعتمدون على هذا الرأي المهني للمحاسب القانوني عند الشروع في اتخاذ أي قرار تجاري أو استثماري. وبالتالي، فإن مبدأ المحاسبة الذاتية يجب أن يكون موجوداً لدى المحاسب القانوني بشكل دائم، ولا يمكن فصله عن عمله المهني. هذا إضافة إلى دور الجهات الرقابية على عمل المحاسب القانوني، التي تتأكد من التزام المحاسب القانوني بالضوابط العامة وآداب وسلوك المهنة، ولا تنحصر مسؤولية المحاسب القانوني في هذا الأمر وحسب، بل تمتد إلى مسؤوليات أخرى، سواء بشكل مباشر على المهنة، مثل تطوير نفسه والمساهمة في تأهيل وتدريب كفاءات مهنية من أبناء الوطن ومسؤوليات أخرى تدخل في هذا النطاق، أو بشكل غير مباشر، وهي مسؤولية المحاسب القانوني تجاه مجتمعه، والمعروفة بالمسؤولية الاجتماعية. فالمسؤولية الاجتماعية ليست محصورة فقط في الشركات الكبرى التي غالباً ما تكون لديها مبادرات تجاه معالجة قضايا اجتماعية بغرض خدمة المجتمع والرفع من نوعية الحياة بما يحقق نوعاً من التناسق بين متطلبات المجتمع وتوجهات هذه الشركات. ولا يعني ذلك أن الشركات الكبرى هي المسؤولة فقط عن خدمة المجتمع والمساهمة في حل قضاياه، بل إن المسؤولية الاجتماعية أمر يسأل عنه الفرد كذلك، فهو مفهوم يتعين على كل فرد ومجموعة الالتزام به بما يخدم مجتمعه. ولا يختلف المحاسب القانوني في هذا الدور، سواء كان فرداً أم شركة، ويتعين عليه العمل على ترسيخ مفهوم المسؤولية الاجتماعية، خصوصا في القضايا التي تخدم مجتمعه، وهناك عدة قضايا يمكن للمحاسب أن يخدم المجتمع فيها، ولا تخرج عن نطاق المسؤوليات المنوطة به، ولا يمكننا في مقالنا هذا أن نقدم أمثلة متعددة لما يمكن للمحاسب القانوني عمله في هذا المجال، حيث إن الأمر يلزم أكثر من مجرد مقال، لكن هناك قضايا محددة تهتم بها الدولة بوجه عام وتقدم حلولا ومبادرات لترسيخها في المجتمع، وكذلك بعض الشركات. فقضية مثل توفير بيئة عمل مناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة وتحفيزهم ليس للعمل وحسب، وإنما حثهم على الإبداع والتميز في أداء عملهم، هي قضية مهمة ويجب نشر الوعي بين المجتمع أن هؤلاء الأشخاص يمكنهم أداء العمل بشكل رائع إذا ما وفرت لهم بيئة العمل المناسبة. وهنا تأتي مسؤولية الجميع بمن فيهم المحاسب القانوني للعمل على زيادة الوعي بأهمية هذه القضية، التي تخدم المجتمع بوجه عام ويقوم فيها المحاسب القانوني بإبراز دوره في المسؤولية الاجتماعية من خلال التوعية والمساهمة المباشرة أو غير المباشرة في زيادة الوعي بالقضايا التي تهم مجتمعه.